الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 15th August,2005 العدد : 118

الأثنين 10 ,رجب 1426

أعراف
الشعر..ومثقفو التجزئة والانهزام!!
محمد جبر الحربي

كلما قرأت كلاماً باهتاً عن الشعر لا في الشعر، كلاماً يهمشه أو يمحوه أو يحل غيره مكانه، عرفت وبلمحة أنه لقاص رديء، أو ناقد متخبط في التيه.
عرفت أنه نابع ممّن لا هوية لهم، أو أنهم يتنصلون من هوياتهم، وبالتالي تشكل العربية الشاعرة، أو الشعرية العربية العالية مشكلة أمام ذائقتهم المغتربة أو المذوبة أو المشوهة.
لا يتنصل من الشعر العربي إلا فقير لغة، أو فقير انتماء، أو فقير شعر.
ولا يتنصل من هويته العربية إلا راكض حول سراب العولمة بزيها الاستعماري الجديد، أو جاهل من الراكضين خلف الغسيل الغربي المنشور عبر أقليات استطاعت النفاد إلى واجهاتنا الإعلامية لأغراض غير ثقافية، أو بائع للقيم في سوق أخضر الملامح، مشبوه النوايا والخطوات.
ومن الغريب أن تنمو المقولات المضادة لكل ما يميزنا، عندما تتكالب الأمم علينا مستعمرة لا لأراضينا فحسب، بل للعقول الراضية بالهزيمة، المروجة لها.
وكنا نفترض أن يضطلع هؤلاء الذين يحاولون تسيد الإعلام بالقوة بدورهم في تجذير الهوية والقيم ووعائها الحافظ: اللغة..
ولكننا نراهم بلا رؤية، أو برؤية مخاتلة ينقضون على أوردة اللغة ومنها بل شريانها الشعر.
ويريد أن يقنعنا هؤلاء مع التجزيئين والمرضى من الفرس أو من انساق وراءهم كمرجعية، ومن سقط الكرد وبعض الأقباط والأمازيغيين، ومن سار خلفهم من قراء الأغلفة، واللاهثين خلف الموضات، أن العربية وشعرها يجب أن تعود إلى الصحراء حيث لا حضارة، بل سيوف وغوغاء.
بل قد نسمع ما هو أدهى من ذلك في بعض العواصم العربية بأن حامليها ينبغي أن يعودوا بدينهم من حيث أتى وأتوا.
ولا مثال أصدق على ذلك مما يحدث الآن في العراق من محاولات حثيثة لنفي العربية عن العراق دار الخلافة، وكنز اللغة العربية التي احتوت الرسالة وأوصلتها للعالمين.
إن أعداء الأمة والهوية واللغة، والحاقدين عليها، ولا يقل لي أحد أن لا حاقدين علينا وعليها، معروفون لا غرابة في تصرفاتهم، ولكن ما بالكم بالأعداء الجدد من داخل هذه الأمة، وهذه اللغة، وهذا الشعر.
ومن الملاحظ هنا أن المقاولين بالكتابة أو بالعمل العسكري المشروع كما في فلسطين والعراق لطرد (المحتلين) كما تسميهم الأمم المتحدة وقوات، الاحتلال نفسها والغرب بمعظمه هم من المتمكنين لغة حتى في بياناتهم.
بينما نجد أن المتحدثين عن الاستغناء عن الهوية والأوطان واللغة والشعر هم ممن يلحنون حتى في نطق أسمائهم.
أو أن أسماءهم أقنعة لأسماء أخرى نشرتها وتداولتها جهات إعلامية عديدة حتى صار اسم التقنية ثانياً بعدما تكشفت عورة الحقيقية الداسة سمومها في جسد الأمة واللغة.
ولا أعتقد أن السادرين في الغي من أهلنا ممن يتبعون الدعاوى المريبة لا يعلمون بأن الاستعمار غالباً ما يوظف الأقليات ضد الأكثرية، كما حدث ويحدث في فلسطين العربية عندما تم توظيف من خان من الدروز حتى في الجيش الإسرائيلي، أو كما حصل مع بعض الجيوب المسيحية كما حدث في لبنان إبان الاحتلال وبعده.
وهناك لا نقول بأن كل من قال بموت الشعر هو عدو مبين، فكما قلنا في البدء قد تسرق العناوين، والخطابات الموجهة ضد هذه الأمة بعض أبنائها ممن لا مناعة لديهم، ولكنهم قد يعودون إذا زال السراب، وانجلت الغشاوة، وانتصرت الهوية على المستعمر كما حدث قبل زمن في حساب السنين قصير، وكما سيحدث بإذنه.
وما ذلك على الله ببعيد.
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} (103) سورة النحل.


mjharbi@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved