الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 17th July,2006 العدد : 162

الأثنين 21 ,جمادى الثانية 1427

محمد بن عبد الله الحميد رئيس نادي أبها الأدبي
أحمد علي آل مريع *

الحياة تعلِّمنا مرة بعد أخرى أن النسبوية الهائلة التي تحكم علاقات الأشياء بالأحياء تجعل من الاختلاف أساساً، وأن الاتفاق وإن كثر من حولنا في عيوننا فإنه رأي فطير لا رأي بصير، لا يلبث أن يستحيل إلى تنوع واختلاف بمجرد التحقق.. ولذلك يختلف أكثر من يختلف الفلاسفةُ والمفكرون والمثقفون؛ لأنهم يجيدون التعبير عن مشكلاتهم أكثر من غيرهم، ويفصحون عن تصوراتهم وما يعتقدون بكل دقة..
هذه النسبوية الطاغية في تلقِّي الأشياء تفضح ما اعتاد عليه طائفة من الناس في العالم الثالث من رؤية الأشياء ببُعد واحد، لذلك نتشنج رفضاً ونتعصب قبولاً، وننسى أننا كنا يوماً (ما نرفضه)، أو أننا رفضنا اليوم (ما قبلناه) بالأمس. وفي الحديث الشريف: (أحببْ حبيبك هونًا ما... وأبغض بغيضك هونًا ما...).
وتبقى كلمة السر (الحب) آلة الاحتواء الأمثل لصخب الحياة، وتلك هي المفردة التي رتلها أبو عبد الله محمد الحميد وهو في سدة رئاسة نادي أبها الأدبي إدارة وسلوكًا وجعلت الجميع ينشدون للوطن والإنسان في جوقة العمل الجماعي، وإن اختلفوا رؤية ونموذجاً..
فالعمل وحده هو الذي يملي على الجميع مراسم الائتلاف.. لأنَّ الناس إنما يختلفون في القيظ، حين يفرغون، إذا القلوب لدى الحناجر.. وعند الغنيمة المهملة حين تعظم حظوظ النفس من الأماني الواهمة.. وفي غير ذلك لا تتسع هوة خلافهم وإن اختلفوا... أما في العمل فإن الاختلاف وإن كان فإنه (اختلاف ب.....) وليس (اختلافاً مع.....). وبونٌ كبير بين (الباء ومع)؛ ففي الأولى يكون المراد (الهدف)، وفي الثانية يكون المراد (الهوى)!! وهذه منقبة من أبي عبد الله.
(الحبيب)... (يا الحبيب)... لازمة بين فم أبي عبد الله ومن يستمع إليه، ولو كان مداد الاختلاف لم يجفّ بعد؛ فالكبار يعرفون واجباتهم قبل تذكر حقوقهم..
إذ تدلف إليه يشنف سمعك هازجاً أو مرحباً بأحب أسمائك إليك لقباً أو كُنيةً.. وتنظر حولك فلا تجد أحداً سواك يقتعد رحابة مجلسه... فكيف تقول: (لا...).
الخلق الحسن سحر حلال؛ لأنه يتألف النافر العصي، ويطمّن الناشز، ويجعل المدى واسعاً منبسطاً لا ضيقاً حرجاً... وذلك سمتٌ من أبي عبد الله أعجز به من بعده!!
أبو عبد الله نسيج وحده كما تقول عبارة التراث.. تأمل صور المناسبات، تأمل أشرطة الفيديو.. تعجب أشد العجب فمن يقعد إلى جواره هم من انتقدوه.. وراجع سجلات صندوق الأديب تجد فيه من شنع وأغار على شخصه وتاريخه ذات ليل، ومن يعمل معه اليوم هم من كانوا على خلاف مع ناديهم فيما مضى...
يهتم بزملائه المثقفين أن نأوا أو غابوا أو انشغلوا، أو عثرت بهم كلمة، أو نبا بهم قلم، ولو فصلت بينهم وبينه السنين أو كانوا في سنّ أحفاده... يتتبع أخبارهم، ويقيل عثراتهم، ويسعى بجاهه لما يصلح شأنهم؛ فليس هو - على رغم سنه أمدَّ الله في عمره - رجل أريكة يكتفي برئاسة نادي الأدباء، ولكنه مثقف عضوي كما أراد هو.. لا كما أراد (كرامشي).. وهذا هو الفرق بين الإدارة والقيادة.. بين الوظيفة والريادة... بين من يتمطى على جفاف المواد واللوائح... ومن يحفز الجميع ليعمل حيث ينتج ويبدع...
ترجل أبو عبد الله والإدارة ومثقفو عسير أشد ما يكونون تعلقاً به، ومطالبة ببقائه... ترجل أبو عبد الله بعد أن خدم دينه ووطنه وناديه... ترجل أبو عبد الله ضاحكاً مطمئناً قائلاً بكل ثقة لمثقفي وأدباء المنطقة ولناديه الذي رعاه لبنةً لبنةً: أمطروا أنَّى شئتم، وكيف شئتم؛ فسيأتي وطني خراجكم أوفر ما يكون خيراً ونماءً.


* ناقد وأكاديمي - عضو مجلس إدارة نادي أبها الأدبي

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved