الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 16th June,2003 العدد : 16

الأثنين 16 ,ربيع الثاني 1424

أدهش الرحالة والمستشرقين
الليدي آن بلنت وثقت جمال حائل قبل مائة وأربعة وعشرين عاماً
المبدعون في حائل وجدوا في جمالها مصدر إلهام نقلوه إلى أعين الآخرين

* الثقافية محمد المنيف:
أشعر بالسعادة الغامرة وأنا أشرع في الكتابة عن الابداع التشكيلي في حائل نتيجة معرفتي الكبيرة والطويلة بعدد لا بأس به من الرموز التشكيلية في هذه المنطقة الغالية من بلادنا جمعتني بهم الدراسة في نفس التخصص أو ممن فرضوا الإعجاب بهم بما يبدعونه من عطاء تشكيلي ولهذا فإن ما سأكتبه لا يتعدى غيضا من فيض أبنائها ممن أوصلوا بعطائهم التشكيلي الكبير واقع ووجه حائل الجميل بصرياً إلى أعين الآخرين مع معرفتي التامة بوجود أقلام قادرة على ملء هذا الفراغ بالكثير مما لا أملكه عنها إلا أنني أرى في مشاركتي ما أعتز به أولاً ثم ان في اتاحة الفرصة لمن هم خارج نطاقها ما يعني طرح الرأي والرؤى لن يداخلها مجاملة بقدر ما تعني الاعجاب والاعتزاز وان هناك من وضع لحائل وللفن التشكيلي فيها مساحة من المتابعة والاهتمام كما في علاقتي بالكثير من فناني حائل ومن رواد البدايات فيها ما يزيد من رغبتي في الكتابة عنهم.
وقبل استعراض الفن التشكيلي في حائل وددت أن أعرج على البيئة الجغرافية والتاريخية بما يتعلق بطبيعتها وجمالها وما تركته الحضارات من آثار تؤكد أصالة وتاريخ المنطقة، ويمكن لنا أن نطل على هذه الجوانب التي من أهمها وقوع منطقة حائل وبالذات المدينة الأم على الطريق الرابطة بين بلاد الرافدين وبلاد الشام من أهم مميزاتها وأضع لها أهمية في كثير من الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ومنها الجوانب الجمالية فيما يتعلق بالمنتجات اليدوية والصناعات التي لا تخلو من الابداعات الفنية التي تأثر بها أجيال تلو أجيال نتيجة الموقع الذي أصبح حلقة وصل وممراً ومستراحاً للمسافرين من التجار والجيوش منذ أيام الحضارتين الفينيقية والتدمرية أومن حضارات عاد وثمود، بحيث أبقى إنسان تلك الحضارات آثاره في كل شيء ابتداء من أنماط البناء أو في الرسومات والنقوش الأثرية حتى أصبحت دليلاً وشاهداً على آثارهم ومن توالى سكنهم أومرورهم بالمنطقة. اذ تظهر تلك النقوش والرسوم والرموز على صخور الجبال في المليحية وياطب، وجبة، وجانين، والشملي، وغيرها. وينسب بعض المؤرخين أسماء البلدان في المصنفات القديمة إلى العماليق مثل سميراء، وزرود، وفيد فدك (الحائط) التي كانت معروفة أيام البابليين.
جمال حائل في عيون الرحالة
حينما نتحدث عن حائل أو يكتب عنها من يعتبرها جزءاً لا يتجزأ من كيانه وروحه وعشقه وانتمائه الوطني فإن الشهادة منه فيها مجروحة وقد لا يستغربها الجميع لكن ان يتحدث عنها الرحالة والمستشرقون وعبر حقبات تاريخية مختلفة منهم الرحالة الفنلندي وآلان سنة 1845م الذي ألف عنها كتاباً سماه صور من شمال الجزيرة العربية كما زارها سنة 1862 وليم بلجريف والرحالة الايطالي كارل غوارماني عام 1864 والفرنسي شارل هوبر عام 1884م يصفون جمالها منذ قرون فإنها أكبر الدلالات على ما تمتلكه هذه البقعة من العالم من ميزة وجمال وضعها في مصاف المناطق السياحية العالمية لهذا دعونا نستعرض بعضا مما جاء على لسان الرحالة الليدي آنبلنت في كتابها "رحلة إلى بلاد نجد" خصصت جزءا كبيرا منه لحائل حيث تحدثت في الجزء الرابع بعنوان "من جبة إلى حائل" آخذة من هذه القرية نموذجاً في وصف جمالها وجمال بنيانها وعن السكان والواقع الاجتماعي الرائع، وتقول عن حائل أنها حين اقتربت من مدينة حائل صعدت مع مرافقيها إلى قمة تشرف على الجهات المحيطة فرأت سلسلة جبال رائعة تمتد بعيداً إلى الشرق والغرب تقول عنها الليدي أنها تذكر الإنسان بجبال "سيير حوداراما" في أسبانيا، كما تصف جبل شمر أن كل الأماكن تتشابه إلا جبل شمر فلا شيء يشبهه على الأقل فيما شاهدته في هذا العالم، وتصف الجبل بقولها كان المنظر أمامنا جميلا يفوق الوصف سهلاً كامل الاستواء يتدرج في الارتفاع ومن ورائه الجبال القرمزية اللون قريبة منا ذات طرف منيف شامخ على كل الجبال وتضيف ان معالم جبل شمر لها روعة غريبة ترتفع مكونة ذرا وقبابا وقننا تاركة بينهما كوة تستطيع من خلالها ان ترى السماء ويأتي وصفها البصري سريالياً حينما تقول عن احجار الصفاة "الحجر الصلب الأملس" العجيبة وكأنها تتدحرج عن خط السماء "الأفق" ولم تترك الرحالة "الليدي آن بلنت" تفاصيل الجمال حيث قالت عن حائل ان معظم بيوتها تخفيها النخيل دليل على كثافة المزارع والسور الذي يحيط بها، كما تحدثت عن الصحراء وعن الأودية والقرى خصوصاً بلدة عقدة مشيرة إلى أنها قلعة في الجبل على بعد أميال قليلة من حائل لم يرها من الغرباء قط من قبل وقت زيارتها لها واصفة الوادي الذي يتسع من داخلها الى مدرج مكون من ثلاثة أودية أوأربعة حيث توجد القرى والبساتين من النخيل خصوصاً النخيل البرية، كما تسميها وتصفها بشكل بصري شاعري مجسدا الشكل كلوحة فنية بقولها هي بلدة جميلة جداً في تكوينها المتباين بين الخضرة الخصبة الخلابة وبين الصخور الجرانيتية العادية التي تطل عليها من كل جانب إذ ترتفع هذه الصخور إلى مسافات قد تبلغ الألف قدم، وتضيف عن ضواحي حائل بقولها من أمامنا واجهة أمامية خشنة كرمال محمرة وما غسلت الأمطار من صخور جبل (أجا) الجرنيتية مع أدغال كثيفة من اشجال الأثل كما يأتي وصفها لخط الابل من حائل إلى مكة بأسلوب رائع حيث تقول كان هنا خط الابل وكل واحد من تلك الابل ينعكس تماماً في السراب الذي تحته من نقطة زرقاء وحمراء وخضراء قرنفية ممثلة العفش والخيمة التي يحملها وخلفه تظهر جبال (أجا) بلون الياقوت في كتلة مختلطة رائعة كأغرب وأجمل سلسلة جبال يمكن أن تخطر على بال.
الأثر والتأثر والإبداع المعاصر
مررنا بمختصر عن واقع حائل تاريخاً وبيئة وطبيعة غناء على لسان الآخرين ممن شاهدوا الكثير في هذه المعمورة، ورغم ذلك شهد والحائل بصدق بوصفها بكل ما هو جميل وهنا يمكن لنا أن نكون قد رصدنا مصادر الجمال ومنابعه باعتبارها أثراً يتبعه أجيال جديدة بعيون وأفكار وأدوات معاصرة تعكس هذا الواقع وتسجله في أعمال تشكيلية حديثة مع تمسكنا بالمرجعية الأصل وهي واقع حائل الفطري الأصيل، وبما تتمتع به من خصوصية وتفرد فكل عمل يخرج من رحم ذاكرة فناني حائل لن يكون إلا انعكاساً لما تلقته أعينهم ورصد في عقولهم الباطنية وامتزج بوعيهم الابداعي وثقافتهم المتجددة المدعمة بالدراسة وصقل الخبرات، فغالبية المبدعين التشكيليين في حائل مؤهلون ومتخصصون في مجالهم مع أول دفعات المعلمين في مجال التربية الفنية من تخرج من معاهد المعلمين أو معهد التربية الفنية، وكان لي مع العديد منهم زمالة ورحلة ابداع أذكر منهم على سبيل المثال الفنان عبد العزيز المشاري وهو ممن كان له اسم ودور ومستوى تميز خلال دراسته في معهد التربية الفنية مع أول دفعاته ما بين الأعوام 1386هـ إلى 1389 إلا أن ظروف وواقع الاهتمام بالفن في ذلك الوقت لم تكن مهيأة لاستمراره، ومن كان معه من المعلمين منهم من ساهم في المشاركات في بدايات المعارض على مستوى حائل ومنهم من قدم خبراته في حدود المدارس وكان له دور في تنمية مهارات العديد من الأجيال وأعني هنا أن حائل زاخرة بالأسماء وبالمبدعين إلا أن ظروف بعدهم عن دائرة الضوء قد تكون من أهم أسباب عدم وصولهم للمتابعين.
أسماء ومنافسات محلية ودولية
تأتي مرحلة لاحقة من عمر ومسيرة الفن التشكيلي في حائل حيث برز فيها أسماء لها دور مهم وفاعل على مستوى المنطقة ومستوى المملكة تعداها الى العالم العربي والدولي نذكر منهم الفنان علي الضمادي باعتباره من الرواد الأوائل الذين حققوا الكثير في هذا المجال عبر تبنيه للعديد من الموهوبين خلال تدريسه للفنون التشكيلية بمدارس المنطقة اصبحوا اليوم فنانين بارزين اضافة إلى ابداعه المتنوع في مجالات الفنون التشكيلية من تصوير زيتي ونحت وأعمال فراغية إلى أن وصل إلى مرحلة الطرق على النحاس وتشكيله وتوظيفه لخدمة الفكرة والموضوع بأسلوب عصري نال من خلاله الجوائز وشهادات التقدير وحظي بإعجاب النقاد محلياً وعربياً وما زال يبدع في هذا التوجه مع أن هناك ملامح لاقدامه على ابداع جديد وخامة أخرى كعادته فناناً ديناميكيا لا يحب الوقوف أوالبقاء في حدود ضيقة، فالابداع لديه يتسع للكثير من التنقل والتطور والبحث الجاد، فالضمادي مؤهل في مجاله وممتلك لثقافة تشكيلية عالية.
ومن الفنانين الذين أصبح لهم تواجد على الساحة وعبر معارض شخصية يبرز الفنان صالح ناصر المحيني بحضوره المتميز وتجاربه التي تكشف المساحة الكبيرة من قدرة الابداع لديه ساهم في العديد من المعارض وحقق العديد من الجوائز وشهادات التقدير.
أما الفنان ناصر الضبيحي فقد أكد حضوره بمعرضين أحدهما في حائل افتتح على شرف صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، حينما كان أميراً لمنطقة حائل والثاني افتتح على شرف صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب، وقد برز في المعرض الأول اهتمامه بالخيل ودراسة تفاصيلها مع اضافة بعض الرموز والعلاقات الانسانية بين الإنسان ممثلاً في المرأة والخيل، أما في معرضه الثاني فقد خصصه لمسير الفهد جسد فيه ملامح النهضة الكبيرة التي تعيشها بلادنا في ظل خادم الحرمين الشريفين، كما نجد أيضاً من الفنانين البارزين في منطقة حائل الفنان يوسف الشغدلي من الأسماء التي أثرت الساحة انتاجاً وادارة لهذا المجال، وهناك مجموعة من الأسماء من التشكيليين والتشكيليات الذين اخذوا على عاتقها ابراز واقع الجمال في حائل عبر اللوحة فأصبحت أسماؤهم حاضرة ومساهمة في مختلف المناسبات التشكيلية على مستوى المنطقة خاصة والمملكة على وجه العموم وكان لمعرضهم المصاحب لفعاليات حائل بعد حيي العام الماضي أثر كبير ومثار اعجاب نذكر منهم الفنان عبد الرزاق الخشمان والفنان خالد الغازي والفنانة بدرية الشهري والفنانة مشاعل الوزري والفنانة عواطف اليوسف والفنان صالح الزيد والفنانة ليلى النافع والفنان عبد العزيز رشيد العمرو والفنان متعب محسن الغازي والفنانة بشاير عيد المعارك والفنان جديع العمودي والفنان عبد العزيز صالح الزماي والفنان سلامة يوسف الشغدلي والفنان عبد الله إبراهيم العواد والفنانة فلجاء عثمان والفنانة عواطف الطريفي والفنانة ايمان سالم التميمي والفنانة ثريا حزوم القفيعي والفنانة رقيبة الحسن والفنانة مشاعل الوزري والفنان فوزي الشايع والفنان بندر المعاشي والفنانة وداد مبارك المنيع والفنان حاسم صالح الزماي والفنان بندر فهيد الشمري وآخرون.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved