Culture Magazine Monday  14/05/2007 G Issue 198
فضاءات
الأثنين 27 ,ربيع الثاني 1428   العدد  198
 

على مائدة التويجري (9)
د.عيد بن مسعود الجهني

 

 

أغنى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري ميادين كثيرة من ميادين الحياة، فأجزل البذل وأجاد، وأثرى ساحات شتى من ساحات العطاء خدمة للدين والوطن فتفرد في العطاء.

وبمثل كرم العطاء الذي عرف به، ظل يعطي ويجود، فقام بمجموعة من المشاريع الخيرية، ولم تقتصر مشاريعه الخيرية على وطنه وأبناء وطنه؛ فمثله مَنْ يتسع قلبه ليفيض بالرحمة على الناس في كل مكان، وتتسع نفسه لتجود بالخير على البعيد مثلما تجود به على القريب، ومن أمثلة عطائه خارج المملكة أنه انشأ قاعة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري بمركز الأبحاث بجامعة لندن الشهيرة.

وان كان الشيخ التويجري قد لقي مقابل ما قدم من أبناء وطنه حبا وتقديرا في النفوس، فإنه لطول ظله وامتداد فيئه قد وجد التكريم من مؤسسات عالمية وجامعات دولية عريقة، عرفت للرجل مقدراه وعلو شأنه وخالص عطائه.

ومن أمثلة ذلك التكريم تم إنشاء كرسي الزمالة باسم الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري بجامعة هارفارد ذائعة الصيت بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعني ذلك توفير منح دراسية للطلاب المتفوقين من مختلف أنحاء العالم للدراسة في الجامعة وبالأخص طلاب العالمين العربي والإسلامي.

كما أن الشيخ التويجري منح شهادة تقدير من جامعة جورجيا الحكومية بالولايات المتحدة الامريكية كإحدى الشخصيات المشاركة بالدراسة المتعلقة بصانعي القرار الاستراتيجي، إضافة إلى حصوله على عدد من الأوسمة والميداليات.

ومن صور التكريم التي حظي بها الشيخ التويجري أيضا حرص كثير من الشخصيات العالمية على مراسلته ومد حبال الود والصداقة بينه وبينها، وهو اعتراف بمكانته وإشهار بعلو قدر الرجل الذي يهتم بالعلم والفكر والتاريخ والسياسة وغيرها؛ ولذا فقد دعي إلى كثير من الندوات الفكرية خارج المملكة، وهو اعتراف بفضله مثلما هو احتفاء بفكره.

إن نفس الشيخ التويجري الوثابة للخير تلح عليه دائما ليلج كل مولج فيه خير للناس، وتدفعه دفعا للدخول إلى كل مدخل فيه منفعة لبلده وإنسان بلده، وهو بثاقب نظره وعميق فكره عرف أن في الكلمة خيراً كثيراً وأثراً بليغاً، وأنها تملك القدرة على الرقي بالإنسان روحا وفكرا ليرقى درجات التقدم الحضاري بوعي مبصر وبصيرة واعية.

وإيمانا من الشيخ التويجري بكل ذلك فقد دخل عالم الكلمة، فهو عضو مؤسس في مؤسسة اليمامة الصحفية، التي قدمت للوطن والمواطن خدمات جليلة في هذا المجال لا ينكرها إلا جاحد.

كما أن الشيخ عبدالعزيز التويجري دخل عالم الكلمة كاتبا ومؤلفا، وتزخر المكتبة العربية بالعديد من مؤلفاته المهمة المتميزة بلغت أربعة عشر مؤلفا، وجدت القبول من القارئ كما وجدت الإشادة والتقدير من النقاد والكُتاب والصحفيين، فكتاباته حلوة العبارة، عميقة الفكرة، سلسة الجُمل، محبوكة البناء، وهو شديد الالتزام بقضايا أمته، وثيق الارتباط بثوابتها، والكتابة عنده ليست ترفا فكريا، ولا وجاهة اجتماعية، ولكنها رسالة إنسانية، والتزام خلقي، وهذا يجده القارئ واضحا في كل كتاباته وفي كل صفحة من كتبه.

ويهتم الشيخ التويجري في كتاباته بالانفعالات الداخلية للإنسان، ويعتبر أن اكتشافها لا يقل شأنا عن اكتشاف مجاهل الفضاء؛ ففيه - أي في داخل النفس البشرية - تولد السعادة لا في النجوم والكواكب، وفي داخلها ينمو معنى الحياة الحقيقي لا في النجوم والمجرات.

ففي كتابه منازل الأحلام الجميلة يقول: (إذا يا ولدي، إذا كان إنسان اليوم يركب الفضاء، ويحاول أن يقبل فم النجوم، إذا كانت جماله من مواليد وعيه، ومن الكتاب الذي فيه خطت كل الأسماء فلنسارع نحن بدو الصحراء وعرب الجمال والحصان إلى حفر النفق في أرض الإنسان لنرى ما بدخله).

ولعل من الأشياء الجديرة بالملاحظة التي أعطت كتابات الشيخ عبدالعزيز التويجري نكهة خاصة، وقبولا واسعا، هو قدرته على التوفيق بين تمسكه بالثوابت وبتراث أمته وفي الوقت نفسه الانفتاح على حضارة العصر دون أن تجرفه معها إلى ماديتها البحتة أو دون أن تطمس هويته المرتبطة بدينه وعروبته وأصالته.

وهو بعقله الواعي وعاطفته الناضجة يدعو قومه إلى أن يزاوجوا بين هذه وتلك، ففي كتابه ذكريات وأحاسيس يقول: (لا أتساءل وعقلي معتقل بهوامش التاريخ، أبدا، فليس على عقلي عصابة تعمي عليه أن يرى ما يجري في هذا العصر من علوم إذن الله، أمنيتي أن تصاب أمتي بعدوى هذه العلوم لتكون أمة منافسة لأمم العصر الكبرى، فنحن أمة لا يملأ مكانها في هذا العالم غير أن تتذكر تاريخها وتسعى إلى استحضاره، قولا وعملا، لكي لا يراها العالم أمة متخلفة عن الركب فيشك في كل ما لها في التاريخ من سمو وحضارة وعلوم).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة