الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 16th May,2005 العدد : 106

الأثنين 8 ,ربيع الثاني 1426

تكوين
فوزية أبو خالد..؟ (12)
محمد الدبيسي

في السيرة الثقافية ل(فوزية أبو خالد)
ما يمكن أن يرمز إلى دور ريادي محكوم
بمعيار أجناسي.. تُشكل الأستاذة
الجامعية.. مادته الثقافية وموضوعه الشعري..
في الحيز المتاح للإنتاج.. وتمثل الدور في إطار واقعي
ومناخ وظيفي.. وفي سياق وعي مختلف في نوعيته وظروفه الزمنية
(السبعينيات وما تلاها..) لسائد
الكتابات النسوية.. المفتولة بوهن المستوى
وتماهي السمات وضياع الخط الفاصل
في حضور كتابة المرأة الممالئة بالفطرة
لسلطوية السند الذكوري.. والمنضوية تحت أستاره..
ذلك الحِمى الدافئ.. الذي تحوَّل إلى قمقم صلد..
في إنشائيات كلاسيكية.. وأنماط تعابير عاطفية..؟
أو جافة (صورية) في تصورها للوجود.. ووعيها بواقعها القريب..؟
لتستحر أزمتها بالبحث عن دور.. كتعويض مناعي
يتجاوز العقلانية في فهم طبيعة هذا الدور.. فضلاً عن التعبير عنه..؟
(تعبير) متخم بعقدة اضطهاد ودونية.. تروم كسر إيقاعها
الاجتماعي.. كمنوذج للكفاءة المستترة.. والطاقة المعطلة..؟
** وهي (حُزم) المضامين العائمة في الخطاب النسوي، الذي
ظهر كفقاعات شعارية، لا تنبئ عن شرعية أو مقومات الاستقلال
كدعوى..؟ بقدر ما تعبر عن أزمات خاصة.. وحالات فردانية مشتتة
لا يجمعها مشترك، ولا توحِّدها رؤية.. تلوذ بلغة إقحامية
ومبررات خارجة عن الشرط الاجتماعي والثقافي..!
يراها الناقد محمد العباس ومن منطلق
رؤية كلية إلى المرأة.. التي سكَّ نظرته إلى
كونها الإنطولوجي بموضوعية
عنونها ب(ممر إلى القارة السوداء..) قرَّر فيها
(أن محايثة الأنثوي بالشعري هو المدخل
إلى فتنة هذا الآخر البشري..
من حيث علاقته بفتنة التعبير اللغوي..
أي الاحتفال بالمتخيل الجسدي الفكري عبر جمالية
الخطاب الشعري، بما يولد كنص شعري من أنوثة
مضاعفة، مدبرة في أصلها التكويني من مزيج الكتابة
والجسد ومؤكدة لسلطته بسطوة أو استعادة
هي مشروع الشاعرة الحضوري وتوبيوجرافيتها الفاقعة..)
** في هذه الأجواء.. كان إصدار (فوزية أبو خالد)
لمجموعتها الأولى (إلى متى يخطفونك ليلة العرس) (1973م)
إعلاناً جريئاً لا يشير إلى وعي ثقافي نسوي جماعي..؟
بل إلى ولادة صوت شعري حديث.. وتجربة مبدعة،
لها مؤثراتها وتجلياتها التكوينية.. وتنحاز إلى وعي فني
خارج منظومة القيم الاجتماعية والثقافية السائدة آنذاك..؟
(وعي) رأى في القصيدة ملاذاً للتعبير عن الحالة الثقافية
من زاوية متفردة.. مكَّنها من الانتشار والذيوع
كدلالة على حقيقة مجازية.. تظل المرأة في
دائرتها مرتهنة لتبعات الرؤى الماضوية
فاقدة لشرط السيرورة والتحول.. والمغايرة
.. بل والوجود بمعناه المعرفي..؟
** ما جعل النقاد.. يعدُّون (فوزية أبو خالد) رائدة
في مسار قصيدة النثر.. كإشارة استحقاق فني ثقافي..
لم يقيم في إطار معاييره الزمنية.. وظروف ولادته.. في خضم
متواليات الحراك الثقافي والتنموي العام.. الذي كان ملتبساً..
يتوق ممثلوه والمحظيون بتكريسه إلى تحطيم
شرنقة التكلس في الماضوية.. وتسريع وتيرة تناميه
وتفاعله مع المشتركات
الأكثر دينامية وتوازناً.. إلى التبشير بخطاب
إبداعي.. تثقله بنى الواقع الاجتماعي
وأيدلوجياته.. بل ومحددات تداوله الشعبي..؟
وسأعود لتلمس تبديات وإشارات
هذا الاتجاه.. بوصفه دلالة ثقافية في
إنتاج (فوزية أبو خالد) في وقت لاحق..؟
** إذ لا يمكن وفقاً لمنهجية أية مقاربة.. تتبُّع هذه
الإشارات دون توخِّي محايثاتها.. القناعية والثقافية
الموضوعية.. والذاتية كنسق شعري، دون فضل تأمل
إنتاجها النثري (الفني).. الذي قارب حياكة سيرة
ذاتية.. في مدوَّنتها (كمين الأمكنة) المنشورة
في ملحق جريدة اليوم.. نهاية التسعينيات الميلادية.. التي تجلَّت
فيها بنى سيرة تفصيلية، استثمرت فيها محصلات
معجمها الجمالي.. وحساسية تجربتها الشعرية..
وذائقة استشعارها للمكونات العامة في سيرة (امرأة)..؟
تُومئ الفصول المنشورة من (كمين الأمكنة) إلى
استيعابها للمكون الأهم في سيرتها (الثقافي) الذي
تجلَّى عبر سرد نثري تمكنت الشعرية من الالتفاف
على نسقه الأسلوبي.. ليبدو أقرب إلى ذائقة التلقِّي..
وأكثر مطاوعة لكيمياء الكتابة لدى فوزية أبو خالد..؟
** ولعل ما حفزني على سوق هذا المهاد
هو (مرثية الماء).. النص/ المجموعة.. الذي أصدرته
الشاعرة هذا العام.. ويشكل بنية
نصيَّة مستقلة.. تتصل بنسق دلالي.. تكوَّن
عبر مجموعاتها السابقة، ولا سيما (ماء السراب)
الذي يكشف الناقد (نذير العظمة) منظومته
الدلالية بقوله: (إن الشاعرة تتكلم
عنا من مجتمعنا، وعن أشواق أنفسنا
وصبواتها وانكساراتها، فخطاب
فوزية الشعري.. اخترق حاجز
القصيدة الجنس.. وألفنا إلى عالمه..
فالشاعرة فيما تفصح عن انتمائها
لأرض الجزيرة لا تغفل هويتها
الإنسانية.. فأوجاع المجتمع الذي
تنتمي إليه.. التي تضج في صدرها
أحلاماً وحياة وحركة.. لا تستبعد
أوجاع الإنسان عامة.. ولا تشكل
هذه الأوجاع حجاباً بين الأنا والآخر
من جهة.. وبين نحن والعالم من جهة أخرى..).
** وبهذه الرؤية.. يمكن استشراف الفضاء
الدلالي.. لإنتاج الشاعرة والمتحقق
النصي.. الذي يشكل قاعدة تطبيقية
لرؤية (نذير العظمة)..!
** كما يمكن.. مقاربة نص (مرثية
الماء) وفقاً لناظم دلالي يؤالف بين
مجموعاتها الشعرية.. ويستخلص
منها المكونات التشكيلية لهوية نص شعري..
تراكمت وحدات رؤيته عبر معطيات نصية..
فالنص كشوف متوالية لسيرة حزن.. يُعاد تدوينها
بعد أن استنفدت طاقاتها الطبيعية وشتاتها الشفهي..
وإذا كانت هذه المجموعة في مجمل بنائها
العضوي.. انتفاضة على الصرامة والقيد
الشرطي للمفهوم الجمعي للنص
الشعري.. وتمكينه من التنويع
والإثراء الدلالي.. القائم على تأبين
(الماء).. كلازم حسي ومعنوي للخصوبة والنماء... (يتبع)


Md1413@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved