Culture Magazine Monday  14/05/2007 G Issue 198
نصوص
الأثنين 27 ,ربيع الثاني 1428   العدد  198
 
الثوب الأبيض
نورة عبدالعزيز العقيل

 

 

اندفعت عجلات السيارة، وقعت عيناي على عداد السرعة وإذا به يشير إلى 180 كم في الساعة وبعد.. ازداد العداد إلى أن قارب 190 كم في الساعة. صرخت أمي انتبه أيها السائق المتهور هدئ من السرعة، وفجأة صرخت عجلات السيارة حين ضغط السائق على كابح السيارة لإيقافها وأصدرت صوتا، ولكن أحسست بشيء يقذفني من خلفي ويطيح بجسدي عندها رفعت أمي سبابتها وتفوهت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. وسكنت كلماتها. اصطدمت السيارة بشيء كبير شاحنة لا نرى منها غير سلاسلها المتدلية من خلفها، تلفت أمامي، وإذ جميع آلام وأوجاع العالم امتصها جسدي النحيل، صرخت من حرقة الألم رفعت رأسي، وإذ جسد أمي متمدد بهدوء تام، والدم ينزف من رأسها، قفزت إليها رغم آلامي اقتربت ولكن.. رأيت منظرا بشعا ينزع القلب من مكانه رأس السائق بعيدا عن جسده ينظر إلي بعين جاحظة ملؤها الخوف والفزع اليائس.

انتابتني موجة خوف هزت وجداني وارتعدت مفاصلي، استدرت أنظر هنا وهناك لعل شخصا يأتي ولكن لا أحد لا أحد، هجم اليأس والحزن علي فجثم على صدري، ترنحت مزق فؤادي منظر أمي وهي تنزف.. رباه ماذا أفعل؟ آلام تعصرني ولكنها هانت علي نفسي وأنا أرى قرة العين وبهجة القلب تنزف أمامي آه. وأثناء خوفي الشديد الذي هز وجداني ولعب بي إذ رنين يصدع (النقال) يهتف وإذا به تحت قدم أمي مددت يدي فأتاني صوت قوي يصرخ ألو أين أنت؟ لقد تأخرت وعلقت بقية كلماته عندما سمع صوتي، طار قلبه، تقافزت عباراتي أبي.. أبي شددت على حروفي أبي أمي.. آه أمي ما.. مات!! اختلطت كلماتي ببكائي تعثرت حروفي وسكنت في فمي والصراخ يدوي وإذني تسمعه ينادي: اهدأ يا بني أخبرني أين أمك؟ أين أنتم؟ أسئلة تدافعت وضاعت مني الكلمات وقصرت عن اللحاق بصراخي سقط الهاتف من يدي وجثوت على جسد أمي أقبله وأبكي!!

الشارع يبعد عنا مسافة 8 أو 9 أمتار والسيارات تتدافع منطلقة فيه تذرعه.. جيئة وذهابا، ولم يعبأ بنا أحد.

دخلت بعدها في إغماءة. لم أفق إلا وأنا في غرفة وسرير أبيض وعينا أبي ترمقاني ودموعه تمطر علي فتحت عيناي وإذا بابتسامة مصطنعة تطل من محياه واحتضنته.. أبي.. أبي.. أمي مـ..ماتت..!

ابتلعت ريقي أردفت اشترت لي ملابس العيد كانت عيني شاخصة بنظرة والدي..!

سألتني: ما رأيك هل ابتاع ثوب أبيض..؟؟ سيكون جميلا في هذا العيد أليس كذلك..؟؟ فتدحرجت كلمات مني تنبئه عما مضى.. كلماتها يملؤها الأمل ويقطر منها الشوق قالتها لي ويدها تحتضن يدي وأشارت إلى المحل.

أغمض والدي عينيه وتقاطرت دمعاته.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة