الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 15th May,2006 العدد : 153

الأثنين 17 ,ربيع الثاني 1427

مشروع جمع السنة النبوية في كتابٍ واحد أمل الملايين من المسلمين.. فهل يتحقق؟
اطلعت على ما نشره الأخ الأُستاذ أحمد بن علي آل مريع في المجلة الثقافية الصادرة عن صحيفة الجزيرة تحت عنوان:
(جمع السنة النبوية في كتابٍ واحد: المشروع والتصور).
وأشهد الله أن ما كتبه الكاتب جديرٌ بالعناية والاهتمام ولاسيما أنه يدل على مشاعر فياضة، وغيرةٍ صادقة على ثاني مصادر ديننا الإسلامي الحنيف المُتمثل في السنَّة النبوية المُطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، والتي تُعد المنهج التفصيلي لحياة الإنسان المسلم والمجتمع المسلم والأمة المسلمة في كل زمانٍ ومكان.
وإذا كانت السنَّة النبوية قد حظيت ? بفضل الله تعالى على مر تاريخ الحضارة الإسلامية- باهتماماتٍ فكريةٍ وخدماتٍ علميةٍ جليلة جعلت منها مصدراً رئيساً في بعض الميادين العلمية كالتشريع والفقه والقانون ونحوها؛ إلا أن هناك مجالاتٍ وميادين علمية أُخرى لا تزال في حاجةٍ ماسةٍ ومُلحةٍ للكشف عنها وعن أصولها ومنطلقاتها في السنَّة النبوية وخاصةً في مجلات العلوم الإنسانية والاجتماعية والتربوية وغيرها من العلوم المعاصرة الأُخرى.
وإذا كانت مسألة جمع السنَّة النبويَّة في كتابٍ واحدٍ جامعٍ شاملٍ لميراث النبوة العظيم وأحاديث المصطفى تُعد مطلباً هاماً وضرورياً وأملاً للملايين من أمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، ولاسيما في هذا العصر الذي زادت الحاجة فيه إلى مثل هذا الجهد العلمي المبارك الذي أجزم أن منافعه وفوائده أكثر من أن تُعد أو تُحصى؛ فإنه أملٌ غير مستحيل التحقق ولاسيما أننا نعيش عصر ثورة المعلومات والتفجر المعرفي والتقني الذي يمكن لنا من خلاله اختزال كثيرٍ من الجهد والوقت متى ما تم تسخير وتوظيف تقنية الحاسب الآلي لهذا الشأن، ولعل خير مثالٍ عصري على إمكانية تحقيق هذا المطلب العظيم، تلك الموسوعات الحديثية الحاسوبية التي تزخر بكمٍ هائلٍ من الأحاديث النبوية الشريفة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: الموسوعة الذهبية للحديث النبوي الشريف وعلومه التي تشتمل على 150 ألف ترجمة لرواة الحديث وموسوعة تخريج آلي لـ200 ألف نص مُسند، وموسوعة المكتبة الألفية للسنة النبوية التي تحتوي على أكثر من ألف مجلد وكتاب، وموسوعة الحديث الشريف التي تضم كتب السنَّة التسعة وشروحها المعتمدة، وتحتوي على أكثر من 62.000 حديث نبوي، وموسوعة الأجزاء الحديثية وتحتوي على أكثر من 100 كتاب من الكتب الحديثية المُسندة، وموسوعة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وتحتوي على أكثر من 70.000 حديث. وغيرها من الموسوعات الأخرى في هذا المجال، والتي تُعد بدايةً موفقةً إلى حدٍ ما ويمكن أن تكون نواةً لمثل هذا المشروع المبارك الذي لا شك أنه سيُفيد كثيراً من تقنيات الحاسب الآلي الكفيلة - إن شاء الله تعالى - بتوفير الكثير من الجهد والوقت اللازمين لتحقيق وتنفيذ فكرة هذا المشروع.
وليس هذا فحسب؛ فهناك العديد من المكتبات ودور النشر المهتمة بخدمة هذا المجال العلمي المُبارك، والتي أخرجت للقراء منذ عدة سنوات عدداً من المجلدات المختصرة بطباعةٍ فاخرةٍ وحجم معقولٍ، فصحيح البخاري في مجلدٍ واحد، وكذلك صحيح مُسلم، ومثله سُنن الترمذي، وسُنن ابن ماجة، وسُنن أبي داود، وغيرها من كتب الحديث النبوي الشريف التي طُوي كل منها في مجلدٍ واحدٍ تميز بالتصحيح، والمطابقة، والأرقام المُسلسلة، والترتيب، والمقاس المناسب، والحجم المعقول، والسعر الزهيد.
أما الجهة التي يمكن أن تتولى دراسة وإعداد وتنفيذ مثل هذا المشروع والإشراف عليه؛ فلا بُد أن تكون جهةً رسميةً مسؤولةً، ومؤهلةً علمياً وفنياً لمثل هذا المشروع الجبار الذي لا يقل في مسؤوليته وأهميته وعظم شأنه عن ذلك المشروع الإسلامي العظيم المُتمثل في (مجمع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف الشريف)؛ فكلاهما يُقدم خدماتٍ جليلةٍ لهذا الدين العظيم وهذه الأُمة الخالدة.
وهنا أوجه النداء لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وحكومته الرشيدة، وكل غيورٍ على الدين لتبني هذا المشروع الإسلامي العظيم، وتحقيق هذا العمل الموسوعي الجليل الذي لا شك أنه يجمع بين خيري الدنيا والآخرة.
وكم هو جدير بخادم الحرمين الشريفين أن يكون (أيضاً) خادماً للمصدرين التشريعيين الخالدين بجمعهما ونشرهما بين الناس في كل مكان؛ فيحظى بإذن الله بعظيم الأجر وجزيل الثواب، إضافةً إلى الشرف العظيم الذي لا يُماثله شرفٌ آخر.
وإذا كان هناك من يرى أن في بلادنا الكثير من الجهات الرسمية المؤهلة لخدمة هذا المشروع وتحقيقه؛ إلا أن تخصيص جهةٍ معينةٍ ومُستقلةٍ ومباشرةٍ لهذا الغرض يُعد أكثر نفعاً وأكثر جديةً؛ ولاسيما أن هذا المشروع يحتاج إلى هيئةٍ علميةٍ متخصصةٍ ومُتكاملة، وإمكاناتٍ تقنيةٍ وطباعيةٍ متطورة، وجهودٍ علميةٍ مُستمرةٍ ومضاعفة، ونحو ذلك من الإمكانات المادية والمعنوية المختلفة التي لا يمكن أن يتحقق المطلوب بدونها.
وفي الختام، أسأل الله تعالى أن يجزي الكاتب خير الجزاء، وأن يوفق الجهات المعنية في بلادنا لتبني هذه الفكرة وتحقيقها، وأن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والسدّاد والهداية والرشاد، والحمد لله رب العباد.


الدكتور صالح بن علي أبوعرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية المُساعد ومدير مركز البحوث التربوية بكلية المعلمين في أبها
abo_arrad@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved