الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 16th May,2005 العدد : 106

الأثنين 8 ,ربيع الثاني 1426

أعراف
الوشمي.. قاب حرفين
محمد جبر الحربي
(قاب حرفين) هو الديوان الجديد لشاعر البياض عبدالله الوشمي الذي يرى أن العالم يكلمه بالصور، فيرد عليه بالأغاني.. كما يفعل (طاغور).
يأتي الديوان الصادر عن دار المفردات بعد (البحر والمرآة العاصفة) الذي صدر قبل ثلاث سنوات، وأشاع الفرح بمقدم شاعر جديد، نراه هنا مواصلا غناءه الخاص والمميز، متلمسا طريقه بحذر وإجادة.
وأنا أعتقد أن الوشمي قد حقق في سنوات قليلة ما عجز عنه كثير من الشعراء عبر عمر. وهو إذا ما استمر في بحثه وتقصيه وتحصيله، وقراءاته الثرية المتنوعة، وحماسه الجميل والمختلف في الشعر العربي قديمه وحديثه، وانتقاءاته المتميزة وهذا ما لمسته عن قرب فسنفرح بالتأكيد بنتاج شعري بديع في أرض متعطشة للشعر الشعر.
ولقد فرحت كثيرا حينما وجدت القصيدة التي كانت سببا في معرفتي بشاعرنا الوشمي، وهي قصيدة دافئة جميلة اسمها: (أغنية النخيل) وقد قرأتها في ملحق الرياض قبل سنوات وأعجبتني، فبحثت عن شاعرها إلى أن التقينا، فكانت بداية لصداقة جميلة مثرية رغم المشاغل والبعد، وكانت النخلة، نخلة عبدالله، سيدة الوقت:
(أذكر الآن أن الحقول التي حدثتني
وباحت بسيرتها للمطرْ
قالت: الرملُ سيدنا
قلتُ: والنخلُ
قالت محدثتي:
حرة
كل أوراقه
ما انحنت للفصولْ).
وعبدالله الذي يشبه نخله وقصائده، يدون هنا قصتنا بشفافية عالية، وببوح دافئ:
(وردنا ماء دلجة خير ماء
وزرنا أشرف الشجر النخيلا)
بين يوم ويومْ
بين يوم مضى مثلما تتحدر قطرة ماء
ويوم نكابده بالحروفْ
كانت النخلات على مائنا وحدها تمتطي ظلها،
وجهها كان أقرب منا إلى ربها،
تلمس النجم، شدت على وسطها شالها،
كل أعذاقها الذهبية كانت تتيه بلون القطوف.
يومها..
كانت النخلات على مائنا بالألوفِ
وإن الحتوفْ
أقسمت أن تطوفْ
ثم ها هي ذي الآن تمتد ذابلة في.. الرصيف).
وهو يكتب قصيدته بعين على الجميل في التراث، وعين على الحديث الجميل، ويد حاضرة في الراهن بكل تناقضاته وتقلباته، وبهذا تكون معرفته حاضرة دون انغلاق ادعاء، وهمومه وأفكاره ملموسة دون صراخ أو تسطيح، وهذا هو شأن الشاعر المقتدر، الذي يعرف أسرار وكيمياء الشعر، ويعرف كيف تتوازن القصيدة، وكيف تحافظ على جمالها، وحسنها غير المجلوب!!
(تبدت لنا وسط الرصافة نخلة
تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل)
غريبُ أنا مثل هذا النخيل
غريبُ قتيل
كم مضت في دمائي السنونُ
وأحرقني في وقوفي الصهيلْ
غريبٌ ويكفي
أن صوتي حرٌّ
قال لي النخل: يكفي
إن سعفي
كان أبعد من ليلهم!
قال للموت: لا
حين ألفُ طريق
قال: أهلا بضيفي).
وهناك من الشعر الجميل الكثير من حيث أتت هذه القصيدة، قصائد تشكلت من الأرض، والرمل، والمطر، والنخل، والناس، والوطن.. الأوطان.. وأسئلة في الحياة، والموت (والد الشاعر، الشيخ ياسين، صالح العزاز، النخل..).
(قاب حرفين) عالم من الشعر، والغناء الذي يرد على العالم وصوره، وهو بحاجة إلى متابعات نقدية، وكتابات تبحر في لوحاته المتداخلة، بشموسها ومطرها، نخلها وحنائها، ومقابرها الموحشة أيضا.
إنه ببساطة ديوان يغني الحياة والإنسان، إنسان هذه الأرض العربية، بكل انكساراته وأحلامه، واقعه وآماله.


mjharbi@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved