الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 14th August,2006 العدد : 166

الأثنين 20 ,رجب 1427

وجوه وزوايا ..أحمد الدويحي
الجنوبيون! 2-3
ليت أسماء تعرف أن أباها صعد
لم يمت
هل يموت الذي كان يحيا
كأن الحياة أبد
وكأن الشراب نفد!
وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد!
عاش منتصبا، بينما
يبحث القلب يبحث عما فقد
ربما كانت هذه القصيدة الرثائية (الجنوبي)، هي (النص) الوثيقة الوحيد بين أيدينا، لتدلل على الحميمية التي كانت بين أدباء أبناء (قنا)، فنتاجهما معروف مقروء وبالذات الشاعر أمل دنقل، وكذلك شاعرنا الجنوبي الكبير علي الدميني كمبدع، كفاعل ومحرك للساحة الثقافية والفكرية، وما يعنيني في هذه الجزئية روح الحميمية، فعند قراءة (الوصية) التي حملتها قصيدة أمل إلى بنت صديقه الراحل يحيى الطاهر عبد الله (أسماء)، تعمدت أصافحكم بالنص السردي التالي من رائحة المبدع عبد العزيز مشري، ويأتي خياري لما يشي به من دلالات متعددة، فالنص مقطع قصير من المجموعة القصصية الثانية (أسفار السروي)، جاءت بعد فترة بيات امتدت سنوات، بعد كتابة المجموعة القصصية الأولى (موت على الماء)، وهي مجموعة مميزة فنياً كونها الكتابة (السريالية) الوحيدة في تجربة مشري، قبل أن يتحول بعد تلك التجربة الناجحة إلى الكتابة الواقعية، الكتابة الناضجة لحرق الأوراق والمراحل، والخوض في لحمة الواقع واعتبار أن الكتابة الواقعية بشفافية الواقع الموازي..
(و...
كان أن طلعت شمس اليوم السابع، على (عطية بن السروي) وهو يهذي من ضربتها..
كان وجهه كالقرفة السمراء، وأنفه كنصل السيف.
قالوا: لنشتر جدياً، ونذبحه، ونسقيه من مرقته
طبخوا الجدي على أغصان شجرة جافة، وشرب المحموم من المرقة، زادت الحمى..
قال: سأوصي
قالوا: تفاءل خيراً.. عمرك طويل..
قال: سأوصي
قالوا: أوص
قال: (إذا أخذتكم الأوجاع، وتمكن منكم الضيق.. قوموا واصعدوا الجبل الذي تلقونه.. وغنوا لعل صوتكم يبلغ البلاد، ويطوف بالأرض وسمائها..
أما (سُعدى) فأني لا أخاف عليها.. هي رجل أخرج من جيبه ورقة قديمة: مثل لون التراب.. بسطها أمامه، انتفض، وقال:
اكتبوا ما بها في صدوركم
ردد بعض ما فيها بجهد:
(أنا من قرية عزلاء منسية
وكل رجالها.. في الحقل والمحجر،
أبي من آسرة المحراث لا من سادة نجب،
وجدي كان فلاحاً بلا حسب ولا نسب)
28 سبتمبر 83- الدمام
* والسروي قروي من الجنوب و(السراة) هي سلسلة الجبال الممتدة شرق البحر الأحمر إلى الجنوب..
ولنقرأ الوصية المكتوبة التي يصر عليها (عطية بن السروي)، يقدمها في هذيانه إلى الرجال عن تجربته: (غنوا لعل صوتكم يبلغ البلاد.. ويطوف بالأرض وسمائها..)، لنعرف أن الأرض أرض الله وواسعة، وقد وحدتنا (آسرة المحراث)، فالبلاد التي يعنيها عبد العزيز، تتجاوز حدود البلاد التي نعرفها، وقد كان حزنه كبيراً حينما يشاهد غابات الأسمنت المسلح، تنبت بسرعة مكان مزارع الحقول والشجر، لتفقد الأرض غناء الناس ومحبتهم التي لم تبلغ البلاد، و(سعدى) تلك المرأة بالذات كالأسطورة في نصوص عبد العزيز، ولا بد أن نتذكر بأنها في المجموعة الثانية في بداية التجربة، لأننا سنجد نماذج أخرى مختلفة من النساء، لأنها كالرجال.. والسياق هنا مكاني والزمن الكتابي لحظة هذيان (غنوا للبلاد..)، حيث تقف المرأة كالرجل في ميدان الحياة والحقول والبلاد والحوار عن (غواية) اللون، والقصد الجنس التعبيري الأول الذي احتفت به ذاكرته البصرية، وبلمعان اللون وتبديلاته في الطبيعة وحياة الناس والقرى بما لهذا المعنى المزدوج من دلالة.


aldw17y1000@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved