الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 15th December,2003 العدد : 39

الأثنين 21 ,شوال 1424

«ما لم يقله الحاوي»
الأسئلة.. بوجه واحد!!

* الثقافية محمد الدبيسي:
في معنى «الثقافة» تأويلات شتى.. وأبعاد متباينة.. وتناولات متباعدة! يأخذها المعنيون «بها» إلى أعماق مبهمة أحياناً.. وإلى تهويمات تشط عن الجذر المألوف للثقافة!
يوغلون في تهويمات تند عن ألفة المقاربة.. وتنأى عن الاضافة والافادة .. مطولات.. تسأم وأنت تحاول جمع شتاتها.. ونظم متفرقاتها.. تستغلق فهماً على غير المتخصص.. وتزداد اجهاماً لغير الحاذق في فك مكامنها وترميزاتها!
.. ما لم يقله الحاوي مقاربات في ثقافة التخلف» قد قاله العارف.. والمتأمل إذ قاربها بأناقة متناهية!
وبصيرة تعي زاد من توجه إليهم.. مثلما تعي قدرات التلقي لديهم!
تطاوع ولعهم بالإيقاع.. دأبهم على البساطة في إدراك واقعهم.. وقد كان الواقع شرطاً لازماً انطلقت منه المقاربات!!
أراد لها «صاحبها» وكاتبها.. أن تكون اطلالات أسبوعية يحمّلها..«همَّه» ويلبسها رؤيته.
إذا استقى مرجعياتها من العمق.. لبعيد نثر نتائجها في الأفق!!
أفق.. يستوعب.. شرط أن يلتزم بمعادلة.. قد لا تتأتى دائماً للكاتبين..
السؤال المعرفي في فحواه.. المستل من واقعه.. والعارض لنموذجه في لغة إيقاعية.. تلتزم بموسيقى الفكرة قبل اللفظة.. وبالمضمون قبل التركيب والصياغة!
و«ما قاله الحاوي» يضمد الغازاته وأخطاءه.. وما غلا وما رخُص!!
يُنجِّم في فضائهم لعبة اليانصيب! وهكذا شاء اعتباطه وفراغ مزودته.. غير أن «العارف».. هنا يتتبع خطى «التخلف» مأخوذ بهِّم إعادة تكوينات الثقافة ومثالاتها.. وخطاباتها!!
من السريّ إلى المعلن.. ومن القابع انزواءً إلى المتجلي ظهوراً؟
ومن معترك ما يمارس باسم «الثقافة» إلى ما يوهن قوامها «استقامتها»! فكانت جملة «مقالات».. رأى كاتبها أن ثمة ناظماً.. يؤالف بين مفرداتها فأعاد جمعها في إخبارة.. تلتزم نسق الحدس والمفهوم.. دون أن تؤسس لنسقية تعيد إثارة خطاها السابقة!!
«أوهام» «الحد» و «التوحد»! تبدو «الجدلية الثنائية» مفهوماً هلامياً ذا نفوذ سلطوي يخترق مسافات التفكير العربي ليؤثر في تقدير الفرد للحقيقة والمعنى» ص65.
ذلكم نموذج نسقي.. يصوِّر نموذجاً لجملة المقاربات.. يكثف دلالة العنوان الرافد للمضمون.. ويوجز وصف الحالة.. بإيراد ملخصها وناتجها المفاهيمي ويخترق تكلسها بما هي حالة مرضية.. ليوالي اكتشافها بمستوى فهمه لحركاتها ومن ثم تجلياتها.
ونطاق «البيان» هو المفصل الأبرز في استيعاب ثقافة التلقي، والظهور له بما يستدعي ذائقته.. لا بما تألفه الذائقة..
فمن إيقاع العنوان.. وشعرية صياغته.. وتقنين دلالة البعد الكامل للكلمة فيه.. إلى تدرج في سلم الإيقاع تصاعداً في تماس حذر.. مع القضية.. حتى ينتصف توتر مظهرها.. وتفاصليها وتجليات مثالاتها!
فهو لا يقدم حلولاً؟! ولا يضيف بدائل أويخترعها!!
فحسبه «المساءلات» «تفخيخ» الموقف بالاستفهامات المتوالية.. واستظهار العوارض النائية عن النظر، الأورام المستترة.. بألوان الشكلية..!!
ومن موقف المتأمل.. لا الموازي.. والمتقاطع يجسد فجوة تأبى الفهم عن إدراك خطورة ما يتلبسه.. وما يقترفه عفواً بفعل سيرورة النمط.. وقذة التبعية..!!
«الحق وثقافة التخلف، تهويمات في حلم لم يكن، المصدفون بالنفي، بحجز في مدى المعجز، آهات في غربة الدمع..
فعنواناته هذه.. تمتص وحي الشعرية في أفقها الحسي، مثلما تستلم وعي مدلولها، في تلخيص رمزي لفحوى الكتابة ومضامينها..
كما يعبأ بالفضاء البصري، عبر التنويع على استهلالات العناوين، وهامشها السطري التفسيري «بصفحة مستقلة» ثم في رسم الإيقاع العمودي لمدخل «الموضوع» والذي غالباً ما يتوازن على سمت شعري موسيقي يتماس مع الموضوع بإرهاص حواري، أحياناً، وتأملي استشكافي أحياناً أخرى.
ليملي النص الرئيسي «المرقم» بمقاطع تجزئ بين الموضوع إلى وحدات مستقلة في نوعيه مضمونها، وخصوصية مداولتها للبداية الطرفية التي يؤسسها العنوان. وتتناغم مع بقية الأجزاء في وحدتها الموضوعية، التي تنفذ بمكاشفة صادقة في تعرية الموقف.. وضمنية في استهداف الأكثر توتراً في مفاصل النقاش..
بينما يترك.. خاتمة الموضوع على أكثر آفاق الاستجابات انفتاحاً.. بين وميض الاسئلة الجارحة في صدقها.. الدقيقة في تموضعها المشيرة إلى نتائج ما تداولته كتابته حواراً وسؤالاً، واكتناه أحياناً بؤر صامتة في جدار ثقافة التخلف.. إنه ما لم يقله الحاوي.. وما يتعالى على ألوان زيفه.. وأقنعة ملامحه.. فهو «مقول» العارف بمدى ما يجترح ثقافة الأمة من نتوءات وثقوب وحسبه محاولة مطارحتها الأسئلة.. ومداولتها لغة من واقعها ذلك.. تنبثق منه.. وتتفرع عنه.. ليواجه وحده نتائجها ومحدداتها..!


* إبراهيم بن عبدالرحمن التركي: ما لم يقله الحاوي، مقاربات في ثقافة التخلف، الطبعة الأولى 1424هـ مطابع العبيكان الرياض.

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved