الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 15th March,2004 العدد : 50

الأثنين 24 ,محرم 1425

أعلامٌ لم تكتبْ عنهم الأقلام
إبراهيم ابن معمر في ذكريات الحَسّون
عبد الرحمن المعمر *

وصدر الكتاب الذي تابعته ينشر منجماً في بعض صحفنا المحلية وقد تناقش بعض الناس والقراء حول بعض حلقاته وشيء من فقراته.
إنه السفر الكبير الذي تربو صفحاته على 1340 صفحة في ثلاثة أجزاء، هذا الكتاب صمد لإعداده وتصدى لنظم عقد ذكرياته الرجل الكبير في تجاربه والمدهش في تجاربه العم أبويوسف الشيخ ابراهيم بن محمد الحسون مد الله في عمره ذلك الغلام الذي غادر قبل تسعين عاماً (مسقط رجليه) بلدته النائمة الحالمة على رمال القصيم عنيزة الفيحاء ذات الظل والماء. عرفت العم ابراهيم منذ أيام اليفاعة والشباب كنت حدثاً في الطائف وكان حديث المجالس حيث تربطه بعمي ناصر بن صالح بن معمر صلة نسب لا صلات نشب، كنت أشاهده طويل القامة يقتحم الجموع يتحدث بصوت جهوري يلفت الأنظار ويستلفت إليه الكبار.
كان يومها يشغل منصباً مهما في الماليات والجمارك والحدود الشمالية، وكانت هذه الوظائف في ذلك الوقت عام 1374هـ من الأهمية بمكان الصدارة والوجاهة وحاجات الناس إليها.
ومن قبلها كان يشغل منصباً لايقل عنها أهمية واهتمام إنها وظيفة (سكرتير القائم مقام) كان العم ابراهيم بن معمر قد عاد من بغداد عام 1356هـ وكلفه المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود بهذه المهمة وعهد إليه بشؤون جدة ثغر الحجاز على شواطئ بحر القلزم.
اختار ابراهيم المعمر ابراهيم الحسون أميناً على مكتبه ومكاتباته وكاتماً لشؤونه الخاصة واتصالاته.
والآن دعونا نرجع إلى الكتاب الذي تلقيته باليمين وأسرعت استعرض فهارسه ومحتوياته أتصفح ولا أتفحص وأتعجل ولا أتأمل وأبحلق بشوق ولا أدقق بتحذلق لا أتصيد الأخطاء كا يفعل بعض القراء إذا أُهدي له كتاب ليقلل من شأنه.
أصدقكم القول أنا الآن أكتب بعاطفة الصديق المحب لا أنبش بأصابع المنقب المتربص كان أول ما صافحني مقدمة الكتاب التي استهلها الدكتور عبد العزيز الخويطر و(يستاهلها) المؤلف على جهده وصبره ولأن الكتاب يا أحباب واسع كالبحر ممتد كالنهر تزيد صفحاته على 1340 صفحة فمن المستحيل أن أستعرض صفحاته أو الخص محتوياته لذا سوف أختار الإشارة إلى الصفحات التالية من المجلد الأول التي تبدأ من الصفحة 315 إلى الصفحة 362. لماذا هذه الصفحات بالذات إنها بصراحة تهمني شخصياً لأن فيها وبين طياتها ذكرياته وبداياته في التعرف والعمل والتعامل مع قائم مقام جدة في ذلك الوقت، الذي وصفه بمايلي: (كان ابراهيم بن معمر شخصية لها وزنها يجمع إلى الحنكة في الإدارة والجرأة في التنفيذ وكان لايعرف المجاملة فيما يعتقده حقاً فلا يقبل التأويل والمراوغة، أو افتراضات الحلول ويمتاز بروح عربية أصيلة تضع الكرامة والكبرياء في المقام الأول، كان عفيف اللسان وعفيف اليد يحنو على ذوي الحاجة. وكان حريصاً أشد الحرص على ما من شأنه أن يرفع من كرامة الوطن واعتزازه بكبريائه..) وظل يتحدث عنه بإعجاب يروي لنا ويتذكر تلك الأيام الخوالي والذكريات الغوالي.
أعود للشيخ المؤلف أحييه ولا أزجيه وأعطيه حقه ولا أطريه لأنه بهذا الكتاب حفظ سيرته ولم يطوها في سريرته، فلو فعل ذلك كل الرجال الذين عاصروا البدايات لأصبح لدينا أرشيف كبير من المعلومات والذكريات ولما ضاع الكثير من الحوادث أو حرف الأكثر من الأحاديث.
تم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام
المؤلف الشيخ ابراهيم الحسون الآن يحمل على كتفيه ذكريات خمسة وتسعين عاماً قد قاربت القرن من الزمان، أزوره في بعض الأحيان فأرى رجلاً قد تمرس بالدنيا وتعارك مع الحياة ثم تصالح مع الذات كان في شبابه جواب آفاق لم يجلس منعماً يمد ساقاً على ساق، مرت به ليالي عسر وساعات يسر ذاق شظفاً من العيش ثم أدرك ترف المعيشة مثل أقرانه وأبناء زمانه الذين كابدوا هم الحياة وهموم المعاش وكدح الكفاح، فليت جيل اليوم يعتبر ويذكر إن كانت تنفع معهم ليت..!
وبمناسبة ذكريات الحسون عن ابراهيم المعمر وهل سبقه آخرون! فقد اطلعت ورأيت ذكراً حسناً وكلاماً جميلاً عنه لعدد من كبار المؤرخين والكرام الكاتبين أمثال أمين سعيد وخير الدين الزركلي وحمد الجاسر ومحمد المانع وعبد الرحمن الرويشد وغيرهم.. لكنه نشر مفرقاً ولم يهتم أحد بجمعه أو ترتيبه وتنسيقه وأظنه لو جمع في كتاب وطبع لأراح الباحثين ويسر الاطلاع عليه للمهتمين من الأصدقاء والمتسائلين القائلين أين سيرة ابراهيم؟
ويجب ألا ننسى الدور الكبير والجهد القدير الذي بذله الأخ الأثير محمد بن عبد الله الحسون لمساندته ومؤازرته عمه الشيخ ابراهيم لبلوغ المراد في تكريس الأمجاد وحفظ تاريخ الأجداد.
وبعد فماذا أقول وكيف أختم الحديث عن هذا الأثر الذي انطوى عليه هذا السفر الضخم؟ فالأسفار الكبار آثار وشواهد على أوابد وعاديات وأيام وليال سالفات.
تحضرني الآن أبيات للشاعر العربي الكبير عبد الله يوركي حلاق يذكر فيها باعتزاز أمجاد ماضٍ سلف لعل الباقين من الخلف لها يحفظون وعليها يحافظون.
آثارنا للباحثين منار
تروي لنا سير الفتوح وإنها
لاتعجبين إذا رأيت معالماً
آثارنا أغلى هبهات جدودنا
زرها فآثار الجدود تزار
سير يفوح أريجها المعطار
كبرت فآثار الكبار كبار
تمضي الحياة وتخلد الآثار

* الطائف عصبة الأدباء

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
منابر
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved