الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th March,2005 العدد : 97

الأثنين 4 ,صفر 1426

من الحقيبة التشكيلية
الساحة التشكيلية تفتقد رواد الأساليب وهناك فرق بين التأثر والتقليد
محمد المنيف

مع أن حركتنا التشكيلية في المملكة ما زالت في ألف باء من سبقونا من الحركات المشابهة في دول عربية أخرى مثل مصر والعراق والسودان وسوريا ومن الخليج تأتي المرحلة الثانية في الكويت ثم البحرين فالسعودية ثم الإمارات، والأخيرتان متقاربتان في الانطلاقة منذ عام 1974 تليها عمان إلا أننا مقتنعون وفخورون بهذا الإنجاز السريع كحضور ومساهمة ومنافسة إلا أن في العودة إلى الواقع ووضعه تحت مجهر الفحص والتمحيص والغربلة نجد أن هناك أموراً كثيرة أغفلت من قبل الجهات التي عنيت بهذا الفن مع عدم إلمام وملاحظة الفنانين أنفسهم بها باعتبارهم أكثر مسئولية وأكثر تحملاً لما نتج عنها.
تلك الأمور تتمثل في عدم الفهم الحقيقي لدور الفن وما يعنيه البحث والتجريب لتحقيق الأساليب أو النهج التشكيلي المحلي الذي يمكن لنا أن نضعه بثقة بين الأعمال الفنية الأخرى في أي معرض عالمي دون أن يكون فيه شيء من التبعية أو التقليد الأعمى، فقد كان للاندفاع في البحث عن التواجد والحضور والمشاركات لهدف الشهرة أو لحصد جوائز ما أثار زوبعة حجبت الرؤية عن المطلب الحقيقي إلا من بعض الفنانين وهم قلة قليلة استطاعوا أن يحافظوا على هذا المنطلق مع أن تجارب من سبقونا كانت حاضرة في عقول الفنانين المثقفين ممن تلقوا تعليماً متخصصاً في المجال أو ممن اكتسبوا وتلقوا المعرفة والقدرات بجدية من مشارب مختلفة فهم يعون أن هناك من الفنانين العرب أوجدوا صفات وخصوصية لإبداعهم أصبح للمتلقي معرفة من أي قطر عربي ينتمون ولنا في الفن العراقي الكثير من الشواهد، منهم على سبيل المثال الفنان خالد الجادر وفائق حسن وشاكر حسن آل سعيد، وفي مصر الفنانان راغب عياد وصلاح طاهر، ومن سوريا فاتح المدرس ونذير نبعه مع الاحتفاظ بما يمكن أن يكون أيضاً مرحلة خطرة في حال عدم فهم معنى انتهاج الأسلوب أو إيجاد صيغة أو قاعدة ومنطلق للصفة التي يجب أن يتصف بها الفن المحلي، كما أصبح للفن العراقي والمصري ملامح خاصة ومرجعية بصرية متميزة فمن تلك الأخطاء أن يصبح الأمر مجرد استنساخ أو تبعية ساذجة لمن قبلنا من أصحاب التجارب وقد كان هناك الكثير من علامات هذا التوجه رأينا بعضها في أعمال لدى بعض الفنانين تقترب كثيراً من أعمال الفنان الدكتور عبد الحليم رضوي إلا أنهم تجاوزوها في وقت مناسب وهناك أيضاً أعمال لامست وقاربت أعمال الفنان الراحل السليم، كما نشاهد أيضاً الاستنساخ المباشر في أعمال الفنان عبد المحسن أبا حسين والمحاولات القديمة أيضاً من الفنان الدكتور سلطان الزياد قبل سفره للدراسة العليا ومطابقتهما لأعمال الفنان علي الرزيزاء، وهكذا الأمثلة كثيرة، منها أيضاً استنساخ تجارب الفنانين العرب أو الغربيين من قبل بعض الفنانين في مختلف الأساليب في اللوحة أو في النحت وتوأمتها مع أعمال الفنانين العالميين كذلك الاتجاه إلى الحروفيات التي استلهمت من أعمال فنانين ممن سبقونا بالتجربة وحاولوا مؤخراً الانسحاب منها لعدم تحقيقها للهدف ومنهم الفنان ضياء العزاوي من العراق وأعمال الفنان التونسي نجا مهداوي فمثل هذا التشابه أو النسخ ما يجعل الفن المحلي يدور في حلقة مفرغة لا يمكن تجاوزها بسهولة ولهذا فنحن في حاجة ماسة لإعادة النظر في أهمية معرفة ما يمكن القيام به لتحديد الهوية والانطلاق منها نحو آفاق العالمية على أسس تحمل سمات حضارتنا وموروثنا الكبير فكراً وتقنية. فقد أصبح الفن المحلي يعيش في دوامة من المؤثرات والتأثيرات الحديثة دفعت بالكثير للقناعة بها وركوب موجتها بشكل ساذج تمسكوا فيها بالمظهر البراق مع علمهم خلوها من الجوهر فأصبحت معارضنا مساحة واسعة للتقليد والاستنساخ والتكرار.

وهذا الأمر لم يكن بعيداً عن واقع من لهم تجربة سابقة كالعراق ومصر وغيرها من الدول العربية، حيث لحق بها من تأثير التيارات التغريبية الغربية الكثير إلا أن امتلاكهم إمكانيات السيطرة على ذلك التحول والمتمثلة في وجود أكاديميات الفنون الجميلة والجمعيات والنقابات ما يجعلهم أكثر تحفظاً وحفاظاً على منتجهم الحقيقي وحمايته من رياح التغيير الشاملة التي تشهدها الثقافة العالمية في ظل العولمة وسعيها لتوحيدها بناء على رغبات وليس على ثوابت، ومن هنا ورغم عدم وجود ما يمكن الاعتماد عليه علمياً ومنهجياً كالأكاديمية أو نقابة للتشكيليين أو حتى جمعية تشكيلية مدروسة تحقق الطموح وتحد من هذا الواقع الجديد الذي أبعدنا كثيراً عن الهدف ما يجعلنا نبحث عن البدائل مع قناعتنا أن الأماني تحكمها الظروف وقد يغيبها الزمن ومع ذلك فبإمكان الفنانين تدارك هذه المرحلة عبر تقريب المسافات الوجدانية والإبداعية بينهم بعيداً عما يتم حالياً من تباعد وأن تصبح هناك لقاءات دورية يتم فيها تداول وتحليل ما يقدم من أعمال خصوصاً بين من أصبحوا ملمين بهذا الهدف العام الذي يعود بالنتائج للفن بشكل أفقي وليس كما يراه البعض بأن ما يستطيع القيام به لا يتعدى التعريف بذاته واستعراضها بشكل نرجسي لا يخرج منها عن حدود دائرة الأنا.
لقد مرت الحركة التشكيلية بعمر زمني قصير وأمام فنانيها الكثير من المهام وما برز من تجارب نشطة أخذت ملامحها في الثبات، خصوصاً البعيدة عن التقليد أو التكرار ما يجعلنا متفائلين بالقدرة على تجاوز انعدام التوازن.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved