الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 17th November,2003 العدد : 37

الأثنين 22 ,رمضان 1424

المتن والهامش
مقدمة في صفة الشعر (1/6)
محمد العُمري

ربما نحن بحاجة الى التذكير بمقدمة معرفية هي: في ظني منطقية بالضرورة ولها مهادها النظري الذي تُردُّ إليه..، هذه المقدمة تقول: إن الشعر مفهوم، وإذن فهو اندراج صفة كونه مفهوما في نظام ما يمكن أن نعدُّه فيزياء الكون المفاهيمي، بمعنى أن للمفاهيم نظاماً متواتراً ذا صفة معرفية ممكنة الاستقراء.. والجزء عند ذلك لابد أن يكون نابعاً فيكون ذا حدّ وصفة.. وينبني على ذلك القول بكون الشعر مفهوما ذا حد وصفة.. هل من الأمثل الآن أن أتباعه الى الطرف النقيض بمعنى أنه هل من الأمثل القول:«إن الشعر اطلاق معرفي أو اطلاق لغوي غير ذي حد وغير ذي صفة». إذن دعونا ننظر باقتضاء النظر أو المناظرة في هذه المسألة: إن الشعر لا تنزل في صفة كونه مفهوما ذا حد وذا صفة.. كيف يكون في وسعنا هدم هذه الفكرة إذا نحن نظرنا اليها باعتبار كونها فرضية معرفية تحتمل قدراً.. ولو ضئيلاً.. من صفة الثبات أو التطور المعرفي؟؟ المسألة الآن أن ننظر في المتن المعرفي الذي يمكن ارجاع هيئة المفهوم اليه دعوني أسميه كذلك ريثما نحيِّد فكرة كونه اطلاقا غير ذي حد وصفة.
الآن هيئة المفهوم أو هيئة الشعر ترجع الى هيئة النموذج الجمالي باعتبار تراكمي تاريخي.. ربما لأجل ذلك كانت الثنائية الشهيرة ثنائية الشعر والنثر..، هذه الثنائية متأتية عن شرط الهيئة بالاعتبار التاريخي بالبداهة..، ولسوف يعني ذلك اندغام الحياد المعرفي للعقل في هذه السطوة المعرفية، في سطوة الهيئة، غير أنني آمل ان ننظر من جديد في طبيعة مثل هذه المسألة المشكلة حال تحييد الشرط التاريخي للمفهوم على أن ذلك مشكل هو الآخر.. وإذن ينبغي الآن أن نؤول الى فكرة الارتباط بين الاسم والمسمَّى..، بين المفهوم المعرفي ومادة ذلك المفهوم أو متنه.. إذا نحن نتفق على مسألة كون اللغة بناء صوتيا بقدر ما هو صورة مكتوبة فإننا بهذا الاعتبار ننفي الشرط المعرفي للغة في حال تحقق شرط يتعذر تحققه بالبداهة لأنه ليس ممكنا أن تكون اللغة هباءً صوتياً..، إنه من غير الممكن أن تنفك اللغة عن صفتها المعرفية.. إن يكن فيما يتصل بالمعاني وإن يكن فيما يتصل بالإمكان التخييلي أو إمكان المجاز بما هو مسوِّغ الشرط الجمالي أو أنه بمعنى أكثر دقة الشرط الجمالي ذاته..، وإذن اللغة شرط معرفي في أمل كونها لغة.. واقتفاء الشرط المعرفي أن يكون كل امكان فيها معرفياً وينبنى على ذلك القول بكون «المجاز إمكانا معرفيا ذا علّوٍّ هو الذي نسميه علو العقل الشعري أو فرادته».. أريد أن أقول الآن: إذا نحن عمدنا من منظور الجدل.. الى تحييد الصوت باطلاق تاريخي فإن الشرط المعرفي حينئذ يتهدم وإذن المتن المعرفي بأجمعه ينتفي لأن المعرفة في حال تعذُّر لانتفاء شرطها..، غير أنه ربما نبقى على الحيِّز المعرفي حال كونه اشارة أو مجموعة من الاشارات منقطعة غير تاريخية لا ترقى أن تكون متنا معرفياً بقدر ما هي ضرورة تعاطي انساني..، وبهذا الاعتبار تتراجع فكرة المفهوم لأن كل مفهوم لابد أن يكون معرفيا، ونحن قد تصورنا جدلاً انحسار فكرة المعرفة لانتفاء شرطها أو مادتها الصوتية..
وبنفس السبيل الافتراضي إذا نحن عمدنا الى تحييد الصورة المكتوبة فإننا سنكون بازاء متن معرفي منقطع غير تاريخي لأن من شرط تاريخية المتن المعرفي أن يكون متناً مُدوَّناً..، ومن هذه الحيثية يمكن اعتبار التدوين شرطاً معرفيا أو أنه وعاء المعارف في صورتها المرسومة، إنه العقل المكتوب.، الإمكان العقلي حال كونه مكتوباً..، وينبني على ذلك أن نقول بفكرة التلازم أو الارتباط العضوي بين اللغة أو فكرة اللغة بوصفها نظاماً وبناء صوتياً يؤول الى الصورة المكتوبة وبين فكرة المفهوم بوصفه معادلاً موضوعيا لكنه ذهني للمحتوى الذي تقوله اللغة..، إننا الآن نسوغ القول بانتفاء المفهوم حال انتفاء أحد جناحي اللغة الصوت والصورة المكتوبة .. هذه المسألة تعطي تبريراً للعلاقة الطردية بين الثراء المفاهيمي للمعارف وامكان التدوين.. إننا نقول بكون التدوين قيداً للإمكان العقلي حين تنقله السيالات اللغوية أو حين ينقله الامكان اللغوي.. وللحديث صلة إن شاء الله.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved