الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 17th November,2003 العدد : 37

الأثنين 22 ,رمضان 1424

أعراف
ندى النون
محمد جبر الحربي

يعتبر القرآن الكريم ككل مرجعاً للنون ونداها بشكل عام ويتجلى ذلك في سور بعينها دون غيرها وهي كثيرة كالانفطار، والمطففين، والمرسلات، والمدثر، والمعارج، والحاقة، والقلم، والطلاق، والواقعة، الزخرف، الصافات، ياسين، الشعراء، وكذلك في آيات تميَّزت بوفرة النون وجمالها الأخاذ شكلاً وصوتاً، وننشد من انتقاء هذه الآيات الكريمة على سبيل المثال لا الحصر، الوقوف على النون في تجلياتها في كافة المباني، وتثبيتها كمرجع لكافة الالسن واللهجات للقبائل العربية.
وكيف تنقلت هذه النون وتشكلت، لتصبح «نون» البيان العربي الساحر.
ونحن هنا لسنا بحاجة الى لغويين او السنيين او حرفيين، نحن هنا بحاجة الى عيون مدربة، وآذان مجربة لنستمتع بهذا الايقاع الفريد لحرف بديع من احرف هذه اللغة الخالدة وهي تجوب التضاريس متنقلة لتنبت، من المزن، حوالينا وعلينا، نباتاً مثمراً، قطوفه النون، دانية للسان، اي اننا لسنا بحاجة هنا الى التنظير، والتقعيد، رغم اهميته، للتنبه الى الماء الذي ينساب بين ايدينا:
إنها النون تنساب بين أيدينا في هذه الآيات الكريمة المختاره:
)قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ )وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (الشعراء:14) { )فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ الذٌي خّلّقّنٌي فّهٍوّ يّهًدٌينٌ والَّذٌي هٍوّ يٍطًعٌمٍنٌي ويّسًقٌينٌ وإذّا مّرٌضًتٍ فّهٍوّ يّشًفٌينٌ والَّذٌي يٍمٌيتٍنٌي ثٍمَّ يٍحًيٌينٌ} [الشعراء 77 81] {لأٍعّذٌَبّنَّهٍ عّذّابْا شّدٌيدْا أّوً لأّذًبّحّنَّهٍ أّوً لّيّأًتٌيّنٌَي بٌسٍلًطّانُ مٍَبٌينُ} [النمل 21] {قّالّ إنٌَي أٍرٌيدٍ أّنً أٍنكٌحّكّ إحًدّى ابًنّتّيَّ هّاتّيًنٌ عّلّى" أّن تّأًجٍرّنٌي ثّمّانٌيّ حٌجّجُ فّإنً أّتًمّمًتّ عّشًرْا فّمٌنً عٌندٌكّ ومّا أٍرٌيدٍ أّنً أّشٍقَّ عّلّيًكّ سّتّجٌدٍنٌي إن شّاءّ اللَّهٍ مٌنّ الصَّالٌحٌينّ} [القصص 27] {فّلّمَّا قّضّى" مٍوسّى الأّجّلّ وسّارّ بّأّهًلٌهٌ آنّسّ مٌن جّانٌبٌ الطٍَورٌ نّارْا قّالّ لأّهًلٌهٌ امًكٍثٍوا إنٌَي آنّسًتٍ نّارْا لَّعّلٌَي آتٌيكٍم مٌَنًهّا بٌخّبّرُ أّوً جّذًوّةُ مٌَنّ النَّارٌ لّعّلَّـكٍمً تّصًطّلٍونّ} [القصص 29] {وأّخٌي هّرٍونٍ هٍوّ أّفًصّحٍ مٌنٌَي لٌسّانْا فّأّرًسٌلًهٍ مّعٌيّ رٌدًءْا يٍصّدٌَقٍنٌي إنٌَي أّخّافٍ أّن يٍكّذٌَبٍونٌ} [القصص 34] {ولّوً شٌئًنّا لآتّيًنّا كٍلَّ نّفًسُ هٍدّاهّا ولّكٌنً حّقَّ القّوًلٍ مٌنٌَي لأّمًلأّنَّ جّهّنَّمّ مٌنّ الجٌنَّةٌ والنَّاسٌ أّجًمّعٌينّ} [السجدة 13] {يّا أّيٍَهّا النَّبٌيٍَ قٍل لأّزًوّاجٌكّ إن كٍنتٍنَّ تٍرٌدًنّ الحّيّاةّ الدٍَنًيّا وزٌينّتّهّا فّتّعّالّيًنّ أٍمّتٌَعًكٍنَّ وأٍسّرٌَحًكٍنَّ سّرّاحْا جّمٌيلاْ وإن كٍنتٍنَّ تٍرٌدًنّ اللَّهّ ورّسٍولّهٍ والدَّارّ الآخٌرّةّ فّإنَّ اللَّهّ أّعّدَّ لٌلًمٍحًسٌنّاتٌ مٌنكٍنَّ أّجًرْا عّظٌيمْا} [ الأحزاب 28 29] {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا إذّا نّكّحًتٍمٍ المٍؤًمٌنّاتٌ ثٍمَّ طّلَّقًتٍمٍوهٍنَّ مٌن قّبًلٌ أّن تّمّسٍَوهٍنَّ فّمّا لّكٍمً عّلّيًهٌنَّ مٌن عٌدَّةُ تّعًتّدٍَونّهّا فّمّتٌَعٍوهٍنَّ وسّرٌَحٍوهٍنَّ سّرّاحْا جّمٌيلاْ} [الأحزاب 49] {لا جٍنّاحّ عّلّيًهٌنَّ فٌي آبّائٌهٌنَّ ولا أّبًنّائٌهٌنَّ ولا إخًوّانٌهٌنَّ ولا أّبًنّاءٌ إخًوّانٌهٌنَّ ولا أّبًنّاءٌ أّخّوّاتٌهٌنَّ ولا نٌسّائٌهٌنَّ ولا مّا مّلّكّتً أّيًمّانٍهٍنَّ واتَّقٌينّ اللَّهّ إنَّ اللَّهّ كّانّ عّلّى" كٍلٌَ شّيًءُ شّهٌيدْا} [الأحزاب 55] {يّا أّيٍَهّا النَّبٌيٍَ قٍل لأّزًوّاجٌكّ وبّنّاتٌكّ ونٌسّاءٌ المٍؤًمٌنٌينّ يٍدًنٌينّ عّلّيًهٌنَّ مٌن جّلابٌيبٌهٌنَّ ذّلٌكّ أّدًنّى" أّن يٍعًرّفًنّ فّلا يٍؤًذّيًنّ وكّانّ اللَّهٍ غّفٍورْا رَّحٌيمْا} [الأحزاب 59] {لّئٌن لَّمً يّنتّهٌ المٍنّافٌقٍونّ والَّذٌينّ فٌي قٍلٍوبٌهٌم مَّرّضِ والًمٍرًجٌفٍونّ فٌي المّدٌينّةٌ لّنٍغًرٌيّنَّكّ بٌهٌمً ثٍمَّ لا يٍجّاوٌرٍونّكّ فٌيهّا إلا قّلٌيلاْ } [الأحزاب 60] {إنَّا عّرّضًنّا الأّمّانّةّ عّلّى السَّمّوّاتٌ والأّرًضٌ والًجٌبّالٌ فّأّبّيًنّ أّن يّحًمٌلًنّهّا وأّشًفّقًنّ مٌنًهّا وحّمّلّهّا الإنسّانٍ إنَّهٍ كّانّ ظّلٍومْا جّهٍولاْ }[الأحزاب 72] {ضّرّبّ اللَّهٍ مّثّلاْ رَّجٍلاْ فٌيهٌ شٍرّكّاءٍ مٍتّشّاكٌسٍونّ ورّجٍلاْ سّلّمْا لٌَرّجٍلُ هّلً يّسًتّوٌيّانٌ مّثّلاْ الحّمًدٍ لٌلَّهٌ بّلً أّكًثّرٍهٍمً لا يّعًلّمٍونّ } [الزمر 29] {قٍلً أّفّغّيًرّ اللَّهٌ تّأًمٍرٍونٌَي أّعًبٍدٍ أّيٍَهّا الجّاهٌلٍونّ}[الزمر 64] {ولّوً نّشّاءٍ لأّرّيًنّاكّهٍمً فّلّعّرّفًتّهٍم بٌسٌيمّاهٍمً ولّتّعًرٌفّنَّهٍمً فٌي لّحًنٌ القّوًلٌ واللَّهٍ يّعًلّمٍ أّعًمّالّكٍمً } [محمد 30] {لّتّدًخٍلٍنَّ المّسًجٌدّ الحّرّامّ إن شّاءّ اللَّهٍ آمٌنٌينّ مٍحّلٌَقٌينّ رٍءٍوسّكٍمً ومٍقّصٌَرٌينّ لا تّخّافٍونّ...} [الفتح 27] {والَّذٌينّ آمّنٍوا واتَّبّعّتًهٍمً ذٍرٌَيَّتٍهٍم بٌإيمّانُ أّلًحّقًنّا بٌهٌمً ذٍرٌَيَّتّهٍمً ومّا أّّلّتًنّاهٍم مٌَنً عّمّلٌهٌم مٌَن شّيًءُ كٍلٍَ امًرٌئُ بٌمّا كّسّبّ رّهٌينِ } [الطور 21] {هّذٌهٌ جّهّنَّمٍ التٌي يٍكّذٌَبٍ بٌهّا المٍجًرٌمٍونّ يّطٍوفٍونّ بّيًنّهّا وبّيًنّ حّمٌيمُ آنُ فّبٌأّيٌَ آلاءٌ رّبٌَكٍمّا تٍكّذٌَبّانٌ ولٌمّنً خّافّ مّقّامّ رّبٌَهٌ جّنَّتّانٌ} [الرحمن 46] {مٍتَّكٌئٌينّ عّلّى" فٍرٍشُ بّطّائٌنٍهّا مٌنً إسًتّبًرّقُ وجّنّى الجّنَّتّيًنٌ دّانُ فّبٌأّيٌَ آلاءٌ رّبٌَكٍمّا تٍكّذٌَبّانٌ فٌيهٌنَّ قّاصٌرّاتٍ الطَّرًفٌ لّمً يّطًمٌثًهٍنَّ إنسِ قّبًلّهٍمً ولا جّانَِ فّبٌأّيٌَ آلاءٌ رّبٌَكٍمّا تٍكّذٌَبّانٌ}[الرحمن 54 57 ] {ن» والًقّلّمٌ ومّا يّسًطٍرٍونّ مّا أّنتّ بٌنٌعًمّةٌ رّبٌَكّ بٌمّجًنٍونُ} [القلم 12] {يّا أّيٍَهّا النَّبٌيٍَ إذّا جّاءّكّ المٍؤًمٌنّاتٍ يٍبّايٌعًنّكّ عّلّى" أّن لاَّ يٍشًرٌكًنّ بٌاللَّهٌ شّيًئْا ولا يّسًرٌقًنّ ولا يّزًنٌينّ ولا يّقًتٍلًنّ أّوًلادّهٍنَّ ولا يّأًتٌينّ بٌبٍهًتّانُ يّفًتّرٌينّهٍ بّيًنّ أّيًدٌيهٌنَّ وأّرًجٍلٌهٌنَّ ولا يّعًصٌينّكّ فٌي مّعًرٍوفُ فّبّايٌعًهٍنَّ واسًتّغًفٌرً لّهٍنَّ اللَّهّ إنَّ اللَّهّ غّفٍورِ رَّحٌيمِ } [الممتحنة 12] {لا تٍحّرٌَكً بٌهٌ لٌسّانّكّ لٌتّعًجّلّ بٌهٌ إنَّ عّلّيًنّا جّمًعّهٍ وقٍرًآنّهٍ فّإذّا قّرّأًنّاهٍ فّاتَّبٌعً قٍرًآنّهٍ ثٍمَّ إنَّ عّلّيًنّا بّيّانّهٍ} [القيامة 15 16]
{كّلاَّ لّئٌن لَّمً يّنتّهٌ لّنّسًفّعْا بٌالنَّاصٌيّةٌ نّاصٌيّةُ كّاذٌبّةُ خّاطٌئّةُ فّلًيّدًعٍ نّادٌيّهٍ سّنّدًعٍ الزَّبّانٌيّةّ} [العلق 1518] {كّلاَّ سّوًفّ تّعًلّمٍونّ ثٍمَّ كّلاَّ سّوًفّ تّعًلّمٍونّ كّلاَّ لّوً تّعًلّمٍونّ عٌلًمّ اليّقٌينٌ لّتّرّوٍنَّ الجّحٌيمّ ثٍمَّ لّتّرّوٍنَّهّا عّيًنّ اليّقٌينٌ ثٍمَّ لّتٍسًأّلٍنَّ يّوًمّئٌذُ عّنٌ النَّعٌيم} [التكاثر 38] {وّالًعّادٌيّاتٌ ضّبًحْا فّالًمٍورٌيّاتٌ قّدًحْا فّالًمٍغٌيرّاتٌ صٍبًحْا فّأّثّرًنّ بٌهٌ نّقًعْا فّوّسّطًنّ بٌهٌ جّمًعْا إنَّ الإنسّانّ لٌرّبٌَهٌ لّكّنٍودِ } [العاديات16] {وّالتٌَينٌ والزَّيًتٍونٌ وطٍورٌ سٌينٌينّ وهّذّا البّلّدٌ الأّمٌينٌ لّقّدً خّلّقًنّا الإنسّانّ فٌي أّحًسّنٌ تّقًوٌيمُ ثٍمَّ رّدّدًنّاهٍ أّسًفّلّ سّافٌلٌينّ إلاَّ الذٌينّ آمّنٍوا وعّمٌلٍوا الصَّالٌحّاتٌ فّلّهٍمً أّجًرِ غّيًرٍ مّمًنٍونُ فّمّا يٍكّذٌَبٍكّ بّعًدٍ بٌالدٌَينٌ أّلّيًسّ اللَّهٍ بٌأّحًكّمٌ الحّاكٌمٌينّ} [التين 18]
ونحن نضرب بهذه الايات مثلاً رغم ثقتنا من مثولها في عقل وقلب القارئ الكريم، ونحاول تقريبه، ودفعه دفعاً جميلاً الى مكامن النون، ليشاركنا تجلياتها.
وأجل كلمة هي «كن» من منشئ الكون المنزَّه المؤمن المهيمن.
ولله علم ما كان، يكون،وسيكون.
وأجمل الاقوال ما اقترن بالافعال، ومعظم افعال الناس مقرونة بالنون. لدينا في نبي الله ابراهيم خير مثال حين دعا الى «اجتناب الأصنام»، {$ّاجًنٍبًنٌي وّبّنٌيَّ أّن نَّعًبٍدّ الأّصًنّامّ}
وأنت تنوي والنيَّة محلها القلب وهو الجنان، وتمني النفس لكن ما نيل المطالب بالتمني، وتزن الأمر بعقلك والعقول هي «النهى» فهي تنهى عن فعل ما لا يجوز ولا يليق، فتنهى عن المنكر والبغي. واليمانون لايزالون ينفون بالنهي فيقولون «ناهي».
وأنت تنهض من النوم ومن المكان لتسعى في مناكبها، وكل فعل لك ان اردت النجاة والنجاح يسبقه تنبه ونباهة وأناة، وإلا ندمت ندامة الكسعيّ، والفرزدق حين غدت مطلقة نوار.
وأحيانا نطلب الغفلة لا التنبه لغيرنا، فالشاعر ودَّ لو ان المليحة لم تنتبه عندما سقط النصيف، فتناولته بالبنان، واتقته باليد.
وما كل نابه نائل مجداً «كسنمار» فما كل جزاء من جنس العمل.
وانت تبني وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم.
ومن الأفعال العظام الدوران والجريان، وليس الانسان وحده الذي يشنُّ فكذلك تفعل المزن. واذا ما شنَّ هتان غارة اهتزت وربت وانبتت والنبات كالبنات والنساء، والارض كالمرأة كلاهما منجب، وما كل مُنْجِبٍ نجيب.
وعلى ذكر النساء هنا هذا الشاهد الجميل لابن حزم الاندلسي للنساء ولنونهن «ولقد شاهدت النساء وعلمت من اسرارهن ما لا يكاد يعلمه غيري، لأني ربيت في حجورهن، ونشأت بين ايديهن، ولم أعرف غيرهن.
ولا جالست الرجال إلا وأنا في حد الشباب وحين تبقَّل وجهي وهن علمنني القرآن، وروينني كثيراً من الاشعار، ودربنني في الخط، ولم يكن وكدي واعمال ذهني مد اول فهمي وأنا في سن الطفولة جداً إلا تعرّف أسبابهن، والبحث عن اخبارهن، وتحصيل ذلك، وأنا لا أنسى شيئاً مما أراه منهن»(1).
++++++++++++++++++++++++++
(1) طوق الحمامة لابن حزم. منشورات دار مكتبة الحياة. بيروت 1975م.
++++++++++++++++++++++++++
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved