Al Jazirah NewsPaper Monday  15/01/2007 G Issue 182
فضاءات
الأثنين 26 ,ذو الحجة 1427   العدد  182
 

مساقات
غرس الحبق
د. عبد الله الفَيْفي

 

 

... ومن المفردات اللهجية في جبال فَيْفاء بجنوب المملكة، المفردات الآتية:

(ج ي ف) جِيْفَة: وصفٌ لكل قبيح. وهي مشتقّة من معنى (الجِيْفَة) في الفصحى، للميتة المتفسّخة. واستعمال الكلمة بذلك المعنى لعموم ما يُستقبح معروف في بعض لهجات جازان كذلك.

وقد وظّف الشاعر السنوسي هذا المعنى، كما يرى (خضر، فوزي، (1406هـ)، إطلالات على الشعر السعودي المعاصر، (نادي جازان الأدبي)، 16) إذ قال:

فلماذا هذا اللُّهاثُ وهذا ال

عَدْوُ والجَرْيُ والنهاياتُ (جِيْفَةْ)؟!

(ح ب ب) حبّ الرَّشَاد:

بذر الدُّفَّع. والدُّفَّع نبات، في طعمه حرارة، وقد يُتخذ بقلاً.

جاء في كتاب (أبي حيان التوحيدي، البصائر والذخائر)، وغيره: (قال الأصمعي: جمع الرشيد أربعة من الأطباء: عراقيًّا، وروميًّا، وهنديًّا وسواديًّا، فقال: ليصفْ كل واحد منكم الدواء الذي لا داء فيه! فقال العراقي: الدواء الذي لا داء فيه حَبّ الرشاد الأبيض. وقال الرومي: الدواء الذي لا داء فيه الهليلج الأسود. وقال الهندي: الدواء الذي لا داء فيه الماء الحار.

فقال السوادي: حَبّ الرشاد يولد الرطوبة، والماء الحار يرخي المعدة، والهليلج الأسود يرقق المعدة. قالوا: فأنت فما تقول؟ قال: الدواء الذي لا داء معه أن تقعد على الطعام وأنت تشتهيه، وتتركه وأنت تشتهيه).

(ح ب ق) حَبَق:

نبات عطريّ معروف. يسمونه: (حَبَقَة) أيضًا. يستخدمونه مع الشاي، كما يُستخدم النعناع. جاء في (النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب): (الحَبَقُ: أنواع، تُطلق عليها العامةُ الريحان، ومن أسمائه الباذَرُوج، وهو الحَماحِم. ويسمى الباذْرَنْجَبُويهَ، والباذْرَنْبُويهَ، واسمه بالفارسية: المَرْماحُوز، ومنه ما سمي الفَرَنْجَمَشْكَ بالفاء والباء، ورائحتهُ كرائحة القَرَنْفُل، ويقال فيه فَلَنْجَمَشْك، وأَفْلَنْجَمَشْك، وكلها فارسية. ومنه ما يسمى بالفارسية: الشاهِسْفَرَم، ومعناه ملك الرياحين، والعرب تسميه: الضَّيْمَران والضَّومَران، ومنه حبقُ الفَتَى: المَرْزَجُوش والمَرْزَنْجُوش والمَرْدَقُوش والعَبْقرَ. ومنه ما يسمى: المَرْوَ والزِّغْبرَ والزِّبْغَر، وهو الَمرْوُ الدقيقُ الورق. والصَّعْتَريّ، وريحان الكافور، ويسمى بالفارسية: سُِوسَن واناه، وشكله شكل المنثور، ورائحتهُ رائحة الكافور الرياحي).

وجاء في كتاب (صلاح الدين الصفدي، تصحيح التصحيف وتحرير التحريف): (يقولون: البوتَنْك وهو الفوتنج، وهذان معربان، والفوتنج بالعربية يسمى الحَبَق).

وذكر (الزمخشري، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار): قول (بعض الحكماء: إذا سخن اللبن، وسيط بعود من التين، راب من ساعته، وإنْ أُريد أنْ لا يروب، وإنْ كانت فيه الروبة، طُرح فيه شيء من الحَبَق). وكذا في (ابن قتيبة، عيون الأخبار).

وأورد: (تقول الروم: الحَبَق الذي على شطوط الأنهار نافعٌ للرّمد إذا دُقّ ونُخل واكتُحل به، وإن مضغه ماضغٌ ووضعه على عينه نفعه).

وجاء في (المقّري، (1988)، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تح.

إحسان عباس (بيروت: دار صادر)، 3: 389- 390): (ركب بعض أهل المَرِيّة في وادي إشبيلية، فمرَّ على طاقة من طاقات شنتبوس، وهو يُغنّي (بالعاميّة):

خلِّينْ من وادْ ومن قواربْ

ومن نزاها في شنتبوسْ

غَرْس الحبقْ الذي في داري

أحب عندي من العروسْ

والعروس: متنزهٌ من متنزّهات إشبيلية. قال: (فأخرجت رأسها جارية وقالت له: من أي البلاد أنت يا من غَنَّى؟ فقال: من المَرِيّة، فقالت: وما أعجبك في بلدك حتى تفضّله على وادي إشبيلية؟ وهو بوجه مالح وقَفاً أحرش.

وهذا من أحسن تعييب، وذلك أنها أتته بالنقيض من إشبيلية، فإن وجهها النهر العذب، وقفاها بجبال الرحمة أشجار التين والعنب، لا تقع العين إلا على خضرة في أيام الفرج، وأين إشبيلية من المرية؟!

ولابن خاتمة الأندلسي من قَفْلَة موشحة، بالعاميّة:

صُبَيْ جُرِحْ فَي النَّخيلْ رَشَّ الحَبقْ دَمُّ بالله يا طَيْراً مَليْحْ قُلَ الخَبَرْ لاُمُّ

ولمفردة الحَبَق من شعر الشاعر المعاصر محمود درويش مكانتها النمطية.

(ح ب ل) امحِبْلَى - الحِبْلَى: منزل مربّع، (مَرْبُوْعَة)، بلهجة فَيْفاء، في الجبل الأعلى، من منازل (قبيلة آل امثيب - المثيب)، مكانه يُسَمّى (نَيْد الكِتْبَة).

جدير بالإشارة أن كل نقطة في فَيْفاء، من بقعة أو بيت أو رَيْد - ولا مبالغة إذا قلتُ وكل حجر - له اسم خاص يُميّزه. وهي أسماء قديمة، لا يُعرف أصل أكثرها، وبعضُها قد لا يُعرف معناه اللغوي. ومن هنا فإنه يكفي إذا تواعد اثنان أن يذكر أحدهما للآخر اسم النقطة التي سيكون فيها الموعد، دون حاجة إلى وصف. ولعل هذا كان وراء تلك الظاهرة من الحرص على تلك التسميات الشاملة.

امحَبِيْل/ ال حَبِيْل: اسم منزل. وفي فَيْفاء أكثر من منزل باسم الحَبِيْل. ومن الواضح أن أسماءها مشتقّة من طبيعة الأماكن الواقعة فيها؛ فالحَبِيْل، في اللهجة: المتن المطلّ من الجبل.

ومنها:

امحَبِيْل: وهو بيت على شكل (عِلْي)، والعِلْي: طراز من البناء الاسطواني الضيّق العالي، (سيأتي الحديث عنه في مادته)، ناحية آل برق، من منازل قبيلة آل عمر، وهو مأهول.

وامحَبِيْل أيضًا: قَرْيَة - والقرية: تُطلق - حسب اللهجة - على مبنى ضخم، أو مجموعة أبنية متلاصقة، (سيأتي الحديث عنها في مادتها) - تقع في العلاج، اسم موضوع، وهي من منازل قبيلة آل عبدل.

وامحَبِيْل: منزل آخر، يتكوّن من دارة ومِشْراح، والدارة: طبقة دائرية من البناء، (سيأتي الحديث عنها في مادتها)، والمِشْراح: طبقة فوق الدارة، تتميّز بأنها تكون ذات شُرفة تُطلّ على الخارج، (سيأتي الحديث عنه في مادته)، ويقع ذلك المنزل في بقعة آل مَخْشَم.

وامحَبِيْل: أربعة بيوت، ثلاثة منها مكوّنة من دارتين ومِشْراح - أحد هذه الثلاثة حديث - والرابع: مَرْبُوْعَة، تقع في بقعة الوِشْر، من منازل قبيلة آل مَدَر.

وامحَبِيْل مَعْلَى - الأعلى: ثلاثة بيوت، مَرْبُوْعَتَان وبيت من دارتين ومِشْراح، في بقعة الخَوْش، من منازل قبيلة آل المَشْنِيَة، كلها مأهولة.

وحَبِيْل امبعاد - البعاد: مَرْبُوْعَة، في بقعة الرّجيف، من منازل قبيلة آل الثُّوَيْع، قديم.

وحَبِيْل الثوّاب: دارتان ومِشْراح، في بقعة الرّجيف، من منازل قبيلة آل الثُّوَيْع، قديم.

أمّا حَبِيْل امسَرُوْ - السَّرْو: ففي الحَقْو، أسفل شمَيْلَة، وهو بلاد زراعية، أعلاها لقبيلة آل أبي الحَكَم، وأسفلها لقبيلة مَدَر، تنتهي في مكان يسمى (حَوْبَة).

يُشار هنا إلى ذلك الجهد المهمّ الذي قام به (عبد الرحمن قاسم الفَيْفي)، مع نخبة من المتعاونين، في تدوين بعض أسماء الأماكن في فَيْفاء، في مخطوط خاص، تحت عنوان (الدليل الشامل للمسميات في فَيْفاء).

وللبحث بقية.

aalfaify@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسة

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد
مواقع الجزيرة

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة