الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 14th June,2004 العدد : 63

الأثنين 26 ,ربيع الثاني 1425

نهاية المثقفين العرب
محمد الفوز
لاشك أن المسؤولية والوعي بالحياة يؤهلان الثقافة للنهضة بالفرد والجماعة التي تضع حاجاتها في أولويات الحراك الاجتماعي ؛ فالمتغير الذي يحلمُ بواقعٍ تسوده الفضيلة لن يؤطر مسارات الوعي حسب ذهنية يستوعبها الكل في مجتمع يهب وقته لفهم الذات أولا ؛ فكما يرى أفلاطون أن المعرفة هي الفضيلة.. لا ينبغي أن نعيش في معاصرة جاهلية ونكرر التساؤلات القديمة التي أتعبت الفلاسفة، وأذهبت عنهم كل شيء جميل، لأن الشك لديهم يسبق الحقيقة.
سوف يصدمنا المتغير سواء الفكري أوالاجتماعي أوالثقافي أوكافة الاختلافات بالحياة التي تتسارع في بلاد الغرب، وتساهم في بناء جيلٍ يختلف مع سابقه ؛ فالمتغير رهان مستمر مع الزمن حيث يضعنا (عربا وعجما ) في تجريب الممكنات لأنها أقرب إلى الحقيقة المبنية على أسس علمية سواء كانت مبرهنة أونظرية نكشفها بممارسة جادة في الاحتمال والخطأ، حتى تتمظهر النتيجة, وبالتالي نسير على منهج واضح يلهمنا الحقيقة كي لا تتحول أوقاتنا إلى فراغ ٍيجمّدُ الزمن, كما يقول الدكتور علي حرب في ترشيد حراكنا الذي ينبغي أن يكون مختلفا عن سابقه : (لا أحد يفكرُ عن غيره أوينوِّرُ غيره أويحرر سواه . إذ الحقيقة ليست مجرد ما نقوله أونعرفه، أونخبر عنه أونبرهن عليه, وإنما هي ما ننشئه أونصنعه, أوما نراهن على تغييره مع الأشياء والأحداث والأفكار).
إن سلطة اللامقول أعلى دلالة من القول المعلن عنه ؛ فالكلام الظاهر يفسر نفسه بنفسه، أما الكلام غير الظاهر فتأويله مباح للجميع، وهنا يحدث الالتباس المعقد للأشياء التي نريدها ويزيحها الآخرون إلى ما يريدون، والمأزق الذي ننشغل بإصلاحه سوف ينتج لنا عقولا تفكر بأصواتها, ولا تفكر بلغتها, وهذا ما يسمى بالفوضى السائدة التي تؤيدها الثقافة المتحكمة في مجتمع خاضع لرقابة ٍ ذاتية في رفضه أوقبوله للأفكار أوالأحداث أوالثقافة أوالحركات الإصلاحية التي يكون أساسها نظريا، ثم يتطور مع المشيئة الاجتماعية إلى فعل ٍ يترجم الأطروحات المعرفية, ولا يمكن عزلها لأنها المتنبئ الوحيد للتغير أوالثبات في الثقافة التي تشكل مرآة للحقيقة، بمعنى أنها صناعة للحياة, والاشتغال على الطبيعة التي يتربى الإنسان فيها على أشكال التواصل بينه، وبين الموجودات الأخرى، حيث تتكامل فطريا في أنماط البيئة المختلفة، ولكي يتم التكيف لابد من المغامرة في فهم أسرار الطبيعة بالنسبة للإنسان الذي أدرك أوسيدرك أهمية وجودهِ فيها كمحور متصرف بالكونِ الذي يتفحصه تدريجيا من خلال بحثه واتصاله بالأشياء التي سوف تخدمه في إعمار الأرض، وهذا الوعي الكبير بالوجود يبشر بالمسؤولية التي يشتغل عليها المثقفِ اللانمطي .
والدكتور كريم أبوحلاوة في كتابه (نحوعقل تواصلي) يرى أن أهمية ما يطرح يكمن في تسليط الضوء على ممارسات المثقفين، وإمكانية التعامل مع أفكارهم وهواجسهم بصورة نقدية، ويفتح النقاش مجدداً حول الثقافة وأدوارها، وبالتالي حول العلاقة بين السياسي والثقافي كحقلين من حقول الممارسة الاجتماعية، ومعه أضم الروائي التشيكوسلوفاكي ميلان كونديرا في مقولة ٍ(على الكاتب أن يكتشف الحقيقة لا أن يبشر بها) من هنا علينا مساءلة الثقافة قبل مساءلة المثقف حيث نجد مقولة الفيلسوف كانت كما صاغها كارل ماركس: (التطبيق من دون نظرية أعمى, والنظرية من دون تطبيق عقيمة) فإذا اعتبرنا الثقافة هي مجموعة النظم والقوانين التي يبرر الإنسان وجوده من خلالها بمعنى أنها حركة متقدمةٌ ذات أسس ممتدة بشخوص تمثلت الرؤى التي انبثق المجتمع على إثرها, والمثقف الذي يخوض معركة الحياة بفكرهِ دون عمل مصيره الفشل واللاجدوى، وهذه حال المثقف العربي الذي نصّب نفسه قديما وحديثا وصيا على الأمة، لكنه لم يحقق التواصل مع ذاته فكيف يحقق التواصل مع الآخرين ؟!
إن (صورة المثقف) تتباين، فالذي يراه إدوارد سعيد أنها انعكاس للماضين بما تمثله المحنة لدى ابن حنبل والنكبة التاريخية التي تعرض لها ابن رشد في محاولاته لتغيير مسار الأمة، وذلك استنادا لرؤية محمد عابد الجابري أوهشام شرابي الذي ظل يطالب المثقفين العرب بإعادة رسم علاقاتهم بالغرب، وتطهير الذات العربية من مخاوف استقبال الآخر الذي يختلف في همومه وإشكالاته ووعيه للأخلاق والمعرفة, أما عبد الإله بلقزيز فإنه دعا المثقف أن يتخلى عن دوره كداعية في كتاب (نهاية الداعية)، وهناك الكثير ممن رسم صورة للمثقف العربي على أنه الجندي المجهول، ولكن الواقع مشبوه، فالمثقف العربي باتَ معزولا عن هموم الأمة يعيش في أبراجٍ عاجية حتى بعد 11 سبتمر التي غيرت من خارطة العالم وتوجهاته الدولية، نرى المثقف العربي ما يزال اشتغاله على النظرية أكبر من اشتغاله على الواقع، وكأنه في زمن ٍ آخر أويؤسس لزمن آخر يحلم به لكن لن يراه.
يقول الدكتور محمد الجزائري في كتاب (الثقافة ومآسي رجالها) : (إهمال النتاج الثقافي والزهد في مضمونه, فقد أصبحت الكتابات الثقافية زيادة على ندرتها غير مرغوب فيها في جميع الفروع العلمية, فالمعلمون والأساتذة والمدرسون كلهم لا يهمهم سوى قضاء ساعات عملهم في تطبيق برامج التعليم الرسمية, وما تبقى من وقتهم ينفقونه فيما هم فيه راغبون, أما التلاميذ والطلبة فهم لا يهتمون سوى بالدروس الهزيلة المضمون، وبالتلاخيص المحدودة المعالم التي يتلقونها في مراكز تعلمهم أثناء دراساتهم الرسمية, أما بعد تخرجهم فيسيرون على درب أساتذتهم من حيث البحث عن المادة وعن الوظائف الأقل عملا, الأكثر أجرة.. وأما سواد القراء فشغلهم الشاغل مواضيع سياسية ورياضية, يطالعها في الصحف والمجلات, من أجل الهواية والتسلية) إلى حدِّ ما يمكننا اكتشاف كل العيوب التي أوقعت الثقافة العربية في سجال ٍ خاسر مع الآخرين, ولكن عجزنا في البحث العلمي الجاد يعرقل خطواتنا المتحفزة، فإذا كان التعليم ضعيفا وبإمكاننا الاستفادة من أساليب التعليم الغربية ؛ فالزمن يتسارع ونحن نعيش خارجه, والمثقفون أصبحوا من المسكوت عنهم ؛ فلماذا نتباطأ في أهدافنا ؟! لا يكفي أن نبرمج أهدافنا ونعممها حتى تشكل مطلبا رئيسيا متفقا عليه، ثم ننشغل بالمعوقات التي نختصرها كأزمة مادية تحجب دروب التنمية أمامنا.. هذا شيء من اللغط الذي يمارس بشكل جماعي ويستمر لغطا على مدى أجيال متباينة، إذ نستوضح أن عقولنا وأمزجتنا ثابتة إما أنها ضدّ المتغير، أوأن ثقافتنا غير قادرة على تخطي الأزمات، بينما هي قادرة على افتعال الأزمة وتضخيمها، وربما تشويه حضارة يجب ألا نمسها فنحن نستعير مجدها وربما نحققها ذاتَ يومٍ أوذاتَ حلم، بنظرة سريعة إلى الملتقيات الثقافية في الوطن العربي نجدها تحمل خطابا متشابها حتى إن الحاضرين في كل ملتقى ألفوا أنفسهم, وأوراق العمل تنشر في الصحافة قبل انعقاد الملتقى وثمة شعارات كثيرة بدأت تتصاعد في الآونة الأخيرة لتطوير الذات العربية مثل ( نقد العقل العربي إصلاح البيت العربي تجديد الخطاب العربي تطوير علاقتنا بالغرب المسؤولية الجديدة بناء الحضارة) ومقولات كثيرة تعبر عن إرادة ٍ التغيير، مع وجود ِ مراكز الأبحاثِ والكتب الثقافية التي تدعي أنها تحمل مشروعا تنويريا على مستوى الأمة، فما ينتج منها ويؤثر في واقعنا أضعف مما تنجه أصغر دولةٍ في أفريقيا حسب وصف أحد المثقفين العرب الذي يتزعم إرشاد الأمة إلى الخلاص من هوسها بالماضي وهوالشاعرالمفكر العربي أدونيس، وهذا يصدمنا حقا ؛ وثمة موقف يجب كشفه في الأمة العربية التي قيل: إنها ظاهرة صوتية وتعتمد على المسموع أكثر من المقروء، وكثير هي النعوت التي أوشكت الطعن في التراث بأكمله والتشكيك في مسايرته للمعاصرة، وبعضهم دعا إلى التفرنج، وأن خلاص الأمة العربية من هواجسها لن يتم إلا إذا خلعت دينها وتراثها، وكل شيء يربطها بالأمس، فتكون تابعا للغرب حتى في الأمزجة، وهذا تعطيل للذات العربية التي لم تعد قادرة على الثقة بنفسها بعد ضياع الثقة في نفوس مثقفيها، حيث نرى هذه الخواطر تتحفز لدى طه حسين كأنموذج للمثقف العربي الذي يحمل تراثا أزهريا من المفترض ألا يخون الأمة حتى بأفكاره التي تتعارض مع مجدها.
لوتفحصنا الذاكرة الحديثة في الوطن العربي خصوصا بعد عصر النهضة سنجد أن مفهوم المثقف تغير وابتعد إلى حدِّ ما عن التصنيفات القديمة؛ إذ المثقف قديما كان هوالمتلقي الوحيد لهموم الأمة، وسجالاتها مع الآخر، وبالتالي دوره ليس في أفكاره التي يصوغها خارج الواقع، ولكنه داخل الواقع لحظة بلحظة وفكرة بفكرة وموقفا بموقف حتى لا يجرؤ أحد على مساءلته لأنه الصوت المسؤول عن الأمة التي وضعت مقاديرها أمانة لديه ؛ كيف تغير هذا المفهوم ؟.. فعلا ؛ هذا المفهوم تغير، ولم يتطور فالمثقف الآن اقتحم الشعراء والشعراء أصبحوا الطليعة المستنيرة في الوعي الكتابي والتنظير الفكري الذي نراه طافحا على صفحات الملاحق الثقافية في الوطن العربي، فالهمّ لدى المثقفين العرب ألا يكون لديهم هم؛ وبالتالي الكذب أوخيانة المثقفين العرب، لحقت الأمة التي أسست لنفسها مجدا أسطوريا، وهي غير قادرة على حياة الأسطورة لأنها غير قادرة على الحياة بواقع شرسٍ تتعاقب أحداثه من طرف واحد، يكاد يسيطر على العالم الخارجي أيضا، ونحن ما نزال متورطين مع الاحتلال الإسرائيلي الذي لم نستجب لنداءات الشعب الفلسطيني الأعزل إلا من خلال الأمسيات الشعرية التي ترسخ عذاباته وتحوّل المأساة إلى أسطورة حقيقية، ففي الوطن العربي ولدى المثقفين العرب تتحول الحقيقة إلى أسطورة نعيشها كل ساعة. لذلك نجد أن المثقفين العرب نذروا أنفسهم للكتابة عن الوهم أكثر من الكتابة عن تحريك الساكن الذي يهدد الأمة العربية بالانقراض بسببها؛ فالمنجزات عادية لا تقارن بالمنجزات التي تمت في دول أوروبا التي ارتجفت من غبائها بعد الحرب العالمية الثانية، وتسارعت حتى تواكب الزمن الجديد الذي يحاول كسر الجمود واللا تقليد في كل شيء؛ ولا أحمّل الشعراء عبء التقدم والنهوض.. لكن إلى متى الأحلام؟
يقول الباحث د فؤاد زكريا: (لقد أصبح من المعايير التي يقاس بها تقدم أي بلد في عالمنا المعاصر عدد العقول الالكترونية التي تستخدمها, ونوعها, وليس هذا راجعا إلى استخدام هذه العقول الجديدة دليل على العصرية فحسب, بل إن السبب الحقيقي هوأن التوسع في استخدامها يعني أن العقول البشرية في هذه البلاد تستثمر طاقاتها على أفضل وجه, وتنتج في مختلف الميادين إنتاجا إبداعيا، أي أن هذا المعيار وإن بدا في ظاهره متعلقا بعدد الآلات, هوفي حقيقته معيار إنساني لأنه يستهدف في النهاية أن يعرف مدى استثمار بلد معين لإمكانات العقول البشرية فيه، وحين نتوصل إلى استخدام العقول الالكترونية على نطاق واسع وهوأمر لا مفر من حدوثه، حينئذ سيكون لزاما علينا أن نهيئ أجيالنا الجديدة لعصر العقل الالكتروني ونربي فيها الصفات اللازمة لمواجهة هذا العصر بنجاح، وهذا أمر لا يتحقق إلا بإعادة النظر في نظمنا التعليمية من أساسها ؛ لأن نظمنا الحالية لن تتلاءم مع العصر، ولوبقينا متشبثين بها لما تمكنت العقول الصناعية من أن تحدث في عقولنا الطبيعية أي تغيير.. (هذا كلام ٌ فيه من الحقيقة أكثر من الخيال، فالعقول الصناعية أوالعقل الالكتروني تجاوز مراحل كثيرة من عمر الحضارات القديمة، ولم يختص بالتقدم التكنولوجي إنما لامسَ خيال الشعراء؛ فقد تمكن العقل الالكتروني من صناعة الشعر أيضا عبر برنامج (الشاعر الالكتروني) فهل هذا يخفف العبء عن الشاعر العربي أم يزيده هما ؟! ففي مرحلة متطورة كهذه يلزمنا تطوير وعينا بالحقيقة كي نخرج من حكايات ألف ليلة وليلة التي أنهكت سهراتنا بالعبث لمزيد من مراجعة الذات، ووضع برامج جادة نحوصناعة متغير يتلاءم مع الحضارة الجديدة التي لم ندخلها بعد ولن تنتظرنا .
إن إعلان (نهاية المثقفين العرب) تشكيك في مصداقيتهم للنهوض بالأمة كما يجعلنا نراجعُ مفهوم النخبة لدى الثقافة التي صنعت أشباحا في هيئة مثقفين مما خلق حاجزا نفسيا بين المجتمع ككل وبين المثقف كفرد لا يعيش مع الكل ويريد من الكل أن يستجيب له، وهذه (النهاية) التي صنعت الأزمة، لماذا الانتكاسة ؟
انفصام الهوية لدى المثقفين العرب تنثر جرحنا الممتد في جسد الأمة الذي يكابر في الشفاء من العلل والأوهام واليأس حتى إن الآخر الغربي بوصفه شريكا لنا في الحياة يرثي وجودنا في الحياة رغم الاستعمار الأجنبي الذي أربك العلاقة إلا أنها حالة شبه عادية لتحكم الأقوى في مجريات الأحداث، وهذا يبرهن على سوء ارتباط المثقف العربي بالهوية التي يحاول تقريبها لنا في كتب عقيمة لم تجدد شيئا في الواقع المعاصر، يبدو أن ثقافتنا العربية مجازية ٌ ؛ لذلك فالمثقف العربي (انتهى) بعدما كان طليعيا.. فالساحة تنظر فارسا...! طوال زمن بل في تاريخ الحضارة العربية لا نلحظ مرجعية ثقافية للمرأة التي ندعي أنها نصف المجتمع، وهذه ضمن المقولات الهادمة التي جعلت الأمة العربية تعسكر وراء أفكارها اللاتقدمية، وتصنع لها ذاكرة من ورق.
ربما أبدعت المرأة حين استعارت مزاجَ الرجل كما قرأنا سيرة د. نوال السعداوي وأحلام مستغانمي و د.بثينة شعبان و د.حنان عشراوي، وغادة السمان، وعبلة كحلاوي، وهدى الشعراوي، وبنت الشاطئ، ومي زيادة، وفدوى طوقان، وسوزان مبارك وأخريات لهنّ حضور متباعد في السجال العربي المعاصر سواء في الأدب أوالثقافة، أومجالات الحياة العامة مما يشكلن امتدادا ذكوريا لثقافة يسودها القطب الواحد والكتاب الواحد والمزاج الواحد والقرار الواحد الذي أهانَ الحظّ في أن تصبح المرأة شعارا نهضويا في الحياة وبإمكانها فعلُ أي دور، هذا الزمن الذي أصبحت النوافذ مفتوحة على العالم وبإمكان الإنسان العربي أن يتكشف الأقاليم من خلال الشبكة الالكترونية، وفي زمن الاتصالات الهاتفية كانت المقولة (العالم قرية صغيرة في زمن الاتصالات) تجددت المقولة لتصبح (العالم غرفتي في زمن النت) وهذا محك خطير لم نتجاوب معه، كما ينبغي لتكوين ذات معاصرة ترتفع بالحقيقة عن الوهم، ولكن ماذا نستفيد من إعلان (نهاية المثقفين العرب)؟ في ظلّ التصعيد حول مراجعة عقل الأمةِ من خلال حفريات محمد عابد الجابري وأخص (نقد العقل العربي) الذي استجاب له جورج طرابيشي في (نقد نقد العقل العربي) وثمة آخرون حاولوا الممارسة النقدية لفكّ الشفرة المحيرة في ذهنية المجتمع العربي المشدود نحوالوراء، فالبعض قدّم أطروحاتٍ حديثة لكنّ أغلبهم ضلّ السبيل، وهنا لا أتحدث عن زمن البدايات الذي ولّى منذ عصر النهضة، لكن بدايتنا اختلفتْ وعشنا البدايات متأخرا... عموما؛ إن مراجعة المراجعات الفكرية التي اختصت بنقد العقل العربي تكرّس المفهوم الرجعي للذات العربية، حيث المثقفون العرب يكررون أنفسهم في جميع الأطروحات والملتقيات العلمية التي تنظم بشكل مغاير، حتى تجعلنا نتوقع منها حدثا عاصفا بالأمة ، فما نرى لا ينبئ إلا بنهاية المثقفين العرب.
فالنهاية كلما أحدثت ضجيجا فكريا سوف يخلفها جيل؛ ربما يغير من المحنةِ التي أجهدتْ الذاكرة العربية طوال فترة صراعها مع نفسها أومع الآخر.


m_alfooz@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved