الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 16th August,2004 العدد : 72

الأثنين 30 ,جمادى الآخر 1425

هوبكنز بين أدوات الرعب..وآليات الفن
عبدالله السمطي

حين تحدق في وجه الممثل انتوني هوبكنز ترى تراكمات وتعرجات الخبرة السينمائية الطويلة التي تتبدى من خلال هذا الأداء التعبيري العالي الذي يصبح فيه الوجه هو أيقونة الممثل وعلامته الأولى لدى المشاهد، ومنذ فيلمه الشهير: (صمت الحملان) الذي أداه أمام الممثلة: جودي فوستر والذي حصلت عنه جائزة الأوسكار كأحسن ممثلة، نرى براعة هذا الوجه في هذه النوعية المرعبة من الأفلام السينمائية إنه يقدم الشر والرعب معا بشكل دراماتيكي عال، وبحس طاغ بالترهيب الإنساني إذا صح التعبير فهوبكنز أدى الدور تماما، الدور المرعب الذي لا يمكن نسيانه مازجا فيه البعد النفسي المركب العميق للشخصية.
بالطبع لا نتحدث هنا عن قيمة التقاطيع الفنية لوجه هوبكنز، بل عن الآليات الفنية التي يكتنزها، فضلا عن القيمة الحركية الجسمانية في الالتفات المرعب أو في نظرات العينين بتحديقاتهما التي تتشكل حسب الموقف والمشهد، وحسب نوعية اللقطة السينمائية وزاويتها.. هوبكنز مقنع تماما في أدائه حتى لو كان الدور شريراً، إنه يؤدي حسب موهبة الممثل وخبرته الفنية، والمثير أن هذا الأداء الذي قد يتوارى فيه الصوت ليتحرك المشهد الصامت يمتزج بما هو مسرحي درامي، حيث الحركة لها حساباتها الدقيقة وأيضاً تعبيرات الوجه والصوت.
يكرر انتوني هوبكنز الدور، بشكل تراجيدي في هابينال هذا الفيلم الذي عرض سينمائياً في عام 2001 وحقق ايرادات خيالية وحاز على عدة جوائز أوسكار، وفي هذا الفيلم يمتزج التاريخي بالمأساوي، بالرعب الدائم الذي مارسه بطل الفيلم هوبكنز الذي يمارس تبعا للشخصية القتل المستمر إلى درجة التلذذ بالجسد الإنساني حين يتناول وجبة مخ إنسان في مشهد مقزز سينمائياً حيث يقطع أعلى رأس أحد الأشخاص ويخرج مخه ثم يقوم بأكله، ورغم التقزز من المشهد إلا أنه تم أداؤه بشكل فني عال، وبسبب القتل الدائم الذي يمارسه بطل الفيلم، يتم استثارة المشاهد وتشويقه أكثر وأكثر لا لتقبل عنف الجريمة، بل لقراءة البعد الداخلي للشخصية، وتحولاتها النفسية، وهذا أقصى ما يمكن استيلاده من الممثل الموهوب لإبداع أغلى طاقاته الفنية.
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved