الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th November,2005 العدد : 129

الأثنين 12 ,شوال 1426

بعد طول شوق وانتظار
الحازمي يكشِّف (صوت الحجاز) أول صحيفة أهلية سعودية
د.عبد الرحمن الشبيلي*

يُعد الدكتور الحازمي أحد أقدم الأكاديميين السعوديين من حملة الدكتوراه والمتخصصين في دراسات الأدب والنقد، ومن أكثرهم حضوراً في ساحة الحراك الثقافي المعاصر، وقد سبق أن نال جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب (2001م) وأصدر نحو عشرة مؤلفات وشارك في ستة.
خاض تجربة الفهرسة من خلال معجمه الأول الذي خصّصه لتكشيف أول جريدة سعودية وهي الصحيفة الرسمية (أم القرى) التي بدأت في الصدور في أواخر عام 1924م وما تزال تصدر، وقد أسماه: (معجم المصادر الصحفية لدراسة الأدب والفكر في المملكة العربية السعودية).
وقد وعد في معجمه الأول الذي أصدره عام 1974م أن يواصل تتبع هذه المصادر القديمة، ووضع هدفه الثاني جريدة (صوت الحجاز) التي صدرت عام 1932م واستمرت عشرة أعوام، حين أجبرتها ظروف نقص إمدادات الورق إبان الحرب العالمية الثانية على التوقّف.
وها هو الآن بعد ثلاثة عقود يفي بوعده فيصدر عمله الثاني على أفضل وجه يمكن أن يقوم بمجهود فردي لفهرسة جريدة صدر منها نحو (592) عدداً (بشكل أسبوعي ثم نصف أسبوعي).
لن أتناول في هذا العرض المفترض للمؤلَّف الجديد، الذي أصبح ميسوراً في متناول طالبيه، لكنني أقتصر على التذكير بأهمية هذه الجريدة التي يُنظر إليها على أنها رائدة الصحافة الأهلية السعودية، وهو أحد الأسباب التي دعت المؤلِّف إلى اختيارها لوضع جهوده المتميزة التي نادراً ما يقوم بها الأفراد في إنتاجهم الفكري.
والواقع أنه ما كان لصحيفة بهذه الأهمية التاريخية أن تجد أفضل من د.الحازمي للقيام بهذا العمل العلمي الشاق، خاصة إذا ما عرفنا أنه من مواليد مكة المكرمة وأنه فتح ناظريه على قراءتها في صغره حيث كانت تصدر في المدينة المقدسة.
اكتسبت هذه الصحيفة أهميتها الأولى من كونها أول صحيفة أهلية سعودية، ومن كونها تعدّ نواة صحيفة (البلاد) التي ما زالت تصدر حتى الآن، ثم من كونها في حينه الميدان الأرحب الذي تبارى فيه الأدباء السعوديون الكبار، وتطارحوا فيه الأفكار الاجتماعية والثقافية الجريئة، في وقت لم تكن تتوافر في البلاد قنوات كافية لاستيعاب إنتاجهم، وكان مما ساعد هذه الجريدة في القيام بهذا الدور أن القائمين عليها كانوا من نخبة المفكرين الرواد من أمثال محمد سرور الصبان ومحمد علي مغربي وحمزة شحاتة وأحمد السباعي وأحمد قنديل وعبد الوهاب آشي وعزيز ضياء وغيرهم.
ومن هنا، فإذا كانت الصحيفة الرسمية (أم القرى) تُعد الأهم لأنها أول صحيفة صدرت في العهد السعودي، ولأنها وما تزال الصحيفة الرسمية، فإن صحيفة (صوت الحجاز) تعد الأهم شعبياً وثقافياً ونخبوياً حتى إن كثيراً من أدباء المملكة لم يشتهروا إلا بعد صدورها.
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى معلومتين تاريخيتين تتصلان بهذه الجريدة، الأولى أن مؤسس هذه الجريدة هو الشيخ محمد صالح نصيف (وهو قريب العالم السلفي المعروف محمد حسين نصيف) وكان أصدر في عهد الشريف علي بن الحسين، آخر أشراف الحجاز، صحيفة (بريد الحجاز) التي ظهرت في جدة مدة عام واحد فقط ثم توقفت مع رحيل الشريف وانتهاء حكم الهاشميين في الحجاز، ومن ثم فإنه بعد سنوات من استقرار الأوضاع في البلاد يتقدم إلى الحكومة بطلب إصدار (صوت الحجاز)، التي قد تعتبر من هذه الناحية ذات صلة بالأولى.
أما المعلومة الثانية، فهي أن الشيخ عبد العزيز الرشيد، مؤرخ الكويت المعروف ورائد صحافتها، كان أحد الذين تقدموا، مساندين طلب الشيخ نصيف، بالحصول على امتياز الجريدة، وقد كان - أي الشيخ الرشيد - على صلة في تلك الفترة بالحجاز، وعلى علاقة وثيقة بالملك عبد العزيز.
لكن المعلومة الأهم في تاريخ هذه الصحيفة أن ملكيتها (امتيازها) قد آلت بعد مضي نحو ثلاث سنوات من صدورها إلى الشركة العربية للطبع والنشر التي كان الأديب السعودي الكبير محمد سرور الصبان أبرز مالكيها، لكن تحريرها ظل في يد مجموعة من أبرز أدباء الحجاز ومثقفيها، كما حظيت مع وضعها الجديد بإمكانات مالية أوفر مكّنتها من تحسين تجهيزاتها الطباعية والمكتبية.
أما عن كون هذه الجريدة نواة جريدة (البلاد) التي تصدر حتى تاريخه، فلأن مالكها - وهو الشركة العربية للطبع والنشر - قد أعاد إصدارها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واستمر ترقيم أعدادها السابقة قبل الحرب، مما يدلل على أنها امتداد للأولى وإن تغيّر اسمها ورئيس تحريرها.
إن القارئ السعودي يتطلع بلهفة إلى أن تستمر جهود الدكتور الحازمي في إصدار هذا المعجم، ولعله يفكر في تحويل هذه الفكرة إلى دار متخصصة، في عمل مؤسسي مستمر، يسير على النهج التوثيقي العلمي المحكم الذي رسمه والتزم به د. الحازمي في عملية القيمين.


* باحث إعلامي سعودي

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved