الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th February,2005 العدد : 93

الأثنين 5 ,محرم 1426

نصف قرن من العطاء
علوي طه الصافي
الحديث عن الصديق الغالي الأستاذ (علي محمد العمير) حديث (استثنائي) لأنه يتجاوز ما اعتاد عليه الكتَّاب في المناسبات العابرة.
وهذه المجلة حين تحتفي به في هذا العدد إنما تحتفي بأديب له بصمته الخاصة على دفتر أدبنا وثقافتنا، وله أثره وتأثيره في مشهدنا الأدبي والنقدي، وله مكانه ومكانته على خارطة أدباء المملكة الذين أثروا الساحة، وهو بنتاجه الخاص، إضافة إلى إسهامه من خلال دار النشر الخاصة به (دار العمير للثقافة والنشر) في إصدارات الكتب المتنوِّعة، والمتعددة متجاوزاً بها كل العراقيل والإحباطات!!
وهذا يعكس روح (التحدي) عند صديقنا الكبير العمير.. هذه الروح التي جعلته صلب الرأي لا يحيد عنه ولا يماري، ولا يضعف أو يستكين، لهذا عرف في الوسط الأدبي والنقدي بمعاركه الساخنة مع كبار ودهاقنة الأدب ليس على مستوى المملكة فحسب، بل على مستوى الوطن العربي، وكتبه تشهد على ذلك لأن شهادتي مطعون فيها بصفتي شقيق روحه الصادق الصدوق، وتربطني به صلات فكرية، ونفسية، وإقليمية متينة وتاريخية موغلة في القِدم والمكان والمكانة، أمتن وأقوى ومختلفة عن صلات الصداقة العادية التي تربط الأصدقاء الآخرين بعضهم ببعض، ويعدني كاتماً لأسراره، كما أبادله الشعور نفسه.. وحبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام يقول: (الأرواح جنود مجندة ما تآلف منها ائتلف، وما تناكر اختلف).
وحين يراجع الإنسان مسيرة حياته يجد أنه يتميّز إلى جانب روح (التحدي) بنزعة (الطموح) التي لا تلين ولا تستسلم، وهي نزعة إنسانية فاعلة ومتحرِّكة تتحدى الصعاب، ولا تضعف أمام العقبات.
وحسب معرفتي به لم أجده
شاكياً، أو متشاكياً في أي يوم من الأيام رغم علمي بما يمر به أحياناً من ظروف قاسية، ومعانات شرسات فكأنه (سيزيف) كما تروي الأسطورة اليوناينة.
ومسيرة حياته العامة، والأدبية لم تكن قصيرة، وفي الوقت نفسه لم تكن ساكنة، بل كانت تتميز بالحياة والحيوية، والعمل والأمل، فهو ممن لا يعرف اليأس طريقه إلى نفسه، ويقاوم الفشل بالعمل، دون أن يلتفت إلى خلفه، وعيناه دائماً تنظران إلى الأفق أمامه، وإلى غد جديد حافل بالطموح المتشامخ نحو ما يحقق لذاته ووطنه من سؤدد وتقدّم وتنمية شاملة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، كأن الحياة عنده زمن واحد يتمثَّل في (الغد) فقط، وهو ما يجب أن يعمل له، ويحشد له إمكاناته وقدراته، وفكره وتفكيره!!
لقد عمل في حياته في أكثر من عمل وكان في كل عمل يقوم به، أو يوكل إليه مبرزاً وناجحاً، لأنه يمتلك القدرة على الاستيعاب النابه، والتكيُّف العملي، والإبداع الذاتي.
وإذا كان اليوم في سن تجعله يخلد إلى الراحة بعد عناء رحلة ماجدة، إلا أنه يفاجئ المجتمع الأدبي والثقافي من حين لآخر بعدد من إصدارات الكتب عن دار نشره الخاصة له ولغيره، وهذا لا يدهشك وحده، وإنما الذي يدهشك أنه يقوم شخصياً بكل أعمال الدار دون أن يساعده أحد!!
وهو يقوم بهذا النشاط الوطني رغم ندرة أو انعدام المردود المادي في مجتمع لا يقرأ الكتب وبخاصة الجاد منها، مجتمع تنصب اهتماماته القرائية على الرياضة، والمجلات الفنية المصوّرة التي يقبل عليها المراهقون مع الأسف الشديد!!
وبعد، ماذا يمكن أن أقوله عن شقيق روحي (العمير)؟ إن الحديث عنه لا ينضب، ولكن لا يفوتني في النهاية أن أتقدَّم بخالص الشكر والتقدير لهذه المجلة ممثلةً في شخصية ربانها الأستاذ المثقف (إبراهيم التركي) لالتفاتها الكريمة المتمثِّلة في الاحتفاء بالعمير الذي يستحق هذا الاحتفاء عن جدارة تقديراً لما قدَّمه من عطاءات نبيلة لأدبنا وثقافتنا طوال نصف قرن تقريباً.
وهذا الاحتفاء يأتي في سياق خطتها بتكريم الرواد السابقين واللاحقين لتعريف هذا الجيل بما قاموا به من أدوار تذكر فتشكر.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved