الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th February,2005 العدد : 93

الأثنين 5 ,محرم 1426

الوجه الأول للحقيقة
عبدالله فراج الشريف
لملحق (الجزيرة) الثقافي والأدبي، أو لنقل لمجلتها الثقافية في طورها الجديد في نفسي مكانة خاصة، فهي دوماً تبادر لإنعاش ذاكرتنا الثقافية، عندما تصنع هذا الوفاء، عن طريق تقديم ملفات عن مفكرينا وأدبائنا، ونحن القوم الذين تلهيهم وقائع الحياة اليومية إن لم تشغلنا أن نقول لمن أسدى الينا معروفاً، وأجمله ما ينهض بحياتنا الثقافية والفكرية شكراً، وان نشيد بكل مبدع بذل أقصى جهده لخدمة هذا الوطن، حتى وإن توارى عن أنظارنا لسبب أو لآخر، وها هي المجلة تقدم ملفات وفاء لأديب ناقد قد كادت ذاكرة المثقفين ألا تستبقيه فيها.. لا أدري لماذا؟ أهي الخشية من قلمه السهم النافذ، أو حدة عباراته عند ممارسته النقد، أو كليهما، ألا وهو الأستاذ علي محمد العمير الأديب الناقد وقبل ذلك الكاتب الصحفي، الذي راج اسمه عبر صفحات الصحف والمجلات عبر عقود عمره المديدة بإذن الله، باسمه الصريح وباسماء مستعارة متعددة فهو حيناً (صعصة) وآخر (أبو فوزي)، أو (فوزي العمير)، وأخيراً (أبو هند)، وقد خلد بداياته الصحفية والأدبية على مدى ما يزيد عن عقدين في كتاب متداول.. هذا الأديب الشهير لم يكتف وهو شاب غض الايهاب بمزاحمة أقرانه، بل طمحت همته الى مزاحمة الكبار من الأدباء والكتاب ورجال الصحافة، ومقالاته الساخرة الساخنة شاهدة على ذلك وأكثرها مجموع في كتب منشورة، تقدم لنا الصورة الحركية لنشاط العمير الدائم منذ أن أمسك القلم، وحتى أيامنا هذه، التي يكمن فيها فيغيب عن الساحة مضطراً او برغبة، يسترجع فيها بعض ذكرياته الثرية، ثم يعود إلينا بما يذكرنا به ناقداً اشتهر بنقده الساخر الساخن، وقد اشتهر العمير في بداياته بالمعارك الأدبية، التي يراها من ضرورات النقد ويرى أن الحقيقة فيها لها وجهان: الأول والأساس منهما أنه مهما بلغ عنفها تخدم الأدب خدمة جلى، حيث تعمل على تنشيطه، وتفرض على الأدباء أن يحاذروا نشر السفاسف، خوفاً من ان يقعوا تحت مطرقة النقد والنقد عنده إن لم تصل حرارته الى درجة معقولة فإنه يصبح مجرد تقريض أو مجاملة أو (طبطبة)، بل إنه يذهب الى أبعد من ذلك فيقول حينئذ لابد وان يكون النقد على درجة من الحرارة تصلح أن تكون رادعاً لأصحاب التجاوزات والانتهاكات، حيث يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وحرارة النقد عنده مجرد غضبة أدبية لوجه الحق، وضد الانتهاكات التي يمارسها بعض الأدباء ضد الأمانة الفكرية أو الأدبية او التاريخية، وتكون تلك الانتهاكات صارخة بالجهل أو بالهوى والغرض، وقد انتجت حدته هذه معارك أدبية وتاريخية اثرت الساحة وحركت راكدها، وهو ان كان شديداً في نقده لبعض الأدباء إلا انه يتبرأ من قصد التجريح، فعبارته وان لم تخلُ من حدة أو لذعة سخرية فإن القصد منها المداعبة والمفاكهة، فليس لديه كما يصرح دافع للتجريح، وهو في أكثر الأحيان لا يكون على معرفة شخصية بالأديب الذي ينقد نتاجه، وهو يرى بكل البراءة الممكنة أنه من حقه ابداء الرأي في أي كتاب يقرأه، او موضوع أدبي يعن له، حتى ولو كان الرأي مخالفاً لرأي أحد كبار أساطين الأدب، إن العمير حفر في الصخر بأظافره، ليجد له مكاناً في المقدمة، منذ قدومه من قريته ليدرس بالمعهد العلمي بصامطة، وحتى عمل موظفاً حكومياً، وعبوراً بعمله الأهم في الصحافة، الذي بلغ فيه ان كان يوماً مديراً للإدارة العامة لمؤسسة البلاد ثم ادارته لتحرير مجلة الجزيرة قبل ان تصبح جريدة يومية، وعبر كتاباته التي تواصلت في الصحف والمجلات، وكانت لافتة بإبداعاته المتلاحقة، ثم عبر تأسيسه لدار نشر طبعت مجمل نتاجه الأدبي والنقدي، فله من الكتب المطبوعة المتداولة فيما أعرف أربعة عشر كتاباً، في مختلف الموضوعات الأدبية والنقدية، سجل فيها وعبرها مشواره الثقافي، والحقيقة أن المطلع على نتاج العمير يستطيع أن يقرأ في حياة هذا الجنوبي الفارس القادم من جيزان رهافة الحس وبديع الأسلوب، السهل الممتنع، وهو الجريء في المواجهة عندما يرى ذلك ضرورة لا محيد عنها، لا يخشى في ذلك لومة لائم، وان مكتبته الثقافية المتنوعة ستبقى مصدراً لقراءة مرحلة مهمة في ثقافتنا المحلية، وسيبقى فيها الأستاذ علي العمير نجماً ساطعاً، وهو وان كان اليوم لا يطل علينا إلا نادراً، إلا ان ذاكرتنا تزدحم بمعاركه الأدبية، ولعلي بهذا قد أديت بعض حقه على ساحتنا الثقافية، وأنا من عرفه كاتباً ومؤلفاً يتابعه ويمتلئ إعجاباً بجرأته عند تناوله موضوعاته التي يكتب فيها، وان كنت لم ألقه قط.. وما هذا إلا جهد المقل، وحبذا لو كنا دوماً نتذكر شخصياتنا العلمية والأدبية والفكرية ونحتفي بها ونقدم لها الجوائز ليحيا الوطن بهم ولتزدحم مسيرة الإبداع، فهل نفعل..؟ ذاك هو ما أرجوه، والله ولي التوفيق.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved