الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th March,2005 العدد : 97

الأثنين 4 ,صفر 1426

تيار الحداثة والنقد غير المبرر «3»
*د. سلطان سعد القحطاني
وبعد هذا التقديم السريع للدراسات النقدية الغربية حول النص الحداثي، وسبب خروج هذا المصطلح على الكنيسة والتحرر من قيودها الظالمة، نعود إلى المحاولات النقدية التي ظهرت مضادة للحداثة في العالم العربي، وأن أتعرض لكل ما دار في العالم العربي، وسأقصر الحديث على بعض الآراء المتطرفة ضد هذا التيار بطريقة غير علمية، وإذا كانت هذه النصوص قد ظهرت بشكل مكشوف منافٍ للذوق العام، من وجهة نظر نحترمها، وأوّلها البعض على أنها من الحداثة، فقد جانب الصواب في ذلك، وإذا كان الأمر تعميماً على كل ما ظهر في الأدب العربي السعودي الحديث، فالأمر أسوأ ما نتصوره، وإذا كان البعض يطلب من المبدع أن يكون مصلحاً، بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى، فذلك من الخطأ، فالمبدع معبر عما في داخله، وهذا ليس مطلقاً أيضاً، فلكل شيء حدوده، والنقد من حق الجميع، والنقد الأدبي على وجه الخصوص، متعلق بالنص وليس بصاحب النص، ونحن نقر أن بعض النصوص التي ظهرت كانت مستفزة للمشاعر، ومجانبة للواقع، ولكن هل خرج نقد يوازي الإبداع، أو لنقل النصوص، وإن لم يكن فيها شيء من الإبداع، لقد خرج ما سمي بنقد، وفي الواقع أنه أبعد ما يكون عن النقد، إذا عرفنا النقد: بأنه تحليل النص وإعادة قراءته بطريقة فنية، فالنقد اليوم إبداع في حد ذاته، وليس من السهل التعامل معه إلا من متخصص يعرف كيفية التعامل، وقد اجتهد بعض الطيبين في نقد أصحاب النصوص التي تنشر في الصحافة، وليس النصوص نفسها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لم يصن هذا التيار لسانه عن الفحش، وهذا التيار ظهر في مرحلة الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، وكان الأجدر قراءة النصوص وتحليلها وإنصاف من يستحق الإنصاف، وعدم التهجم الشخصي على أصحابها ونعتهم بالكفر والمروق عن جادة الإسلام، وإحداث الفتنة والقذف المباشر لأخلاقهم، واحترام ذوق الآخرين من النعوت المقززة، مثل (حاخام الحداثة، وتلمود الحداثة، والجحور المعفنة....).. وانطلق البعض من فكرة جاهزة واحتج بأن الصحافة يسيطر عليها التيار الحداثي الذي منعه من المشاركة فيها، فاتجه إلى تسجيل الشريط، والمنبر الذي أتيح له اعتلاؤه بحسن نية، فلم يحسن استغلاله، فنسب أسماء إلى الحداثة والكفر وهي ليست كذلك، وصب جام غضبه على من منعوه من الكتابة في الصحف، وكفرهم جميعاً, ونحن لا نبرئ من كانوا على سدة الصحافة في ذلك الوقت من التحيز للمذهب الحداثي، ولكن كيف يجوز نشر ما وجدناه مخالفاً للعرف والدين في هذه الأشرطة والكتب السقيمة الخالية من المنهج العلمي السليم!!.
وبرز في هذا الميدان مجموعة من المطبوعات، فرغت فيها الخطب ونشرت، بما لا يتفق والذوق والعلم في آن واحد، مثل (الحداثة في ميزان الإسلام، لعوض القرني، والحداثة في منظور إيماني، لعدنان النحوي، وفي خيمة النص، لعلي التمني...)، وبما أن هذه المطبوعات متشابهة في المحتوى، فلن أتعرض لها جميعاً، فواحد منها يكفي عن البقية، وإن كان البعض منها أقل ضرراً من الآخر، فالنحوي على سبيل المثال يكرر كلاماً قيل منذ ظهور تيار الحداثة في الخمسينيات، ويركز مقاله على أصحاب مدرسة شعر اللبنانية، وعلى أدونيس بالذات، بشكل ينم عن احتقان مسبق، وإن كان أدونيس في مقارناته لشعراء العربية في العصر الذهبي، مثل المتنبي والبحتري وأبي نواس وأبي تمام بشعراء الحداثة، لا رامية ورامبو وعزرا باوند، وغيرهم، مقارنة فيها من الشطط ما فيها، فأولئك لهم مدارسهم الفنية والأخيرين لهما مدارسهم الفنية في مجتمع يختلف، وظروف زمنية لها خصوصياتها، ولا أظن هذه المقارنات قد جاءت بجديد، فتجديد البحتري وأبا تمام من داخل المنظومة الشعرية، وشعراء الحداثة الأوروبية سنّوا قوانين شعرية مختلفة عن النمط العربي في بناء القصيدة، وعلى أي حال لم يكن نقد النحوي للنص الذي قدمه أدونيس عن هذا الفن بنوعيه (الغربي والعربي) بقدر نقده للكاتب في شخصيته، وهذا كلام خطابات سجالية وليس نقداً للمحتوى بالطرق العلمية.. وسيبقى السؤال قائماً: هل إشكالية المصطلح النقدي عند هذه الفئة هي التي سببت هذا الخصام الشديد، أم أن هناك أسباباً أخرى وراء هذه الأعمال غير المنهجية؟.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved