الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 15th May,2006 العدد : 153

الأثنين 17 ,ربيع الثاني 1427

النصّ النقديّ الإبداعيّ.. الهويمل نموذجاً
*عبدالغفور عبدالكريم عبيد:
لئن كان الأدب والنقد يسيران في خطين متوازيين كفرسي رهان لا بدّ أن يلحق أحدهما الآخر ليتقدم الإبداع، فإن النقد اليوم ما زال يعيش الكثير من العقبات والمعوقات التي جعلته يتخلف عن النص، خصوصاً بعد أن أُثقل كاهله بما يسمّى (نقد النقد).
في ضوء الأوراق المقدمة في مؤتمر النقد الأدبي الأول حُلّت لديّ كثير من الإشكالات والأسئلة إلا أن الكثير غيرها قد تبادر وظهر، ومن أكثرها وضوحاً وإلحاحاً ما أثارته ورقة الدكتور حسن الهويمل التي جاءت نموذجاً للنص النقدي الإبداعي، لقد استحضر القضايا ثم حللها واستشرف الحلول؛ فجاءت ورقته مرتبة مترابطة في شمول وإلمام، ومن أبرز حسناتها الحياد والواقعية والإنصاف والتفاؤل، هذه الصفات التي كان وجودها ضئيلاً في باقي الأوراق إلا أنني أرى أنه اكتنفها شيء من المجاملة والرفق أو مهادنة الخصوم، مما أثار لديّ سؤالاً عميقاً: مَن الذي يؤثر على الناقد، أو مما يخاف النقاد، أو مع من يتعامل الناقد: مع النص، أم المبدع، أم النقاد الآخرين؟ وأيهما الأول في اهتمامه؟
لقد ختم الهويمل ورقته بما يشير إلى احترامه للجميع أنصاراً ومخالفين، مما جعلني أشعر أن مبالغته في احترام الآخرين جعلت ورقته بحاجة إلى المزيد من الوضوح والصراحة والبعد عن المجاملة.
أما الورقة الأخرى التي جاءت على النقيض من الورقة السابقة خصوصاً في الترتيب والوضوح - على الأقل بالنسبة لي - فهي المقدمة من حسين بافقيه، وهي تؤكد أن النقد الأدبي مستباح بالأدلجة العنيفة والتسييس الأعنف، وقد أثارت في ذهني سؤالاً عريضاً: ما علاقة الثقافة والفكر والمذهب أو الأيديولوجيا بالنقد؟ إن الوهابية أو السلفية شماعة تتطلبها ظروف المرحلة، لكن يجب ألا نسقطها على النقدّ ثم إن ابن إدريس نموذج فيه مغالطة كبيرة وتغييب للحقائق، فلم يكن ابن إدريس يوما ما متمردا على المدرسة السلفية، ولم يكن خروجه من الجامعة وزهده في الوظيفة المرموقة! وتأليفه كتاب (شعراء نجد) وقصيدته (في زورقي) ثمرة من ثمار هذا التمرد، ويشكر د. محمد بن حسين عندما لم يمرر هذه المغالطة! ثم ما جدوى وقيمة الأحكام التي نصدرها ثم نبحث ونلفق لها النماذج والأمثلة؟ لقد كان لارتجال بافقيه معظم ورقته أثر في البعد عن المحور الرئيس وهو النقد الأدبي والتعرض لقضايا فكرية وثقافية بعيدة، فيها الكثير من المغالطات والأحكام المتعجلة غير الدقيقة، كما أن التحليل فيها جاء بعيداً عن الواقع ومختلطاً بكثير من التمذهب والحزبية، ومن العجيب أنه مع هذا القلق والتشعب وعدم الترتيب كانت هذه الورقة الأكثر حظوة بالتصفيق والإعجاب، وقد أعجبني تعقيب عدد من المداخلين أنها (إبداع وفهم ليس مستغرباً من بافقيه) وأدركت بعدها حصافة ابن هويمل وحسن منهجه وأسلوبه؛ إذ النقد اليوم بحاجة أكبر إلى التقارب والبعد عن التحزب والشللية، وهو أحوج ما يكون إلى الجدية في الطرح، والبعد عن الاندفاعية والمجازفة في اتهام وإقصاء وإسقاط التبعات على الآخرين.
إننا بحاجة إلى منهج كمنهج الهويمل فيه الكثير من التفاؤل والعمل، واحترام الآخرين والتفاعل معهم وعدم الإقصاء أو المجازفة في إصدار الأحكام وإرسال الكلام على عواهنه.
وإذ أستبشر بمستقبل النقد بعد هذا المؤتمر الذي حاول لملمة تيارات النقد ورموزه، أؤكد ما دعا إليه د. محمد الشنطي من أهمية التقليل من جلد الذات خصوصا وقد شهد الآخرون أن لدينا بُنى ومقدرات قادرة على صياغة مشروع نقدي جبار، ولكن السؤال الذي يظل مشرعاً: إلى متى والنقد يؤصل ويقعد ويتحدث عن نفسه؟ ومتى سيتوجه إلى النص والمبدع؟


شريفة بن طالب

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved