الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 14th June,2004 العدد : 63

الأثنين 26 ,ربيع الثاني 1425

العدميون
منصور الجهني
ظلت مشاهد تقطيع رؤوس الأطفال والنساء الحوامل بالفؤوس والسواطير وفي شهر رمضان المبارك لغزاً محيراً يصعب تفسيره بالنسبة لجميع المسلمين, خاصة وأن من يرتكبون تلك الأعمال الشريرة يدعون أنهم يفعلون ذلك باسم الإسلام ودفاعا عنه وجعلتنا تلك الأعمال المحيرة التي يستحيل تبريرها أو ربطها بأي مرجعية دينية.. نتساءل: أي إسلام هذا الذي يتحدثون عنه.. هل هو الإسلام الذي تربينا على مبادئه وقيمه وأخلاقياته المثالية.. أم أن هؤلاء الضالين جاؤوا بدين جديد.. ونسبوه زوراً إلى الإسلام؟
لقد عرفنا الإسلام مقترنا بالخير والحب والإخاء, ومناقضا للشر والقبح والإساءة إلى الآخرين.. حتى ولو بشكل رمزي, ممثلا بالقول الفاحش الذي نهى عنه ديننا الحنيف.. فكيف حينما تتجلى تلك الإساءة بأبشع صورها وتطال أرواح الآمنين متعدية على حدود الله التي نهى عن تجاوزها ومن أعظمها قتل النفس التي حرم سبحانه وتعالى؟.. هل قرأ هؤلاء كتاب الله حق تلاوته وتدبروا آياته ومعانيه؟.. وهل وعوا سيرة رسولنا الكريم القائل عليه السلام: إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق؟
إن تلك الظاهرة بحد ذاتها تدعو إلى القلق وتثير العديد من التساؤلات.. سيما وأنها تحدث في تلك الديار المقدسة, مهوى أفئدة المسلمين.. وقبلتهم, وأكبر مصدر لخدمة ونشر الإسلام, ودعم قضايا المسلمين في هذا العصر؟ ولعل السؤال البدهي هو: لماذا يفعلون ذلك.. ولمصلحة من؟
واستنادا إلى عدمية الفعل الذي يقومون به, ومناقضته لأي تفكير عقلاني ومنهجي وتحديدا ديني.. لا نخلص إلا إلى احتمال وحيد.. بل ربما حقيقة وحيدة تبرهن عليها نتائج أعمالهم وانعكاساتها السلبية والخطيرة على الإسلام وهي أنهم يفعلون ذلك لخدمة أعداء الإسلام والمسلمين.
لقد ابتلي الإسلام عبر تاريخه بالكثير من الفئات الضالة والمنحرفة, لكنني أعتقد ان ما نواجهه في هذا العصر هو الأكثر خطورة والأكثر إساءة وضرراً على الإسلام.. فقبل إن يخرج هؤلاء العدميون من كهوفهم ملوثين بعتمة التطرف, كان الإسلام يلقى قبولا كبيرا.. وينتشر بسهولة بين شعوب العالم.. انطلاقا من مبدأ الدعوة بالتي هي أحسن.. التي تبنتها وقدمت لها الدعم هذه البلاد.. وانطلاقا من مخزون القيم الانسانية والعقلانية التي يحويها هذا الدين.. والتي تجعله أكثر إقناعا وتحقيقا لتطلعات الإنسان نحو العدل والسلام في الأرض ما يسهل انتشاره وقبوله.. وهو ما أقلق الأعداء في كل مكان.. ولكن بعد تلك الأعمال التي لا تمت إلى الدين بصلة، والتي شوهت صورته الحقيقية, وقدمته إلى العالم مقترنا بالرعب والقتل المجاني.. أصبح هناك تراجع في ذلك الانتشار, وصعوبة في الدعوة إليه.. فهل هناك إساءة أعظم من تلك .. وهل هناك خدمة لأعدائه أفضل مما قدمه هؤلاء؟
وبينما تتراجع تلك الأعمال الشريرة في مراكز انبعاثها, بعدما تبينت أهدافها الحقيقية, وتخلى عنها كثير من المخدوعين والمغرر بهم..يحاول هؤلاء العدميون الآن استعادتها هنا, في مشهد عبثي, يوضح مدى إفلاسهم, وافتقادهم لأي رؤية حقيقية, أو أي هدف.. سوى هدف القتل المجاني لأرواح الأبرياء.
إنهم يحاولون من خلال تلك الأعمال اليائسة بوعي أو بدونه اغتيال مستقبلنا ومستقبل وطننا وأجيالنا.. إلا أن ذلك لن يحدث بمشيئة الله، ثم بوعي وتماسك أبناء هذا الوطن.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved