الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 16th May,2005 العدد : 106

الأثنين 8 ,ربيع الثاني 1426

المرسال التي ألقَتِ الكلام على رُسَيْلاتِه 22
غازي أبو عقل
لكل قالب قواعد يجب على المحلل الإلمام بها لكي يضع (الأغنية) في قالبها المناسب، الذي يشير إلى كيفية (تنظيم) الأغنية، مما يسهل عليه عملية التحليل، وعلى المتلقي عملية الاستيعاب.
ولما لم ألمح بوادر الاهتمام بهذه الخطوة الأولى، في التحليل الذي قدمه المعلم رشوم للآنسة ناريمان، اكتفيت بإيراد الملاحظة تمهيداً للدخول إلى تحليل (غلبت أصالح في روحي)، بإيجاز نقلاً عن كتاب الأستاذين إلياس وفكتور سحاب: غلبت أصالح في روحي.
النوع: مونولوج المقام الموسيقي: نهوند. بعد تمهيد خاص بالمقدمة الموسيقية والإيقاعين اللذين استعملهما السنباطي يبدأ تحليل المشهد الأول من المونولوج المؤلف من أربعة أبيات.
مقام البيت الأول النهوند، أما الثاني فيكاد لا يصبر ليدخل في مقام الراست، حتى نهاية الأبيات الأربعة.
المشهد الثاني: أربعة أبيات أيضاً، تسبقها لازمة فيها حوار جميل جداً بين الناي والفرقة على مقام النكريز (هل تعرف أيها المعلم رشوم العزيز خصائص مقام النكريز؟).
المشهد الثالث: سبعة أبيات، ومقامه النكريز أيضاً، حيث يبلغ اللحن أعلى درجاته لدى قولها (مجروح) وهي درجة (رضاك) في المشهد السابق (الدرجة هنا تعني مكان النوتة على السلّم الموسيقي، التي يجب أن تواكبها طبقة الصوت أيضاً... والله أعلم).
المشهد الرابع: أربعة أبيات تسبقها لازمة موسيقية.
ومقامه النهوند ويتحول إلى الراست عند قولها: واسأل عنْك.
ويعود إلى النهوند في عجز البيت الرابع.
هل يعرف المعلم رشوم لماذا عاد السنباطي إلى مقام النهوند ليختتم المونولوج؟.
لن نتوقف هنا عند تنوع الإيقاع أو وحدته، والتفريد والحوار بين العازفين وبين الفرقة الموسيقية عازف قانون مثلاً مع الفرقة، أو عازف على العود...إلخ.
أو التفريد بين الفرقة والمطربة، أو بين المطربة وبعض العازفين المنفردين.
لا بد لي من الإشارة إلى أن ذكر أسماء المقامات الموسيقية، وهي كثيرة جداً في موسيقانا العربية ليس هدفاً بذاته (الحجاز، النوى، الصبا، الراست، النهاوند، النكريز، البياتي...إلخ.) ذلك أن التحليل الموسيقي لا يعمل في الفراغ، بل يدرس بنية اللحن وتركيبه بالاستناد إلى المقامات والعلاقات والانتقالات من مقام إلى آخر.
كما أن الملحنين أو العازفين والعارفين، يدركون (أن لكل مقال مقاماً) وأن الشِّعر، الفصيح أو غير الفصيح، الذي ينسجم مع النهوند ربما لا ينسجم مع مقام راحة الأرواح، أو مقام شدّ عربان.
هنا يتمايز الملحنون وتتباين الإبداعات والإخفاقات.
تأملت مطولاً وصف الدرس الأول في التحليل الذي أعطاه المعلم رشوم إلى الأنسة ناريمان، وضاهيته بما سبق ونقلتُ عن الأستاذين سحاب، ولما كنتُ غير مؤهل للحكم بشأن أيهما أقرب إلى المنطق السليم، ونظراً لاستمرائي الكتابة الصحافية وتعديها على النقد لأسباب غير أدبية، كما مر بنا آنفاً، جئت أطرح سؤالاً على المعلم رشوم، أتمنى أن تتسع له الصوفا التي جلس فيها بجوار الآنسة ناريمان: إذا كان ما لقنه لناريمان عن (يلّي كان يشجيك أنيني) هو التحليل الموسيقي الصحيح، الذي يُبلور العلاقة بين الرواية والموسيقى، فأين نضع ما كتبه الأستاذان سحاب عن (غلبت أصالح في روحي)؟ مع التذكير بأنها للثلاثي نفسه الذي أنتج (يلّي كان يشجيك)؟.
أما إذا كان تحليل الأستاذ سحاب هو الصحيح، فكيف نصنف ما جاء في مرسال الغرام بهذا الصدد؟ وهل نعتبر الإتيان على ذكر مطربة وملحن وشاعر في رواية، مع التركيز على غراميات المطربة، شاهداً مقنعاً على وجود علاقة بين المرسال والموسيقى؟ بخاصة وأن المعلم رشوم ركّز على الصوت لا على كيميائيته، كما تبادر إلى ذهن صديقي نبيل سليمان، لأن رشوم يعرف كما تعلمنا جميعاً في المدارس، أن الصوت ظاهرة فيزيائية.
ولهذا السبب ربما، فَصَله، وهو جالس على الصوفا قرب ناريمان، عن كسوته الموسيقية، ثم عن قالبه اللفظي، ترى لو أنه فصل ناريمان عن كسوتها غير الموسيقية، ولم ينغمس في موضوع علاقة الحب بين المطربة والشاعر، ظاناً أنه (يحلل) الأغنية وأسلوب أدائها، مجترحاً باباً فريداً في نهج التحليل الموسيقي، سوف يفرض على المحللين المستقبليين تقصّي تقلبات العواطف بين كل مطربة وكل شاعر كتب لها كلمات أغنية، لكي يتمكنوا من قياس كيف (تتطامن الآلات والكلمات والمطربة كرجع عليل بليل. وكيف يتكَسَّر عليله على بليله، إلى أن يتلاشى عليله في بليله...الخ).
ولكي يستنتجوا كما المعلم رشوم (أن الأغنية التي سمعوا وسمعنا وبدت لنا تحفة في الانسجام، ليست للأسف سوى تحفة في التنافر الكامن فيها، وتستدعي تساؤلاً، ما حالها لو كان طرفاها رامي وأم كلثوم على وفاق في الحب؟ ترى أية روعة خارقة ستتجلى فيها؟ عندئذ لن يكون سحرها الخلاب الذي خبرناه سوى سحرها الخُلَّب). ص113 من المرسال.
لستُ أنكر رخامة الطنين المتبادل بين الخلاب والخلّب.
أما ما حيرني فجئت سائلاً المعلم رشوم إيضاحاً فهو استنتاجه من تأثير عدم الوفاق في الحب بين المطربة وشاعرها، على أدائها، وتأثير وفاقهما أيضاً.
لا أريد التقليل من شأن تأثير مزاج الفنان على أدائه، أما اعتبار الوفاق قاعدة تجعل سحر الأداء خُلّباً، وعدم الوفاق تجعله خلاباً، فهي مسألة ستبقى تؤرقني زمناً ما.
بعد هذا كله، هل يجوز (للكتابة الصحافية وتعديها على النقد لأسباب غير أدبية) أن تتجرأ وتطلب من المبدعين مجاراة سوية القراء المتدنية؟ وهل يفتقر ما اقترفْتُه من إشارات وتساؤلات إلى (قليل من النزاهة التي لا غنى عنها للذين يدعون الثقافة من أمثالي؟) وهل يُعتَبر ما كتبتُه (نقداً يأخذ مكانه كأعجوبة لا تبخس حتى البلادة حقها في التعبير)؟ هذه تساؤلات أتمنى أن يأخذها المعلم رشوم على بساطتها وتبسيطيتها، بحنان، أسوة بمطربته المفضلة، التي ما زالت تنادي خدني بحنانك خدني..
أما لماذا وجَّهتُها إلى المعلم رشوم دون غيره، فهذه قصة أخرى، لا أريد أن أقصها من خشية الهلاك... على الرغم من استمرار بني إسرائيل بتنغيص عيشنا بقصصهم وسوالفهم...
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved