الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 14th June,2004 العدد : 63

الأثنين 26 ,ربيع الثاني 1425

أبو العلا.. الشاعر الذي هجره الأدباء!
أسامة أحمد السباعي

مازلت أتذكر تلك الأيام التي كنت أمضي العصاري وشطراً من الليل عاملاً في مطابع والدي رحمه الله (مطابع الندوة) التي كان موقعها أول ما أنشئت في حي أجياد، بجوار مقر أمانة العاصمة المقدسة.. وكان الموقعان يطلان على ميدان أجياد الذي يقع في طرف منه مكتب للخدمات العامة وللسياحة.. يملكه كل من علي أبو العلا، ومحمد سعيد حلبي.
وكانت لي صلة بالرجلين.. بسبب قرب موقع المكتب للمطبعة من جهة، وقرابتي للسيد حلبي الذي أصبح فيما بعد ممثلاً مالياً بوزارة المالية، فهو ابن عمتي.
في ذلك الوقت، تعرفت على الأستاذ علي أبو العلا وأنا طالب أدرس في المرحلة الثانوية، وتوطدت الصلة بيننا مع مرور السنين.. خاصة في مجال الفكر (صحافة وأدباً).
إن الأستاذ علي أبو العلا رائد من رواد الحركة الشعرية في بلادنا، وأحد أبناء مكة المكرمة الأوفياء، وهو المطوف، وهو الموظف الذي تقلب في مناصب عديدة بدأت بكاتب بوزارة المالية، ثم بوزارة الداخلية محرراً.. حتى وصل إلى منصب رئيس المكتب الخاص لوكيل وزارة الداخلية. كما تقلد من جهة أخرى مناصب خدم فيها مكة وجدة، فقد كُلّف برئاسة بلدية جدة، وعين رئيساً للمجلس البلدي بمكة المكرمة، وترأس مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية، ورئيس الهيئة العليا للطوائف التي تقوم بخدمة الحجاج.
وقد تهيأ لي أن أقرأ شعر (أبو العلا) سواء عبر الصحف أو بين ضفاف ديوانه (بكاء الزهر) أو (سطور على اليم) أو في المناسبات الشعرية التي حضرتها وهو يلقي من قلائد شعره ما لمست معها رصانة اللفظ، وعذوبة الأسلوب وسلاسته، وأحسست بصدق المعنى، ورقة الموسيقى، ورهافة الحس.
ولئن كان البعض يطلق عليه (شاعر المناسبات) فهي حقيقة، ولكنها لا تنفي أنه تطرق في قصائده إلى أغراض الشعر المتعددة.. كالاجتماعات والوجدانيات والرثاء والغزل.. جنباً إلى جنب مع الوصف والمديح.. وما أكثر المواقف الوطنية في شعره.. يدفعه إليها وازع ديني، ومشاعر إنسانية تناولت معاناة الإنسان العربي.
ولقد حظيت شخصياً بحضور أمسية شعرية في تونس منذ بعض سنوات، ومعي الأستاذ فهد الشريف، مدير التحرير في صحيفة (المدينة) والمشرف السابق على ملحق (الأربعاء) وذلك بدعوة من الأستاذ (أبو العلا).. تلك الأمسية التي استمتعنا ليلتها بأعذب الشعر.
وللأستاذ (أبو العلا) موقف ثابت من شعر الحداثة في قصيدة ألقاها في نادي مكة الثقافي في عام 1410هـ، أذكر منها:
والشعر دون القوافي لا تردده
إلا بوزن جميل السبك ملتهب
قالوا (الحداثة) قلت الشعر تجربة
تعطي الشعور جمال الحسن والطرب
إن (الجزيرة) وهي تحتفي اليوم بشاعر الوطنية (علي أبو العلا) ليذكرنا بقصيدة عصماء ألقاها بين يدي جلالة المغفور له الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله في حفل أقيم لجلالته في أم القرى (مكة المكرمة) حين طلب في قصيدته إنشاء جامعة في مكة، فصدرت أوامر جلالته بعد ذلك باستقلال فرع جامعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة وتحويله إلى جامعة باسم (جامعة أم القرى).
لقد ابتعد الأستاذ (أبو العلا) عن الساحة الشعرية.. بل حتى الساحة الأدبية بسبب مرضه، فلم يعد يملك من القوة والنشاط ما يجعله يواصل منتداه الأدبي الذي كان يقيمه في مكة المكرمة والذي كان يحضره حشد من الأدباء والصحفيين وعدد من المسؤولين. فما أكثر ما أقلقني غيابه الأدبي لاعتلال صحته، فكنت أسأل عنه المقربين إليه، وزرته في بيته بجدة، وهاتفته للاطمئنان على صحته.
كانت آخر زيارة قمت بها منذ أيام بصحبة فهد الشريف، والفنان حامد عمر، والصديق أحمد ناصف، فلم نملك له من شيء سوى الدعاء له بالشفاء.
إن ما أحزنني أن ذلك الحشد من الرجال الذين كانوا يرتادون مجلسه ومنتداه لم يعودوا يسألون عنه عندما ابتعد عن نشاطه الأدبي وتوقف منتداه.. فظل طريح الفراش لا يزوره أحد من أولئك..!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved