الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 13th December,2004 العدد : 87

الأثنين 1 ,ذو القعدة 1425

قصة قصيرة
ابن خلدون
نورة بنت سعد الأحمري
بصوت مبحوح خافت الحروف.. لماذا.. لماذا؟؟
كيف تعدم أحلامنا في مهدها..؟؟
كيف تسرق أمانينا من بين أيدينا؟؟
هل سيصدق عدنان ولينة في مقدمتهما الشهيرة.. في عام 2008 اندلعت الحرب العالمية الثالثة.. هل سيسرق منا كل شيء حتى الحزن.. هل وهل..!!
ما الدافع خلف إصرار الشر على تدميرنا؟؟
وتسير المركبة وتدور عجلاتها فيزداد دوران رأسي بالأفكار..
تقف دمعة حائرة تريد الانتحار في بركة خدي الذي بات مسبحاً للأحزان، وأخرى تريد لنفسها الموت بطريقة العشاق، فتقطع وريد الحياة من يدها؛ لتنزف وتنهمر مترنحة.. وتظل الدموع تعبر معي شوارع الدمام الرطبة في مثل هذا الشهر، أغسطس من كل سنة، الذي تتعالى فيه حرارة الأجواء، وتتعالى معه حرقة قلبي.. أعبر شارع الكورنيش والأنوار تتداخل ألوانها مع حيرة دموعي.. هياكل البشر يكتظ بها الشارع، فلم أعد ألمح لون الحياة في الوجوه.. أنظر في مرآة المركبة الأمامية فأشاهد موميا تلوح لي بالمغادرة، ترقب فقط لحظة الانفراج لتسقط على أرض صلبة
فتتهشم.. ولم تزدني الخيمة السوداء إلا ألماً، فقد لمحت السماء تمسك بطرف شارع المزارع لتلتقي معه في مقهى الخوف الذي بُني للتو.. كيف يطلقون عليه شارع المزارع وهو الآن يزرع الدموع على أهدابي؟! أليس من الأجدر تسميته شارع الدموع فها هو يشهد انتحار دموعي؟!
تماسكت وأنا أمنِّي نفسي بأن القادم أجمل.. لأنعطف يساراً وأتوه في شارع ابن خلدون، ورسائل الخوف تتواصل بين دموعي؛ ليسري بي ماس كهربائي يقدح بالشرر من تلك الأعمدة التي تمتد على جانبي الطريق.. فأشعل ماسحة الماء لتمسح رطوبة أغسطس عن عيون الطريق؛ ليقفز
بين دموعي شكل السكين وهو يهوي على أوصال اللحم ليقطعها دون أن يشعرها بألم.. وتظل المركبة تسير وأنا أستمر في الخيال الدامي الحزين لتصبح المركبة في تصوري سكيناً تقطع الشاعر نصفين، فلا تسيل منه الدماء، أو قد تسيل ولكنها لا تبدو واضحة في سواد المكان.
يا إلهي.. أيعقل ألا تسعفني الكلمات وأنا هنا في شارع ابن خلدون؟! أين العلامة ومَن برع في فن التاريخ وعلم الاجتماع؟! هل له أن يترك أحزاني هكذا تدونها حرارة القلب ولا تمسحها دمعة منفلتة؟! ترى لو علم بي وأنا أجوب مكانه أبحث عن مكان انتماء لأدفن أحزاني، ماذا سيقدم لي؟؟
هل سيعود بي إلى عالمه، أم أنه سيبقى معي ليرى البشر وقد غدوا ممسوخين كالنعجة دوللي؟! وكيف أتقن الفضاء تربية العقول الماجنة التي لا تتحرك إلا على الوحدة والنص ومحلات الغث التي اكتظ بها المكان لبيع الفراغ؟!
ابن خلدون.. كيف أضعتني وسط الأفكار وأنا الرابضة في انتظارك؟!
وفجأة، أسمع الكابح بصوته المخيف فأعلم أن الدمعة قد اصطدمت بعمود الإشارة.


461425هـ
Noora436@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved