Al Jazirah NewsPaper Monday  15/01/2007 G Issue 182
الملف
الأثنين 26 ,ذو الحجة 1427   العدد  182
 

يتزامن نشر هذا الملف مع الإعلان عن الفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية لعام 1427هـ /2007م غداً الثلاثاء، ومرور عشرين عاماً على أمانة العثيمين للجائزة.

** كان لقاءً بلا ملامح.. فقد شهد (عودة الغائب) من (اسكتلندا) قبل (بضع وثلاثين سنة) حين استقبل الفتى ضيفَ أبيه عند (باب الرجال) ولم يكن يعرفُ عنه أكثر من أنه قد وصل لتوه من بلاد الغربة بعد أن أنهى دراسته العليا، وأنه شقيق (الشيخ)، الذي لا يحتاج إلى إضافة؛ فأل العهدية كافية للإشارة إلى أحد أبرز علماء العصر الشرعيين الشيخ محمد العثيمين- رحمه الله -.

** في الجامعة كنا نرددُ أبياتاً من

لقد سررت بدعوتي من قِبل جريدة (الجزيرة) العزيزة للمساهمة في الحديث عن الأخ الأستاذ الدكتور والمؤرخ عبدالله بن صالح العثيمين، والحق أن هذا الرجل استطاع أن يضع بصمات واضحة في مجال التاريخ كعلم وفن، فقد ساهم في إثراء قسم التاريخ بجامعة الملك سعود -رحمه الله- وكنا على مقربة من ذلك، وعندما تقدمنا لتهنئته عندما حصل على درجة أستاذ شعرنا جميعاً بأنه رجل شق طريقه بعلم وجدية وسعة أفق.

كما أنني من

- ولد بالقصيم بمدينة عنيزة 1355هـ الموافق 1936م.

- تعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بالتعليم الحكومي 1370هـ.

- نال شهادة المعهد العلمي الديني في عنيزة سنة 1377هـ، ثم شهادة المعهد العلمي السعودي في مكة سنة 1379هـ.

- تخرج من قسم التاريخ في جامعة الملك سعود بالرياض سنة 1382هـ.

- نال شهادة الدكتوراه من جامعة أدنبرا - اسكتلندا - سنة 1392هـ - 1972م. وكانت أطروحته عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب،

...>>>...

في قرطبة

نهض الشاعر عبد الله العثيمين فشنف الأسماع، وأطرب القلوب بقصيدته الجديدة التي قدمها تحت عنوان (موطن الحب) ولقد شدا بها العثيمين وهو يترنم منشداً وكأنه كان يتمثل ابن زيدون يتسمع له منصتاً:

موطن الحب كم تطيب الأهازيج

ويحلو على رُباك الغناء

ربعك الرحب مسرح لخيال

ومغانيك كلها إيحاء

أي عذر لشاعر لا يغني!؟

وحواليه جنة خضراء

...>>>...

أعترف - معتذراً - أنني قد تسرّعت فحكمت على (الشكل) بمعنى القيافة، فظلمت نفسي أكثر مما ظلمت عبد الله الصالح العثيمين.. وهكذا فقد تجنبت في أكثر من لقاء مصادفة أن أتعرف إلى هذا الذي رأيته (عجوزاً) يخب داخل دشداشته التي تبدو رخيصة، وخصوصاً أنها لا تبرز ختم صانعها الأجنبي، والكوفية التي ليست من حرير، والعقال العادي، والعباءة المطوية تحت يمناه، وليست حواشيها مطرزة بالذهب..

ومع أن نظرات هذا

هكذا الشاعر العثيمين في عالمه، يأخذك صاغراً إليه، وأنت لا تزال قائماً بإرادتك فيه، إذ هو يتحدث عن قضيتك، ويلامس جراحك، ويستنهض عزيمتك من براثن اليأس، فتعود مسحوراً بذلك التوقد وبتلك الروح الصافية المحلقة، فهو شاعر مطبوع، أنيق العبارة، سلسل الإيقاع وقصدته الدافئة فيها من عبق التراث بقدر ما تختلج بحركة الحاضر، الذي انخرط فيه شاعراً ملتزماً، مرهف الانتماء، متوهج الفكر

...>>>...

عندما التقيت بالدكتور عبدالله الصالح العثيمين أول مرة في ما يسمى بالمشورة بالجنادرية أحسست كما لو أنه بيني وبينه قربى، ولكنني لم أدرك أسبابها ولم أدرك كنهها ولكنني الليلة تعرفت عليها من خلال الكلمة التي ألقاها الدكتور حسن الهويمل، فهو أيضاً مثلي من أصحاب الأحلام في الستينيات والآمال فيها. إذن فهي أسباب تلك القربى.

...>>>...

ساءلت نفسي:

كيف تعانق التاريخ والشعر في عباءة العثيمين؟

بعيداً عن مقولات فلاسفة التاريخ وتنظيرات نقاد الشعر أقول لكم:

يتعانق التاريخ والشعر:

إذ يتوهج الوجد في الحنايا..

إذ يأرج العشق في الطوايا..

من وهج الوجد بالأرض التي أقلت، حيث مساقط الغيث تعشب بها أحلام اليمامة تدفق التاريخ في فكر العثيمين.

من أرج العشق، عشق الجمال حيثما تجلى، فار الشعر وانبجس في وجدان العثيمين..

اطلع العثيمين على

...>>>...

الدكتور العثيمين من القلائل الذين لا تمل مجلسهم ومجالستهم كما يقولون، فهو صاحب ظرف، وخفة ظل، وسوالف مشوقة يأخذك من سالفة إلى أخرى دون أن تشعر بالملل أو يتطرق إليك السأم خصوصاً حينما يتحدث عن طفولته ونشأته في عنيزة المدينة التي عشقها وعشقته، وكل أهل عنيزة (في حدود من عرفت منهم) عشّاق لمدينتهم التي يفاخرون بأنها باريس نجد، وإحدى أهم المراكز الحضارية في جزيرة العرب أو حينما يتحدث عن ذكرياته في وادي

...>>>...

العثيمين ..

وشيء من الشعر الحزين

رأيت عبد الله العثيمين في أواخر الستينيات الميلادية وكان أيامها يكتب الدكتوراه عن نجد، في اسكتلندا، وكنت أكتب الدكتوراه عن اليمن، في لندن.

وقبل أن يتحذلق متحذلق فيسأل علام يبحث القوم تاريخ نجد في اسكتلندا وتاريخ اليمن في لندن، أقول لأن في اسكتلندا عن تاريخ نجد ما لا يوجد في نجد، ولأن في لندن عن تاريخ اليمن ما لا يوجد في صنعاء اليمن. وتلك، بطبيعة الحال،

الشاعر (العثيمين) فيثبت أن الشعر التقليدي ما زال له حضوره على الساحة الشعرية، وأنه شعر ملتصق بوجدان الأمة، يعبّر عن تطلعاتها بسهولة، ويمكن تطويره فنياً بالتزاوج بينه وبين فنون الأدب التي تعنى بالمزج بالخيال والواقع بفنية حديثة تدفع إلى المعاصرة ولا يفقد وسائل تعبيره الخاصة ومميزاته الإيقاعية التي تنسجم وطبيعة القارئ العربي.

...>>>...

أ.د. عبد الله بن صالح العثيمين أستاذ الجامعة والمؤرّخ والشاعر والأديب، وقبل هذا وذاك هو الإنسان الصادق الوفي المخلص لدينه وأمته ووطنه وحكومته ومحبيه وأصدقائه، وهو العصامي المجاهد الذي عمل بجد واجتهاد حتى بنى نفسه بجهده وعرقه وعمله الدؤوب.

...>>>...

د. عبد الله العثيمين بذل من الجهد الكثير ليقدم أبحاثاً تاريخية وافية تمتاز بمراعاة أصول البحث العلمي والعمق وتغطية المنهاج الأكاديمي والاستجابة لكل الجزئيات، ولقد غطى بمؤلفاته تلك أجزاء تاريخية لحقب هامة من تاريخ شبه الجزيرة العربية.

...>>>...

الأستاذ الدكتور عبدالله الصالح العثيمين عظيم الروح مهيوب المحيا، وللهامات إذ تعلو مهابة، فما أُحصي مواطن كم تجله، حتى نرى والله فيه الاسم الذي يشرفنا إذا انتمينا وإياه إلى ذات المشارب، فنسعد بكوننا له الزملاء في اتحاد المؤرّخين العرب والجمعية التاريخية السعودية.

إن لسعادته مكانة في سيرة علماء التاريخ في المملكة

...>>>...

يزخر ديوان الشعر العربي بقصائد الحنين إلى الوطن، والوقوف على الدار القديمة، ومناجاتها بعد الغيبة الطويلة، والشاعر عبدالله العثيمين عاد إلى وطنه بعد غياب طويل في إنجلترا، وما أن مسَّت عجلاتُ الطائرة أرض وطنه حتى نظم قصيدة (عودة الغائب) بثَّ فيها حنينه وأشواقه إلى بلدته (عنيزة) التي شهدت ولادته وسمعت خطواته وهو يدرج في رحابها:

...>>>...

تخرّج الدكتور عبد الله الصالح العثيمين من جامعة أدنبرة بأسكتلندا متخصِّصاً في تاريخ المملكة العربية السعودية. وأطروحته لنيل الدكتوراه كانت عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره.

والدكتور عبد الله غنيٌّ عن التعريف فهو حالياً عضو مجلس الشورى وأمين عام جائزة الملك فيصل العالمية منذ عام 1407هـ وما زال. ومن قبل كان عضواً لهيئة التدريس بجامعة الملك سعود، وتسنّم رئاسة قسم التاريخ بالجامعة،

الدكتور عبد الله بن صالح العثيمين مؤرخ وباحث جاد قدم العديد من المصادر والمراجع الغنية بتاريخنا السياسي والاجتماعي ومؤلفه تاريخ المملكة العربية السعودية في جزئية وثيقة حديثة غنية بمعلوماتها الثرية عن هذه البلاد وتشكل حكومتها السياسية وحدودها وأقاليمها.

كما أن كتابه عن الشيخ محمد ابن عبد الوهاب حياته وفكره خلاصة منهجية لنقاط تناثرت في كتب المؤرخين والمفكرين عن المجدد محمد بن عبد الوهاب

نحتار عندما نكتب عن شخصية أستاذنا الدكتور الفاضل عبد الله العثيمين فالشخصية تكتب فيها صفحات وصفحات وفي مجالات عدّة .. أكاديمية وأدبية وعلمية، ناهيكم عن منصبه فهو الأمين العام لجائزة الملك فيصل العالمية التي رسّخت الجائزة عالمياً في المحافل الدولية.

لكنني أسرد ما أدهشني عندما سمعته يلفى شعراً رائعاً وجميلاً في إثنينية الشيخ عبد المقصود خوجة عند تكريمه، وكنت أول مرة أسمع فيها إلقاءه الشعر وفي

...>>>...

مهداة للدكتور الشاعر عبدالله صالح العثيمين

لقاؤك يرسم الآفاق قربا

ووجهك يملأ الأعماق حبا

ونجوى القلب من ذكرى لذكرى

كأسراب الطيور، وكيف تأبى؟!

هي الأيام في مدٍّ وجذرٍ

كموج البحر، تزرع فيك رعبا

فمن ليلى إلى ليلى تناءت

دروب الحي، زاد القلب رأبا

فؤادي لم يذق طعم الأماني

على ذكر الحبيب يهيم صبا

على ذكر الحبيب سعى ولبّى

ولا لن يرتجي بُعداً وغلبا

...>>>...

قد يحدث أن تعجب بشخصية (أدبية) أو فنية، من خلال قراءتك، أو مشاهدتك لما تبدعه من أعمال، وتتمنى ملاقاة هذا (النجم) حتى إذا ما بدا، وتعرفت عليه، تمنيت أُفُوله.. مردداً المثل العربي: (سماعك بالمعيدي خير من أن تراه)!!

لكن ما حدث في أمسية تكريم (اثنينة) الأستاذ عبدالمقصود محمد سعيد خوجة للأستاذ الدكتور عبدالله صالح العثيمين، يختلف تماماً.. وهاكم الدليل:

- حين وصول الضيف (العثيمين) مطار (عروس البحر

...>>>...

كُتبتْ بمناسبة إقامة حفلة في المدرسة الأهلية التي كان يدرِّس فيها بالرياض سنة 1957م.

تَجلَّى الضِّياءُ وطَابَ السَّمَرْ

وأَشْرَقَ في الخافِقينِ الأَمَلْ

ورَاحَ من البِشْرِ ضَوءُ القَمَرْ

يُبادِلكُ ثَغْرَ الوُجُودِ القُبَلْ

وليلتُنا أُتْرِعتْ بالمُنَى

ورَوَّتْ من الأُنْسِ أَرْواحَنا

فَذَابَتْ على الأُفْق أَنَغامُنا

تُصِّورُ للكَوْنِ أَفْراحَنا

...>>>...

(كُتِبتْ بعد إلقاء الشاعر الزميل سليمان الشريف قصيدةً في نادي المعهد العلمي بعنيزة سنة 1375هـ)

شَاقَني ما سَمِعتُ من عَذْبِ جَرْسِ

فَانتَشَتْ من عُذُوبةِ اللَّحنِ نَفْسِي

ومَضَى قَلبي المُرفرفُ يُحْيي

ما طوته الأيامُ من فيضِ أُنسي

واليراعُ انبرى يخطُّ شعوري

يعربيّ السِّمات من فوقِ طِرْسِي

لم أكن أُحسِنُ القَرِيضَ ولولا

...>>>...

قيلت بمناسبة صمود مصر أمام العدوان الثلاثي عام 1956م

طَعْمُ المَنُون من المَذَلَّة أعذَبُ

والمَوتُ من عَيشِ المَهَانة أطيبُ

من رَام أن يَحْيَا حَيَاةً حُرَّةً

خَاضَ المعاركَ والفَوَارس تضربُ

والموتُ ما دام الطَّريق إلى العُلا

أَحْرَى بأن تَسْعَى إليهِ يَعْرُبُ

رُوحُ الشَّهامةِ في دمَاها فِطْرَةٌ

مَجْبُولةٌ فَمَعِينُها لا يَنْضَبُ

...>>>...

كتبت عند ارتكاب العدوان الثلاثي على مصر

وصمود بورسعيد أمام المعتدين.

بالصبر والإيمان والعزم المؤكد والكفاح

بدم الأشاوس من بنيك يسيل فوق ثرى البطاح

سطرت آيات الصمود فأنت للعليا وشاح

وجعلت آمال الغزاة سُدى تبعثرها الرياح

* * *

يا معقل الأبطال يا مهد المفاخر والنضال

...>>>...

 
 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسة

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة