الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 14th November,2005 العدد : 129

الأثنين 12 ,شوال 1426

الرياض.. درّة الصحراء
تأليف: الأستاذ الدكتور
قراءة: حنان بنت عبد العزيز آل سيف*
***
الرياض هي مدينة الأعشى - صناجة العرب - وسُمي بهذا لأن شعره له إيقاع خاص، يمكن دقه على الصنج، وهي آلة من آلات الطرب والعزف، وأعشى قيس مسقط رأسه (منفوحة) وهي جزء لا يتجزأ من الرياض (العارض) درة الصحراء النفيسة، وديرة الأعشى عريقة مجيدة، ضاربة بسهم نافذ، وآخذة بحظ وافر، من أمجاد التاريخ، ولا أدري حقيقة إن كان الأعشى ذكرها في شعره أم أغفلها، وإن كانت المحصلة النفي فأقول: ليته قال فيها شعراً عذباً كذلك الشعر الذي قاله في محبوبته (هُريرة) فله فيها شعر شائق ماتع يترنم به قائلاً:
ودع هريرة إن الركب مرتحل
وهل تطيق وداعاً أيها الرجل
وعلّي أتوجه بهذا السؤال إلى سعادة الأستاذ الدكتور حمد بن ناصر الدخيل - ما زال ذكره محموداً، وقوله مسموعاً، ولُبه: هل ذكر الأعشى (منفوحة) وهي كيان عريق، في شيء من شعره؟ ثم ما مدى حبه لهذه الديرة وهل هو حب صادق كما أحب هريرة فجعلها في مقدمة معلقته متغزلاً بها، مبدعاً في وصفها؟ ولله درُ شعره الذي يقول فيه واصفاً محبوبته (هريرة) وصفاً دقيقاً مرسوماً بفنية ومهارة، حتى أبدع في ذلك أيما إبداع، وتفنن أيما تفنن، بل أدهش العقول، ونبّه الأسماع، وكم يروق لي وصفه لمحبوبته تلك الجارية البسيطة، فيقول واصفاً مشيتها:
كأن مشيتها من بيت جارتها
مرُّ السحاب لا ريث ولا عجل
ليست كمن يكره الجيران طلعتها
ولا تراها لسر الجار تختتل
وبين يديّ كتاب يروي العطش، ويبل الصدا، مؤلفه مرّ بك اسمه ورسمه ونسبه، وعنوانه أسلفته لك، وهو كتاب فريد مفيد، جادت به الأنامل الذهبية لجامعة الإمام محمد بن سعود - أسعدها الله - وأمام ناظري الطبعة الأولى لعام (1425هـ - 2004م)، والكتاب معدودة صفحاته حيث تبلغ ثلاثاً بعد الخمسين، إلا أن معانيه ممدودة، ومبانيه مسبوكة، في بناء محكم، وشكل منظم، يقول الدكتور حمد الدخيل - حفظه الله تعالى - في مقدمته لهذا الكتاب الميمون الطالع، الغض الإهاب ما نصه: (الرياض مدينة عريقة ذات تاريخ مجيد مشرق، يمتد في عمق الزمن آلاف السنين، عُرفت في العصر الجاهلي قاعدة لإقليم اليمامة، وأهم مدينة فيه، واستمر تألقها طوال العصر الإسلامي والأموي وشطراً من العصر العباسي، واشتهرت بسوقها التجاري الذي كان يعرف بسوق حَجر، وهو الاسم القديم للرياض، وكان يفد إليه سكان الجزيرة العربية لعرض بضائعهم وشراء ما يحتاجون إليه، ولا سيما التمر والحنطة نقداً أو مقايضة.
وفي العصر الحديث أخذت تستعيد مجدها السابق وعزها اللذين كانا حينما جعلها الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود (... - 1249 - 1833م) قاعدة للدولة السعودية الثانية عام (1240هـ - 1824م)، ويشير المؤلف -حفظه الله تعالى - إلى نقطة هامة، وهي الحدث الجلل، والتحول الكبير في تاريخ الرياض فيقول: (غير أن التحول الكبير في تاريخ الرياض حدث منذ أن استردها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - عام 1319هـ - 1902م، في عمل بطولي جريء، واتخذ منها قاعدة لتوحيد المملكة وتأسيس كيانها في ملحمة رائعة من الكفاح والصبر والمعاناة، توجت باطلاق اسم المملكة العربية السعودية على هذا الكيان الكبير عام 1351هـ - 1932م، وتذكرني هذه الكلمة التي تفوه بها المؤلف الأديب - سلَّمه الله - بأبيات (حسان صاحب الجلالة) عبدالله بن عثيمين حين قال قصيدة في مديح الملك عبدالعزيز - رحمه الله تعالى - معارضاً فيها بائية أبي تمام ذلك الشاعر الفحل، فجاء ابن عثيمين ليقول في الملك عبدالعزيز قصيدة حافلة تليق بشجاعته وبسالته وبطولته ومنها:
العز والمجد في الهندية القضب
لا في الرسائل والتنميق والخطب
تقضي المواضي فيمضي حكمها أمماً
إن خالط الشك رأي الحاذق الأرب
ومشمعل أخو عزم يشيعه
قلب صروم إذا ما همّ لم يهب
لله طلاب أوتار أعدَّ لها
سيراً حثيثاً بعزم غير مؤتثب
وأما سبب إعداد هذا الكتاب فالقصد منه تقديم لمحة عن نشأة الرياض، وتطورها عبر العصور حتى العصر الحاضر.
والكتاب موجز ومما حدا بالمؤلف إلى اختصاره قوله: (وآثرت أن يكون موجزاً يؤثر السهولة في العرض وتقريب المعلومات).
وتحتل الرياض موقعاً جغرافياً ممتازاً حيث تقع على ضفاف وادٍ تاريخي له شهرة وذكر في كتب التاريخ وجغرافيات البلدان، هو وادي حنيفة الذي يُطلق عليه في كتب الجغرافيين القدامى وادي اليمامة، أو وادي العِرض، لكنه اكتسب التسمية الأولى (وادي حنيفة) وعُرف بها، واشتهر بعد أن اتخذ بنو حنيفة القبيلة الوائلية المعروفة من هذا الوادي مقراً وسكناً، وانتشروا حواليه على ضفافه.
ومن خلال حديث المؤلف - سلَّمه الله - يتبيَّن لنا سبب تسمية الرياض بالعارض، وهو وقوعها على وادي حنيفة الذي يُطلق عليه في كتب الجغرافيين الأوائل وادي اليمامة أو وادي العرض.
والرياض مدينة تاريخية تمتد جذورها في أعماق الزمن القديم، ويحف بتاريخها ونشأتها غموض وإبهام، وذكرتها المصادر الجغرافية على أنها بلد ذو قصور وحصون ونخيل وزروع، ويكفي دلالة على عراقة أصلها، وعروبة نشأتها أنها كانت قاعدة لقبيلة طسم، وهي قبيلة عربية بادت بسبب الحروب التي وقعت بيها وبين أختها جديس، وبقيت من القبيلتين فلول وبقايا اندمجت مع القبائل الأخرى.
وعرفت الرياض في العصر الجاهلي القديم باسم حجر اليمامة ونمت بالقرب منها قرى عديدة وكثيرة معظمها لا يزال يحتفظ باسمه منها منفوحة وهي أقدم القرى، وهي بلدة الشاعر الجاهلي أعشى قيس ومنها معكال ومقرن وصياح والجرادية والعود والبنية والجزعة وجبرة والحزاب.
ومن أراد المزيد من تفاصيل هذه القرى فما عليه إلا أن يعود إلى تاريخ ابن بشر (عنوان المجد في تاريخ نجد) ويصف المؤلف - حفظه الله تعالى - الأخبار الواردة في هذا الكتاب بقوله: (هي أخبار تتعلَّق بمدينة الرياض وتعد جزءاً من تاريخها، لأن جميع هذه القرى وغيرها أصبحت فيما بعد أحياء داخلة في الرياض، وجزءاً من تكوينها العمراني والسكاني، ولكل قرية من هذه القرى تاريخ لم يصل معظمه إلى المؤرخين، فأهمل تدوينه من ضمن ما أهمل من حوادث تاريخية كثيرة، ولم يسجل منه إلا معلومات يسيرة، ولو نقل تاريخها كاملاً من الصدور إلى الطروس لانتظم تاريخاً جديراً بالقراءة والدروس).
وهذه اللفتات البحثية من موسوعية المؤلف - أبقاه الله - فرغم قلة المعلومات الواردة عن (الرياض) إلا أنه أشبعنا بحثاً واستفاضة ولم يترك لمستزيد زيادة.


ص.ب 54753 الرياض: 11524

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved