الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 15th December,2003 العدد : 39

الأثنين 21 ,شوال 1424

«ذكريات نصف قرن» عبدالله القرعاوي
د.عائشة نَتُّو

عن مطبعة «سفير» الرياض، صدر للأستاذ عبدالله القرعاوي، كتاب (ذكريات نصف قرن) جاء الكتاب في خمس وأربعين حلقة يسرد فيه ذكرياته وضم آراء لكبار الكتّاب الذين عاصرهم في حياته الدراسية والعلمية أما القسم الأخير، فكان للكلمات العذبة الشاعرية صاغها أستاذنا الجليل وكذلك ضم الكتاب فهرساً للأماكن والأعلام ليجد القارئ والباحث متعة في معرفة بعض المسميات التي أوردها مثل: «باريس نجد» الذي أطلقه الرحالة العربي الأصل (أمين الريحاني) على مدينة عنيزة في القصيم في عهد مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
وفي هذه الرحلة تظهر لنا محبوبته عنيزة وإذابه يفاجأ بأن معالم المحبوبة قد تغيرت، فها هي الأسماء الجديدة قد أخذت تغزوها شيئاً فشيئاً، ويصرخ صوت المحبوب كيف تتغيرين يا عنيزة؟
إنها تعيش في داخله، نعم أجبرته الظروف على الرحيل، لكنه رحل جسدياً أما روحه فظلت متعلقة بعنيزة، ولكنه يعرف نوع الطين الذي بُنيتْ منه مساكنها، ويعرف أسماء رجالها، نعم هناك المدرسة التي تلقّى فيها تعليمه، وهذه مزرعة النخيل التي بقيت في ذاكرته وولدت قصيدته «أشجان نخلة».
وتراه بأسلوب رائع شائق يأخذنا إلى مكة المكرمة لايترك شاردة ولا واردة إلا ويذكرها، فتشعر كأنك ترى أزقة مكة الضيقة، وحواريها. إنها ملكة الكتابة التي يمتلكها القرعاوي الذي استطاع قلمه أن يجسد مكة وكأنها أمامه وقد ظلت لوحة مرتسمة في ذهنه لا تبارحه ولا ينساها، ثم بعد ذلك يحوم معك العالم وأنت لا تكلُّ ولا تملُّ مع أديبنا، الذي كتب ذكرياته بمنتهى الصراحة والوضوح فكان استقبالها هذا الاستقبال الحافل الحاشد من أصدقائه ومحبيه.
لم تكن المهمة سهلة، فمهمة سرد المذكرات صعبة وشاقة: أشخاص كثيرون عبروا التاريخ، وتركوا بصمات واضحة فيه، أماكن تغيرت أو مُحيت تماماً لأسباب كثيرة أهمها دوران عجلة التطور الحديث الذي يسابق الزمن ولاسيما في هذا العصر الذي بلغت فيه الحضارة مجدها الباذخ وتطورها الباهر.
***
والكاتب يسلط الضوء على أحداث نصف قرن مضى كما يركز على صورة تاريخية طواها الزمان عبر خمسين عاماً وقد تحدث عن مواكبته لحياة جمعته مع زملاء دراسة وأصدقاء، وهو بطبيعته يفرض محبته على كل من عرفه شخصياً أو تعرف عليه من خلال عطائه الشعري أو الأدبي. وفي ذكرياته التي سجلها عن حياته استعرض مشاهداته ومرثياته في رحلاته وأعطى صورة صادقة عن البلدان التي درس فيها أو زارها. وقد شد القارئ إليه بتجسيد الصورة بالكلمة المعبرة واللهجة الصادقة والممارسة الصحيحة، وكأنه وهو يقدم لنا الصور التي عَبّر عنها بكلماته إنما يقدمها لنا بآلة مصورة حملتنا معها إلى مكة المكرمة أقدس البقاع على وجه الأرض وهي التي درس فيها مراحله الابتدائية والمتوسطة والثانوية ثم بعدها كان ضمن المبتعثين إلى مصر 1960م للدراسة الجامعية وخلالها سافر إلى المانيا لدراسة اللغة الألمانية وكذلك كان له مجال الدراسة فيما بعد الشهادة الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية، والكتاب يحوي مشاهد عديدة لرحلة امتدت نصف قرن من الزمان وبذلك استطاع إمتاع القارئ والاستيلاء على اهتمامه واجتذابه إليه، وقد أخرجته هذه الذكريات التي سجلها من الظل الذي توارى تحته إلى أضواء الصحافة والمجتمع.. وقد أحسنت صحيفة «الجزيرة» عندما احتفت بالاستاذ عبدالله القرعاوي في ملحقها (مجلة الثقافية) والتي استقطبت كتّاباً من أصدقاء الكاتب ومحبيه للكتابة عنه: وكان ذلك على امتداد الساحة الثقافية في بلادنا ويمثلون ألوان الطيف وتنوع مناحيهم وتوجهاتهم ولكنهم جميعهم التقوا عند شخصية واحدة هي شخصية هذا الكاتب الشاعر الناقد، فرأينا أعداداً من كتابنا في هذا العدد الخاص من (الثقافية) مثل: عبدالعزيز الخويطر، حمد القاضي، عبدالله الجفري، فهد العريفي، عبدالعزيز السالم، عبدالله مناع، غازي القصيبي.
ولا ريب ان ذكريات القرعاوي قد تركت في نفوس القراء انطباعاً متميزاً عن حقبة زمنية لها بصماتها وتطوراتها.
وفي الختام نحيّي أديبنا المتواري عبدالله القرعاوي.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved