الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 17th October,2005 العدد : 127

الأثنين 14 ,رمضان 1426

نص
نسيت أني امرأة وأنك رجل
بهية بوسبيت
انتظرتك طويلاً فلم تأت.. غيابك المفاجئ زاد من مخاوفي عليك، حاصرتني الهواجس والظنون، حولت ممارساتي اليومية إلى أفكار قاتلة مدمرة، سرقت مني راحتي واستقراري وشعوري بالأمن، حرمتني من لذيذ النوم، مضيت أتسقط أخبارك عن بعيد، قالوا لي إنه سيهجرك النوم، مضيت أتسقط أخبارك عن بعد، قالوا لي إنه سيهجرك إلى الأبد خنقت مخاوفي في أعماقي، كتمت حسرتي.. قلت مرافعة عنك هذا غير ممكن، لم تفارقني الدموع منذ ذلك الحين.. كما لم يفارقني السهر والأرق.. تساءلت بيني وبين نفسي.. أينا الأكثر وفاء أنا أم أنت؟.. أينا الأكثر صدقاً وحناناً أنا أم أنت؟.. وأينا الأكثر تضحية؟!.. أنا أم أنت؟.. وسرعان ما عدت بذاكرتي إلى الوراء.. يوم جمعتنا الأيام معاً.. اتحدت قلوبنا وأرواحنا، أصبح كل منا جزءاً لا يتجزأ عن الآخر.
كانت آمالنا كبيرة على رغم بساطة أحلامنا الكثيرة، وأمانينا عذبة عذراء، وهبتك كل ما أملك من مشاعر وأحاسيس صادقة فياضة، ضحيت بالكثير من أجلك، أفنيت زهرة شبابي وربيع عمري وأنا إلى جانبك، وكثيراً ما حرمت نفسي من متع الحياة ولذتها، احتويتك بكل عذاباتك وآلامك ومشاكلك، كنت أعاني من أجلك وأتعذب أكثر مما تعاني وتتعذب أنت..! وكنت على رغم ذلك سعيدة بك ومعك، رضيت بفقرك، وامتصصت غضبك في صمت ساحق خوفاً على مشاعرك وأحاسيسك، وعلى رغم خيبات الأمل الكبيرة التي وقفت حائلاً بين سعادتنا، كنت أتمنطق بنطاق الإيمان والصبر، وأتنفس بالأمل والرجاء.. وكثيراً ما أخرجتك من سجن اليأس إلى بر الأمل، وحين مرضت كانت مخاوفي عليك كبيرة جداً، كانت دموعي ودعواتي إلى الله لا تنقطع ليل نهار بأن يمنّ عليك بالشفاء، كنت أرى الدنيا بعينيك، وكنت أسمع بأذنيك، وأتكلم بلسانك.. كنت كل شيء في حياتي، وحينما أتصور العيش من دونك.. أشعر بالضياع، وأفقد كل إحساس بالأمان، كانت صراحتك معي وصدق مودتك لي، وطيبتك معي، وحسن تعاملك وحنانك ومخافتك الله، وحبك للفقير ولليتيم وإخلاصك لكل من تعرف دافعاً قوياً لتآلف روحينا وقلبينا معاً..، كنت أراك ملاكاً في ثوب إنسان، وهذه الليلة غفوت للحظات بعد معاناة مع السهد والسهر فرأيتك قادماً.. وأنت ترتدي حلة جديدة.. وكنت حائراً مفكراً.. سألتك بلهفة والتياع.. ما الذي شغلك عني؟!.. قلت لي بقلب لاهث: لقد.. لقد تزوجت، لحظتها أحسست بخنجر يهوي إلى قلبي.. ويستقر في حنايا ضلوعي.. كنت مكذبة.. تذكرت فجأة أنك منذ شهور لم تكن أنت؟ كنت إنساناً آخر..، وكثيراً ما قلت إنك ستتزوج بأخرى.. وكثيراً ما جرحتني وتجاهلت تضحياتي الكبيرة التي قدمتها من أجلك، حتى الجوع والعطش ذقت مرارته وقسوته، ولم أكن متبرمة قط كنت أخالك تداعبني فلم أكن أعلم أن مداعبتك البريئة ستتحول في يوم من الأيام إلى حقيقة، حتى جراحاتك لي كنت أجد لها ألف عذر.. وعذر.. غالبت عبراتي ودموعي وقلت لك.. سامحك الله وأدام السعادة عليك.. لم تحر جوابا.. لكني قلت.. لقد نسيت في قمة مودتي لك وتعلقي بك.. أنني امرأة وأنك رجل..!
والرجل كثيراً ما يقسو، وإنني امرأة.. والمرأة إذا أحبت اقترنت روحها بروح أخرى أخلصت ووفت بلا حدود.. تساقطت على الأسئلة، ورحت أتساءل بيني وبين نفسي.. ترى هل استطاعت الأخرى أن تنتزعني منك تماماً؟ هل استطاعت أن تحتل مكاني في قلبك؟ هل ستحبك بصدق حباً خاصاً بعيداً عن الأنانية والمصلحة كما أحببتك؟ أم ستكون مثلك؟ إن صدق مودتي وعظمتها لك تجبرني على تمني السعادة دائماً لك والخير، حتى لو كنت مع غيري.. وكما تحب الأم فلذة كبدها، وتتمنى له السعادة والخير على رغم عقوقه لها، أتمنى لك أيضاً السعادة.. أسئلة تحيرني دائماً وتقض مضجعي..
ترى هل ستكون وفية لك، ومحبة لك في شدتك ورخائك؟! في مرضك وصحتك؟ هل ستدعو لك في باطن الغيب وظاهره؟ هل ستغفر زلاتك، وتنسى أخطاءك، كما أفعل أنا؟.. وهل ستلتمس لك الأعذار إذا ما أخطأت يوماً أو قصرت في شيء ما؟
ترى هل السعادة التي تعيشها معها هي سعادة حقيقية؟ أم تراها سعادة وقتية؟ إني أعتقد ذلك! ولكن تأكد أنك عندما تعرف قيمتي الحقيقية أكون قد رحلت عن عالمك، ليس رغماً عني كما تتصور، بل باختياري لأن لدي كرامة وكبرياء، وأنفة وكرامتي وكبريائي أعظم عندي من قلبي الذي لم تحافظ عليه.


amal20022@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved