هدى المعجل في بقعة قصصية حمراء:
مجموعة (بقعة حمراء) رؤية سردية تلتقط المفارقات
|
*عبدالحفيظ الشمري:
عن نادي حائل الأدبي - صدرت هذا العام- للقاصة هدى المعجل مجموعة قصصية وسمتها بعنوان (بقعة حمراء)، واشتملت هذه المجموعة على العديد من النصوص القصصية التي ارتأت القاصة أنها تشكل وحدة عضوية متكاملة.
استهلت القاصة هدى مجموعتها بقصة (الرولز رايس)، حيث حملت القصة بذور الإبداع الأولى، إذ تفنن الراوي العليم بتنويع شجن الولع، ومغرياته في ملامح ذلك الشاب الذي يقاوم مغريات سيدة ثرية يكتشف في النهاية أنها صديقة أخته، فالراوي المتمثل في الكاتبة ظل وفيا لسرد جملة من المفارقات الاجتماعية، والمواقف المعبرة على نحو حالة الفتاة وسيارتها.
في القصة التالية لقصة (الرولز رايس) تقف الكاتبة على هم أشد خصوصية في مجال تخصصها وإبداعها حيث جاء عنوان قصتها (شرف طباعة الرواية) محاكاة مهمة لما يعتلج في الذات المبدعة.. تلك التي تواجه العديد من المثبطات، والمعوقات في مسيرة الإبداع والكتابة، إلا أن القصة تذهب نحو الحالة النفسية للكاتب البطل.. ذلك الموسوم بشرف الضجر، والأرق حينما تصبح رؤيته للأشياء نابعة من تعالق نفسي بينه وبين شخوص أعماله على نحو نهاية بطل الرواية الذي لم يقرر بعد رسم ملامحها.
في فضاءات القص رؤية أعمق نحو الأشياء؛ إذ إن الكاتبة هدى المعجل تنتهج قراءة اللاوعي في الشخصيات لتحاول في معظم القصص غرس الفكرة الأساسية للحكاية التي قد نطالع أشباهها كثيرا، إلا أن الكاتبة تأخذ على عاتقها مهمة تدوين البعد الآخر لحكاية (المدمن) مثلا في قصة (مسحوق الزجاج)، و(مريول المدرسة)، و(المصعد).
قصة (بقعة حمراء) حملت اسم المجموعة، وأذاعت سر فتنة السرد لدى القاصة هدى المعجل، إذ يطالع القارئ رشاقة اللغة في هذه القصة التي تحمل كما لا بأس به من الدلالات والإيحاءات، على نحو بروز صوت الأنثى (هيام) في نص بدأت فيه النهاية مفاجئة، وأليمة.
لتظل (بقعة حمراء) دلالة واضحة على أن النهاية قد تدعو أهلها، وترسم لهم زمان ومكان مأساتهم على نحو ما اعتلج في قصة (هيام) وأهلها حينما حاولت (البطلة) ثنيهم عن هذه الرحلة التي قد يكون عقلها الباطن قد شم شيئا من تلك النهايات الأليمة.
الإيحاءات، ورموز الدلالات توافرت في المجموعة بشكل مناسب إذ لم تخل أي قصة من استبطان حالة ما وراء الوعي في النص، رغبة من الكاتبة في استنطاق ذلك الخبيء في ذات الإنسان، وهو أسلوب نادر برعت فيه الكاتبة، وقدمته للقارئ على هيئة معادل معنوي لكل الأشياء المادية التي تحرك الحياة، وتصنع من تحولاتها قصصا مختلفة عن نحو ما نراه في قصص المجموعة.
المرأة تبرع دائما في رسم تلك الصور الواقعية لفن القص في المجموعة، لنرى العديد من الشخصيات: أم تعاني من فرط عقوق ابنها، وأخت تعاني من ألم الوحدة، وأخرى ترسم المأساة تلو الأخرى، فالمرأة هي المحرك الرئيس للأحداث باعتبارها الراوي الوحيد للعديد من القصص.
القاصة هدى المعجل تمتلك خامة اللغة السردية المتميزة إذ تخرج لنا من بين هذه الحكايات المألوفة لغة الحياة المعاندة، تلك التي لا تقر بالظلم، وترفض الأذى، وترسم للفأل والأمل خطوطا عريضة، لتزيد تبصر الإنسان في الحقيقة، وتأمل وجهها الآخر بكل يقين وواقعية.
تقع مجموعة (بقعة حمراء) في نحو (82 صفحة) من القطع المتوسط، سبقت بمقدمة إهداء من الكاتبة إلى والدتها، فيما اتسمت القصص بالقصر غير المخل حيث برعت الكاتبة في إخراج النص من حالته الحكائية إلى نموذج إنساني تجد فيه المتعة والفائدة.
لوحة غلاف المجموعة جاءت بريشة القاصة والفنانة التشكيلية نورة سعد الأحمري حيث رسمت وجوه هؤلاء الشخوص المحتملين للمجموعة فمنهم العابس، ومنهم من هو مشرق في ألوان متفائلة، فالعلاقة بين لوحة المبدعة نورة الأحمري وفضاءات نصوص مجموعة القاصة هدى المعجل جاءت متعاضدة في رسم ملامح إبداع سردي متميز.
***
إشارة:
*بقعة حمراء (قصص)
* هدى فهد المعجل
* إصدارات نادي حائل الأدبي - 2006م
* تقع المجموعة في نحو (82 صفحة) من القطع المتوسط.
* لوحة الغلاف للفنانة القاصة نورة الأحمري.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
