الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 16th May,2005 العدد : 106

الأثنين 8 ,ربيع الثاني 1426

موناليزا العجيلي
مرشدة عبيد *
صورة حيَّرت كل ناظر إليها، فبات كلٌّ يراها من منظاره الروحي، فمَن ابتأس قال: إنها يائسة، ومَن أسعدته عتبات حياته شعر بابتسامة عميقة في محياها، ولكنها برجوازية الانعكاسات؛ فلا تكاد تظهر ابتسامتها حتى رَسْم أسنانها. أما مَن رافقه الفقر فشعر بنظرته للموناليزا أنها فقيرة تعيسة تعرَّفت إلى غني ألبسها رداء الغنى، ولكنه لم يشترِ فرحتها, ومَن كان غنيَّ المال برجوازي النظرة شعرها كطاووس يختال بما ترتدي، فلا تكاد برجوازيتها تسمح لها بأكثر من تللك الابتسامة المغرورة.
ولكن ما علاقة كل تلك المقدمة بصرح الأدب الوطني عبد السلام العجيلي؟! سؤال يكاد يجيب عن نفسه حين اقترن بالعجيلي، ربما لم تسنح لي ظروف الحياة أن أكون مواظبة لكل ثمرات العجيلي الأدبية أو التحقيقات الدبلوماسية والسياسية، ولكن بفطرة عشرتي مع الغربة ومع الدبلوماسيين المحبين للوطن، فأنا على ثقة أن غربة الوطن تشعرك بعشقه، فكيف بكاتب وأديب أحب الوطن كأنثى في أحلام شاب يافع يعيش معها ساعات من أحلام اليقظة تجعله يشرد بحبها في أبيات أو نثريات يتحفك بها العجيلي بمؤلفاته؛ ك(المغمورون، وأزاهير تشرين المُدماة)، وغيرها من رواياته التي ينتقد فيها جروح الوطن، ويظهر فيها عشقه لعذراء الوطن التي اغتصبتها أحداث الزمن وخِزْي المتأمرين وما أكثرهم. وما أن نتخطَّى عذراء الوطن وننتقل إلى روايات أخرى على رفوف العجيلي الغنية لترى عناوين تستوقفك بتجرُّدها ك(رصيف العذراء السوداء، وباسمة بين الدموع، وأجملهن بنت الساحرة، والخيل والنساء)، بحيث تقف أمام نتاجه مذهولاً وتسأل: أهو عاشق أم ثوري أم عشقه ثوري؟! فصول أربعة احتوته، ولا تساؤلات حولها. وأمام كل هذا العشق يتألق ابن التسعين وهو يصف الأنثى بطريقة تدفعها إلى أن تشرد لدقائق وتسأل نفسها: لما لا يحمل شباب الزمن الراحل دفء كلمات العجيلي غزلاً ووصفاً أباح من خلاله وصفاً تجرُّدياً للعلاقات الدافئة دون تردُّد بين الأسطر يستوقفه عند أي حافة من حدود الأحاسيس المندفعة؟ ففي رواية (موت الحبيبة) تشعر من روايته أنه أحب الأنثى بفصولها الأربع: تارة غجرية، وتارة أوروبية، تارة يعشقها من أرض البادية، وتارة من دور أزياء باريسية بعطر فوَّاح وردي، وإن دلَّ ذلك على شيء فإنه تأكيد على حقيقةٍ هي أن هذا الكاتب يحمل قلباً مضلَّع الأطراف في كل طرف امرأة من لون مختلف، ولا يفوتك أنه لا يستنقص واحدة عن أخرى بالوصف؛ فهو عاشق حقاً بنبض دافئ جميل، وله في أحكام العشق مواعظ، لا يترنَّم في سكره للعشق بكؤوس من خمر ومجون، وإنما بفوقية شفافة جميلة تطرحها مشاعره الروحية المتأجِّجة مع مر الأيام إلى قلمه السحري ليرمي بين سطوره أحاسيس ومشاعر تدفئ عيون كلَّ مَن قرأها وتدفع به إلى الرحيل إلى أجندة ذكرياته المؤرشفة ليعيش عاطفته مع العجيلي؛ تلك العاطفة المسطورة تجاه حواء التي لبست كثيراً من الأشكال والمواصفات في دور أزياء العجيلي التي أسَّسها بقلمه البسيط بين أصابع من عشق وإحساس مرهف خالد.


* دبي

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved