الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 15th August,2005 العدد : 118

الأثنين 10 ,رجب 1426

سامحونا كثيراً.. أنتم الشعراء أيها الناس
*الثقافيةعبدالله السمطي:
الناس اليوم هم الشعراء، هم المقياس الأول الذي نقيس به مستوى قصائدنا، هم مَنْ يمنحونا الأبجدية التي تظل صامتة خرساء على شفاهنا، وتتحرك على شفاههم، هم من يمنحونا اللغة التي نتواصل بها معهم، هم من يقرأوننا ويمنحوننا شرعية الحضور.
كان أمير الشعراء أحمد شوقي، منطلقاً من نبوءة الشعر، يقرر في قصيدته الشهيرة أن الشاعر هو من يمتلك الرهافة والإنسانية حين عبر عن ذلك بقوله: أنتم الناس أيها الشعراء، اليوم لم نعد كذلك، أصبح الشاعر غير راء، غير متشح بهذه الهالة السحرية، إنه لم يعد يمثل كهنوت اللغة والكلام، بل أصبح يمثل نفسه، صار رقماً ضمن الأرقام، والناس الذين يحركون المشهد، ويغافلون اللحظة حين يجربون، وحين يركضون كالموضة صوب التجديد، وحين يفعلون ما يقولون أو ما لا يقولون هم شعراء الساعة، والشاعر الصامت المتأمل حيناً، أو متلقي هذه التفاصيل اليومية حيناً آخر هو متلقٍ بمعنى من المعاني.
لقد تبدلت النظرة الشعرية منذ زمن، حين أصبح الشاعر يكتب ذاته، ويكتب همومه الشخصية كما في قصيدة النثر أو قصيدة التفعيلة، لم يعد الشاعر رائياً كما كان، أو يرى شجراً يمشي، أو يرى أن قمراً يخبز، أو شمساً تتجول في الأسواق، إنه أصبح واحداً من الناس، بل إن الناس هم من يمنحونه مشهده الشعري.
واليوم ربما فقد الشعر بريقه، حيث كان الشاعر يبحث عن صورة متخيلة، ويركب ما بين وجه المحبوبة والقمر البعيد أو النجمة المشعة أو يقرن ما بين الشعر والليل والريح، والآن غطى عصر الصورة الحقيقية والمتخيلة على كل شيء، حتى إن الصور الحقيقية التي تبثها الفضائيات أبلغ من عشرات القصائد، ثم كان الشعر يخطب ويحفز واليوم الخطابة والمقالات الصحفية تفعل ذلك، وكان الشعر يغطي المعارك الحربية واليوم تقارير الفضائيات بالصوت والصورة تفعل ذلك، وكان الشعر يمدح ويهجو، واليوم فإن جيوشاً من الكتاب في الزوايا الصحفية والتكايا التليفزيونية تفعل ذلك، كان الشعر مرتبطاً بالولاة والخلفاء والجواري والقيان، واليوم أصبح مرتبطاً بنفسه، الشاعر للشعر والشعر للشاعر وضاقت الدائرة التعبيرية وإن لم تضق الدائرة الإعلامية الاتصالية، فماذا يفعل الشاعر اليوم؟. هل يظل مرتدياً مسوح عزلته؟ هل ينكب على أبجديته يغازلها وتراوده؟ هل يجوس خلال ديار المطلق فلا يؤثر ولا يسمع له صوت؟.
ربما كحل أخير عليه اللجوء إلى مدرسة الناس، فيها يتعلم، ويلقي قصائده، ويتواصل ويرتقي إلى هؤلاء الشعراء الحقيقيين وإن كانوا لم يكتبوا بيتاً، ولم ينظموا قصيدةً.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved