الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 17th November,2003 العدد : 37

الأثنين 22 ,رمضان 1424

صدى الإبداع
د.سلطان سعد القحطاني
حرق الكتب في التراث العربي 14
تأليف: ناصر الحزيمي

حرق الكتب او اتلافها موضوع ليس بالجديد في التراث العالمي منذ فجر التأريخ، سواء أحرق الكتاب او مزق او غسل بالماء قبل زمن الطباعة المقاومة للماء وغير ذلك من الوسائل المتبعة، فان ذلك يعني اتلاف الكتاب وتغييبه. وقلما نجد في مكتبتنا العربية دراسة او بحثا حول هذه الظاهرة القديمة، بل ان الكثير من الباحثين والدارسين يتجنبون الخوض في هذه القضية لحساسيتها، لانها تتعرض لأسباب الاتلاف، اياً كان نوعها، وبالتالي تتعرض لاتجاه المؤلف، فيما يخص عقيدة او مذهباً او معارضة سياسية، وكثيرا ما كان يتعارض موضوع العقيدة مع سياسة الدولة، في حقبة من حقب التأريخ العربي الاسلامي، فيذهب الكتاب وصاحبه ضحية لهذا الاتجاه، بحسب بعده وقربه عن سياسة الدولة، التي تعارض الدولة التي قبلها في المعتقد والسياسة، وغالباً ما يكون المعتقد والسياسة مرتبطين ارتباطاً وثيقاً. وفي التراث العربي والعالمي الكثير من هذه النماذج من الكتب التي اتلفها اصحابها قبل ان تقوم الدولة باتلافها، اما بأمر من شيوخهم او بعدم قناعة من المؤلف نفسه بما قام به في مرحلة معينة من عمره، وذلك يعود الى الثقافة الذاتية والتطور الفكري ومستجدات الحياة، فبعض من الف كتابا كان يظن فيه فتحا كبيرا في مادته العلمية، الى ان وجد مؤلفاً سبقه قد حقق مجدا علميا خيرا منه، وهذا يعود الى الرقابة النقدية الذاتية عند المؤلف، او انه عدل عن آراء كان يتبناها.
والاستاذ الحزيمي في كتابه هذا طرق هذا المنهج من منطلقين: الاول: توثيقي، انطلاقاً من تخصصه في التراث، والثاني: خدمة للاول، بتسهيل قراءة التراث في حجم مختصر عن امهات الكتب التراثية.
وان كانت هذه المعلومات قد نقلت نقلاً مباشراً من كتب التراث العربي، في تسلسل تاريخي موثق، فإن المؤلف سواء قصد او لم يقصد قد قدم خدمة جليلة لقراء التراث من هذا الجانب، اضافة الى وجود المصادر والمراجع التي تخدم الباحثين من طلاب الدراسات العليا والمثقفين، حيث قسم بحثه الى عدد من الفصول في كتاب لم تجاوز صفحاته المئة والاربعين صفحة.
وهذا الموضوع على اهميته البالغة يحتاج الى شيء من التوسع، بدلاً من الاشارات العابرة والنصوص المنقولة، على منهج الوراقين لذا فالدارس لمثل هذه المؤلفات يجد صعوبة بالغة في تحليل المضمون العلمي، في مناقشة المؤلف فيما كتب، وبالرغم من ذلك نجد الحزيمي قدم خدمة اولية للدارسين، فما عليهم الا ان يكملوا هذا المشروع الذي غيب على مدى تأريخ الثقافة العربية، وقد يعذر الباحثون في اهماله في السابق، لكنهم لن يعذروا في الزمن الحاضر، نظراً لوجود الوسيلة البحثية الحديثة، وانفتاح العالم على بعضه في زمن الوسيلة الاعلامية، لكن بحثا علميا بهذه الطريقة ينقصه الرأي الخاص لمؤلفه، ومن المفترض ان يقوم الباحث وهو قادر على ذلك بشرح بعض الملابسات العلمية، فالسلطة الدينية او السياسية او العقدية، او غيرها من القادرين على تنفيذ القرارات يكون لهم موقف من كتاب ما، قد لا يكون اتلافه منطقيا، من وجهة النظر العلمية، الا ان هذا الكتاب يتعارض مع سياسة هذه الفئة او تلك. والحرق نوع واحد من انواع الاتلاف حتى وان جاء على سبيل الاستعارة بمعنى الغياب، فان اتلاف الكتاب، على مدى تاريخ الثقافة العالمية كان من المواضيع التي شغل بها الباحثون عن حقيقة ما، في زمن قد لايجدون لاختفاء الكتاب من المكتبات العامة فيه من مبرر، مما يجعل السوق السوداء تسارع الى تهريبه، وتجعل منه اسطورة العصر، لغرض تسويقي محض، يجعل القارئ يبحث عنه في كل مكان، وعندما يجده لا يجد فيه المادة العلمية التي كان يتوقعها، ويكتشف في النهاية ان هذا المؤلف منع لغرض لايستحقه، فلماذا لايترك الكتاب للقارئ، الذي سيكشف ضعفه، او قوته، وضعف صاحبه؟؟ وسنناقش في المقالات القادمة بعضاً من هذه المؤلفات، التي تعرض لها الباحثون والمبدعون.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved