الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 17th July,2006 العدد : 162

الأثنين 21 ,جمادى الثانية 1427

وجوه وزوايا.. أحمد الدويحي
طقم الرئيس!

شاعت في العواصم العربية في العقود الماضية، ما سمي ثقافة المحور وثقافة الأطراف، ولم يكن مثل هذا المصطلح يشكل أي قيمة بقدر ما كان مثيراً لجملة من الأسئلة الاحتمالية، بقدر ما كان دلالة إلى محاولة السعي إلى خلق النقيض، وما سعي إلى تكريسه خلال قرون وعقود من الأزمنة، ولخلق علائق ورؤى وأفكار أكثر تشابكاً مع المتغير الحديث الذي ينمو، ليصبح أكثر امتلاءً وحيويةً مما هي الرؤى الأحادية!
ولم تكن مثل الرؤى والأفكار مجرد دعوة للانسلاخ عن الثقافة الماضية الجاهزة، وقد ظن كثيرٌ من الذين لم تعجبهم مثل هذه المصطلحات، وما أكثر الطروحات المرفوضة في العالم العربي، وما أكثر الجاهزين الذين يجدون أنفسهم في موقف المتصدي لكل ما هو جديد، ويجدون أي إضافة جديدة بالضرورة موجهة إلى خصوصيتهم، فلا يكتفون برفضها بل يصيرون إلى محاربتها، ومقاومتها بما اكتسبوه من مركزية خلال عقود.
وأرى أن في واقعنا الراهن بأن معركة العقل هي معركة فرز وبناء وإضافة وتطوير، وفتح النوافذ المشرّعة للتجاذب والتحاور الإيجابية لكل ما هو قابل للأنصار وليس لمجرد التضاد، والرغبة في تلك الإضافة، فالمسألة ليست معركة تعمية أو انسلاخ..
المتأمل لظاهرة لم تكن معروفة في حياتنا المدنية، وقد أصبحت في العقود الأخيرة من سمات الحياة الوظيفية، وقد تتجاوز محيطها لتمس كما نرى شرائح واسعة اجتماعية واقتصادية وثقافية، فالناس عرفت أن الوزير الجديد يأتي ومعه طقم خاص به، يحدد الوزير نفسه أسماء ومناصب أولئك الذين يريد أن يستعين بهم من وزارته، وربما يأتي بهم من أجهزة الدولة المختلفة، ثم يعطي هذا العدد وتلك الأسماء الوظائف القيادية المشغولة والشاغرة، ويمنح الفرص المتاحة التي قد لا تتحقق، ولا تتوفر لنظرائهم ولو كانوا من الذين سبقوهم في الخدمة وفي ذات الموقع، وتأتي الدلالة دائماً بأن هؤلاء الفاتحين، الجدد، جاءوا لتنفيذ سياسة الوزير وليست سياسة وطن، فشهدت تلك الأمكنة غياب فعاليات، ما كانت لتغيب لولا غياب وعي أولئك الموظفين الجدد على مواقعهم ومناصبهم الجديدة، وفراغ التراكم المعرفي لحاجة الناس ومتطلبات موقع ذات الوظيفة، وقد حلت البيروقراطية والفساد المستشري في جسد وأوصال هذا الجهاز الإداري، فتضخمت المحسوبية وانتشرت في المركز والفروع، وعانت تلك القطاعات التي لها صلة مباشرة بحياة الناس ومعيشتها ومصالحها من هذه الإشكالية، فبتنا لدرجة مخيفة نسمع في أمكنة التجمعات العامة والاستراحات تعليقات ساخرة وجادة مرة، وليس سراً بأن كثيراً من مشروعات التنمية، صارت بحاجة إلى إعادة قراءة، وغربلة وترسيم وتصحيح كثيرٍ من الأخطاء الشائعة.
وثقافياً من يقرأ خريطة أسماء المنتمين إلى المؤسسة الثقافية في تشكيل مجالس الأندية، يقرأ مثل الملح التنموي في شكله العام طقم الوزير، وقد نقرأ تشخيصاً يظل المسكوت عنه أجمل في عيون فاعليه لو لم تفعل، وقد فقدنا ميزة الترشيح والانتخاب في الأندية، للتشكل خلية النشاط الثقافي والأدبي والفني، هذا النسيج الجميل الذي يشكل وجدان الناس بعيداً عن سطوة وحضور الرئيس وبعض الأعضاء وهنا الخطورة.
افتحوا حدود الدهشة، وتبينوا هذا المشهد، واحفظوا اسم أديبة!
تذكرت هنا - ثقافة الأطراف، وأنا أقرأ خبر لقاء المثقفين في مدينة جيزان ببعضهم بعد التشكيل الجديد للنادي الأدبي، وحوارات سطحية وعميقة من بقايا الجدل الحداثي وفتاوى بيزنطية، ليأتي فل جيزان وحده ليكسر تلك المعادلات في تلك المدينة التي مررت بها ذات ليلة وحيداً ضائعاً، فأعادت لي بنكهة فنانيها وكتابها شعراً وحكايةً وطرباً ونشوةً وحياة تلك الحكمة اليمانية، ونحن ننشد روح الحوار في شارع الحياة الطويلة، فالمرأة التي قال رضي الله عنه (أخطأ عمر وأصابت امرأة)، في حوارٍ لم يكن عبر دائرة تلفزيونية، تبرع بها رجل أعمال من زمن الطفرة، وحان قسمة (الكعكة الحجرية) أجراً أو شهرةً وهذا حقه، ولا صوتاً آتياً عبر مكالمة تليفونية وصاحبة الصوت بين أربعة جدران، وإنما في شارع الحياة لتخلد مقولة الخليفة العادل، وهكذا كان حوار (أديبة بنت عمر طاهر زيلع)، ابنة الريس الذي لن نقول له أخطأ عمر وأصابت أديبة، لأن أديبة من ذات الطينة، وذات الذهنية وتلك وربي من سمات الحياة الحرة!


aldw17y1000@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved