الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 15th May,2006 العدد : 153

الأثنين 17 ,ربيع الثاني 1427

كرت أبيض

*أحمد الدويحي:
يتذكر الرياضيون أن اللاعب الأسمراني محمد نور حصل على كرت أحمر في إحدى الدورات الرياضية، وحينما كان اللاعب مع زملائه وإدارة ناديه يهم بالسلام على خادم الحرمين، فسأله حفظه الله:
- لماذا لا تلعب؟
فأجاب اللاعب بأريحية:
- أوقفوني سيدي بكرت أحمر!
وببعد نظر، وأبوة حانية، ما كان خادم الحرمين، إلا أن رد على اللاعب:
- وأنا أعطيك كرتاً أبيض!
نماذج كثيرة في الحياة، قد يكون مثل هذا المشهد، صورة لما يجب أن يكون عليه المرء، وكوني قد زنقت نفسي في هذه الزاوية الضيقة، فلابد أن أشير إلى رفضي لتشخيص الوجوه على حساب الموضوعية، فالشخصية في العالم السردي هي مفتاح للنص الموضوعي..
ولو سألت عددا من المثقفين في مدينة الرياض، حول أحقية التفعيل الثقافي في المؤسسات الثقافية، سواء كان ذلك بالتعين كما حدث في الواقع، أو بالانتخاب كما كان يحلم به المثقفون وما كان منتظراً، لما اختلف اثنان في تسمية محمد القشعمي أولاً، لتوظف صلاته وعلاقاته المتعددة والمتنوعة، وقدرته على مد جسور التواصل مع مختلف الشرائح الثقافية، لصالح الفعل الثقافي المؤسسي، وسيكون خالد اليوسف مرشحا لعالم السرد، ولعله مناسبا أعتذر له، وكنت واحدا من حزمة، زنّوا على رأس خالد الذي نجح، ليبني لعالم السرد ناديا، فعّل من خلاله لربط عالم السرد ببعضه في كل مناطق المملكة، وخلق شيئا من التواصل بين أجيال كتابه في الداخل والخارج.
محمد القشعمي هذه الشخصية الثقافية، ليس من بين الأجيال الثقافية المتنوعة، ينكر إسهامه الكبير في تجذير الفعل الثقافي المؤسسي، وربما يصح القول إنه مؤسسة مستقلة، فالرجل الذي تربى ثقافيا في هذا الوسط على مدى سنوات طويلة، أدرك كثيراً من متطلباته وخبر مناخ التحولات فيه، خرج من الشؤون الثقافية برعاية الشباب، وقد أدمن حضور المنتديات الأدبية في الداخل والخارج، وفتح فيها نوافذ لأجيال متعددة، ارتقوا اليوم مواقع ثقافية متنوعة، وأخفى بالذات من يعرف حالة الفقد التي صاحبت خروجه، شفقة ظننا أنها قد تكسره أو تثنيه، فكيف يعيش السمك إذا خرج من الماء؟، فإذا بالرجل يكتب بغزارة ويهطل بكثافة، يكتب تاريخ الصحافة في المملكة من واقع متابعته بالمكتبة، ويكشف قناع الأسماء المستعارة، ويكتب عن الرموز كما يليق بهم، ويبدع البدايات الأولى من سيرة ذاته، وينظر لمرحلة حياة واقع يحتاج إلى ذاكرة قوية، وتجربة معاش واقعية بكل تفاصيله، فقصر به الحال عن الغوص والتكثيف، لينجز لنا صورة عن ملامح ذلك الواقع الذي ما يزال غامضا وعجيباً. فكتبت في حينه لصديقه الراحل المبدع عبدالعزيز مشري، أتذكر أني تفاءلت بطاقته في الكشف عن غموض ذلك الواقع، ونتفهم دلالة قصيدة المبدع محمد العلي التي حملت اسمه، وقد لا أتجاوز حدودي مع تقديري للجمع، فلا أعتقد أن شاعراً كبيرا كمحمد العلي، يقبل أن يكون ضيفا في أول أمسية ثقافية، ينظمها نادي الرياض الأدبي في أول تشكيل له راهنا، لولا اسهام القشعمي في ذلك النجاح للجميع.
قد نرى الظاهرة الانسانية من زوايا متعددة، فشخصية ثرية لكتاب السرد، يكتب عنه الآخرون وكتبوا عنه من قبل من زوايا أخرى، عرفت القشعمي خارج الحدود، عرفت عن طريقه أسماء رموز ثقافية في الداخل والخارج، ما كنت أحلم بمعرفتها، وكما بدأت بالمشهد من خارج النص، إذ كان أستاذنا الرائد عبدالكريم الجهيمان متعه الله بالصحة، وكنا في آخر الليل بعد أمسية ثقافية، يعالج باب بيته بيد مرتعشة، يبحث فيه عن ثقب يضع فيه المفتاح في ظلام الليل، وحينما لم يكن ذلك ممكنا بسهولة، عصيت رغبة القشعمي، ترجلت لمعاونة رجل، يحمل على كاهله قرنا من الزمان، فكانت المفاجأة، حينما رفض وأتبع رفضه بسؤال، ما زال يرن في أذني، وكرت أبيض في وجه القشعمي، الذي خذلته ذات ليلة:
- ماذا تريد؟
- أفتح لك الباب!
- لا.. فإذا فتحت الباب لي الليلة، فمن سيفتحه غدا؟؟!
فهمت، وأترك لكم القراءة!


ALDW17Y1000@YAHOO.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved