الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 16th February,2004 العدد : 46

الأثنين 25 ,ذو الحجة 1424

الأديب الذي نجح في إدارة الأدب

معرفتي بالأستاذ الأديب عبدالفتاح أبو مدين تعود إلى عام 1985م حينها كنت لتوي قد تخرجت في الجامعة، التقيته في إحدى محاضرات نادي جدة الأدبي التي كانت تقام في فندق العطاس، أجزم أنه لا يذكر وكيف له أن يذكر أو يعرف من كان يبحث في عن أول الطريق، بينما هو كان يرود الثقافة والأدب في أعرق أندية المملكة الأدبية. انقطعت صلتي بالنادي منذ ذلك الحين إلى حين عودتي من دراستي في أمريكا. لم أشأ حينها أن اتصل بالنادي لأسباب أهمها طول الانقطاع ومحاولة فهم المتغيرات التي حدثت أثناء غيابي. لكن الصديق الدكتور عبدالعزيز السبيل شجعني على ارتياد النادي والمشاركة في أعمال الورشة النقدية التي كان يشرف عليها. بدأت صلتي بالأستاذ عبدالفتاح تأخذ شكل المعرفة المتبادلة. ولمست في الرجل جدية العمل والرغبة في التجديد والتطوير بشكل لا يمكن أن ينهض به من كان شاباً فما بالك بشيخ يحمل على أكتافه سنوات من العمل الثقافي والصحفي الجاد.. كان بإمكانه أن يركن إلى ما أنجزه وليس بالقليل، لكنه يرى دوماً أن كل انجاز منقوص بذاته، يظل محتاجاً إلى انجاز آخر يتممه. وهكذا ظل ينتقل من انجاز إلى آخر تدفعه رغبة ملحة في خدمة الثقافة والأدب إلى أقصى مدى. هذه طبيعة الرجال من ذوي الهمم العالية. فهو دائم المغامرة في شرف الأدب والكلمة سواء في أبحاثه أو في صحافته أو في قيادته لنادي جدة الأدبي الذي منحه شخصية مميزة ليس في بلادنا فحسب، بل في أرجاء الوطن العربي. فلا تذكر المملكة لدى المثقفين العرب إلا ويذكرون نادي جدة الأدبي بوصفه رمزاً أدبياً وثقافياً كبيراً.
كانت أول مهمة رسمية أتولاها في نادي جدة الأدبي عضوية مجلة الراوي التي تعنى بالإبداع القصصي، حيث كان العمل مرتبطاً بشكل مباشر برئيس تحريرها د. عبدالعزيز السبيل. في هذه الأثناء تغيرت معطيات كثيرة من أهمها مغادرة د. السبيل إلى العمل في جامعة الملك سعود، وبدأت علاقتي بالنادي تضعف تدريجياً، حتى صدر قرار تعييني مشرفاً على نادي القصة بجمعية الثقافة والفنون بجدة الذي انقطعت للعمل فيه بالكامل، وقد حقق نادي القصة من الحضور الثقافي والإعلامي ما فاق التوقعات، حيث عمل نادي القصة على تفعيل العمل الثقافي من خلال التركيز على ما يتطلبه الواقع الثقافي لا على ما هو جاهز ومستهلك من الأسماء والموضوعات. وفي أثناء الموسم، حدث ما لم أكن أتوقعه. لقد عرض علي الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين فرصة الانضمام إلى عضوية نادي جدة الأدبي. ورغم أهمية هذه الفرصة استمهلته بعض الوقت للتفكير، حيث لم يدم طويلاً، وقبلت هذا الشرف الكبير.
كنت أدرك أن العمل في النادي مختلف عن أي مكان آخر، لكن الأهم هو طبيعة العمل مع الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين، فهو رجل يحب العمل وسرعة الانجاز، اطلعته أنني أريد أن أجرب العمل بطريقة تحيي العمل الثقافي وتساعد على استقطاب شباب المثقفين الذين يريدون أن يمثلوا أنفسهم حواراً. فلم تعد الطريقة القديمة المتمثلة في المحاضرات تجدي وحدها في جذب شباب الأدب وجماعة المثقفين. عرضت عليه أن نؤسس جماعة حوار كمدخل لتأسيس تقاليد حوارية جديدة تضيف إلى نادي جدة وتدعم مسيرته. فوجدته يشرع كل الأبواب، بل ويمول كل عمل ثقافي قدمته. إن الأستاذ عبدالفتاح كبير بتقبله للأفكار الجديدة، متطور مع روح العصر، إداري منظم، وقيادي يكره المركزية، يمنح من حوله مسؤولية العمل حتى يشعروا أنهم أصحاب قرار مطلق. كم نحن بحاجة إلى قيادات ثقافية من هذا النوع الاستثنائي.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
وراقيات
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved