الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 17th November,2003 العدد : 37

الأثنين 22 ,رمضان 1424

واقع الفن التشكيلي المحلي (9)
الكثير من المعارض التشكيلية لم تدعم سبيل البحث والتجريب والابتكار لدى الفنانين

كان حديثنا في الحلقة الماضية عن المعارض التي قامت الرئاسة العامة لرعاية الشباب على تنظيمها وإعدادها مع ما لم نذكره من معارض مماثلة قامت بها أيضاً لكنها غير دورية تأكد لنا من خلالها الدور الفاعل الذي أخذته الرئاسة على عاتقها لدعم هذا الفن وعلى مدى ما يقارب الثلاثين عاماً حققت فيه مكانة اجتماعية ورسمية لهذا الفن وكانت االمحفز الأول للمبدعين والنافذة الواسعة التي أطل منها الفن التشكيلي على المتلقى المحلي والعالمي مع تحفظنا على ما لحق بهذه المعارض من قصور أو تدن في مستويات البعض منها وازدواجية الكثير منها وعدم قدرة المعنيين عنها على تفادي إلا اليسير من الأهداف المرجوة منها وتوقفها عند حدود فتح المجال والتشجيع فتحولت الجهود تجاه البحث عن السبيل لسد الثغرات ومحاولة التوفيق بين إعطاء الفرصة للموهوبين والواعدين وبين تهيئة الأجواء المناسبة للمحترفين حتى وصل الأمر إلى تدني مستوى المشاركات ومنها المشاركات الدولية في كثير من الأحيان وقد ألمحنا عنها كثيراً في مقالات سابقة في وقتها وجدت الاستجابة من الزملاء الذين سعوا لأن تكون المشاركات التي تمثل المملكة دولياً على مستوى أفضل.
الحديث عن المعارض لا نقصد منه كشف العيوب مقدرين ظروف حدوثها كما أسلفنا إلا أننا أيضاً نؤكد أن للمعارض أهميتها ووجوب وضع آلية وطريقة مدروسة لتنفيذها لتحقيق نتائج أفضل وليعرف الفنان صاحب التجربة الكبيرة الذي استخلص منها أسلوبه الفني كيفية عرض أعماله ومع من سيتم عرضها بناء على معرفة الأسماء التي تمت دعوتها للمشاركة فالفارق كبير بين معارض التشجيع ومنح الجوائز التقديرية وبين معارض أصحاب الخبرات والتجارب والرواد إلى آخر المنظومة اضافة إلى أن في الإعداد الجيد وتحديد مستويات قبول الأعمال ما يدفع الفنان المحترف إلى تقديم أعمال أو خبرات جديدة لأعماله السابقة تتوازى مع قيمة المعرض الذي يدعى إليه بجانب ما يمكن الفنان المبتدئ من معرفة المعارض التي تتناسب مع تجاربه الأولية فرصة للبحث عن سبل التميز ثم اللحاق بالآخرين..
أيضاً لا يمكن أن يقام معرض دون أن يكون له هدف ولن يكون محققاً لهذا الهدف إن لم يكن مدروساً ولدى القائمين عليه القدرة على اتخاذ القرار في منع أي عمل لا يصل إلى تحقيق ما عنى أو أقيم من أجله أو ما ينتظر منه، ومنها الرفع من مستوى الذائقة والأخذ بهم عبر مراحل ذات ثوابت منها الالتزام بتقديم أعمال ذات مواصفات عالية من الجودة فكراً وتقنية كشواهد على مصداقية العلاقة بين ما يعرض في تلك المعارض وبين روادها بجانب ما يحققه المعرض من نتائج في توثيق مراحل العطاء على الساحة خصوصاً إذا أعدت تلك المعارض بمواصفات معينة وتم تصنيف كل معرض على حدة ووضعت الشروط للمشاركة في كل منها ليتعرف الباحث أو المتابع والناقد من داخل المملكة أو خارجها على فئات الفنانين اضافة إلى أهم أهداف اقامة المعارض ومنها:
إبراز دور الفنان التشكيلي في مسيرة الحركة الثقافية المحلية والعالمية بمختلف مشاربها باعتبار هذا الفن أحد روافدها.
ايصال الفن التشكيلي الحقيقي إلى الجمهور من خلال تدعيم سبل البحث والتجريب والابتكار عند الفنانين المتمكنين من أدواتهم فكراً وتقنية ومتابعتهم للجديد والمعاصر في مجالهم التشكيلي على المستوى العربي والعالمي.
التعريف بالتراث الوطني والحفاظ عليه واحتوائه واستلهام معطياته البصرية تشكيلياً بديناميكية المشاركة من خلال الأدوار التي تقوم بها المعارض في حال انتظامها بناء على تصنيف مدروس.
تأكيد الهوية والشخصية الإبداعية المحلية وتحديد مفردات الإبداع المحلي في ظل ما يطرأ في العالم من جديد في نفس السياق.
توثيق العلاقة بين الفنانين أصحاب تلك التجارب والخبرات والثقافة العالية المعاصرة وتأكيد دورهم الفاعل في المنجز الحضاري الذي يعيشه الوطن.
تقريب المسافة بين الفنانين المتميزين لإكساب الخبرات وتبادلها وفتح سبل التواصل بينهم وبين المؤسسات المعنية بالفنون التشكيلية الأخرى عربياً وعالمياً بنقل معارضهم حينما يتحقق لها التنظيم الصحيح.
اعتبار المعارض المصنفة والمحددة الشروط مصدراً هاماً لتوثيق مسيرة الفن التشكيلي ومعرفة ما وصل إليه من تبدل نحو الأفضل وما طرأ عليه من كيفية في نمو التعامل مع الواقع المحلي ومعطياته الثقافية ومع ما تأثر به من مؤثرات معاصرة.
معارض من قطاعات مختلفة
بعد أن ساهمت الرئآسة العامة لرعاية الشباب بوضع اللبنة الأولى للمعارض التشكيلية بنمطها المعاصر أخذت العديد من الجهات أيضاً بالمساهمة في دعمها ودعم الفنانين وبالأسلوب نفسه في تشجيع الجميع وفتح الآفاق لكل من يجد لديه الرغبة في الرسم وإعداد اللوحة للعرض المتعارف عليه محلياً دون أي جديد ما يجعلنا غير متفائلين بالقادم من المبادرات فالأمر بقي كما هو تكرار الشكل والمضمون بنمطية ووتيرة واحدة ومن كل القطاعات وهو الواقع الطبيعي عند افتقاد من لديه القدرة على تحريك الساكن من المعرفة وتسكين المتحرك من الأسلوب والمتداول بكل الأخطاء ويمكننا هنا أن نذكر بعض الجهات أو القطاعات التي ساهمت بدعم الفن التشكيلي وايجاد المساحة لانتشاره ضمن فعاليات الأنشطة أو المناسبات المختلفة ومن هذه المبادرات ما قام به المسؤولون عن مهرجان التراث والثقافة بالحرس الوطني بإدراج الفنون التشكيلية ضمن فعاليات المهرجان الذي أصبح موعداً سنوياً للإبداع المتخصص في مجال التراث ومن مختلف المناطق وأقيم أول معرض تشكيلي مع أول مهرجان عام «1405هـ» في خيمة اتسعت لعدد كبير من الأعمال ساهم فيها الفنانون المتواجدون على الساحة وغالبيتهم من الرواد ثم تتالت تلك المعارض التي أعد لها صالة خاصة في السنوات اللاحقة وعلى مساحة كبيرة استوعبت مختلف الأعمال التي تم عرضها في فعاليات المهرجان التي توالى حضورها سنوياً من مختلف المناطق ومختلف الفنون ومنها معارض الفنون التشكيلية التي قام على إعدادها والتنسيق فيها على مراحل مختلفة جمعية الثقافة والفنون ثم الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى أن أوكل التنسيق فيها إلى إدارة النشاط الفني بتعليم الحرس بالتعاون مع إمارات المناطق، ورغم الاهتمام الذي أولته الإدارة المسؤولة عن المهرجان لهذا الفن وما قام به المشرفون عليه من جهود إلا أن المشاركات تراجعت عن القوة التي بدأت بها في أول خطوات أو فعاليات المهرجان في السنوات الأربع الأولى وقد يرجع السبب إلى تبدل الجهات المنسقة للمعارض من عام إلى آخر وإلى التساهل في كيفية الاختيار اضافة إلى أن في وجود المعرض في مقر المهرجان ما يفصله عن الفعاليات الأدبية والثقافية الأخرى المقامة داخل مدينة الرياض ونعني بها الأمسيات الأدبية في العديد من المواقع ومن أهمها قاعة الملك فيصل للمؤتمرات مع أن المعنيين بالمعرض قاموا بعرض نماذج من الأعمال بشكل مبسط أقل مما يؤمل فيه ونتوقعه مستقبلاً محتفظين للزملاء المشرفين على المعارض في العامين الأخيرين بالجهود المتميزة التي استقطبوا من خلالها العديد من الأسماء اضافة إلى اشراك دول خليجية شقيقة أضفت على العرض الكثير من التجديد مع أن غالبية المشاركين والمشاركات من الشباب، وقد أعطى الحرس الوطني مثل هذه المساحة للمشاركة ولتواجد الفن التشكيلي في المهرجان الوطني للتراث والثقافة وما نتج عنها من مردود جماهيري مهما كان مستوى تفاعله أو فهمه لهذا الفن أو ما يقدم من خلاله كما يلاحظ من ردود فعل المارين بالقاعة من تندر بالمعروضات دون أن يكلف أحدهم نفسه السؤال أو الاستفسار نتيجة بُعد نوعية هذا الجمهور عن المنتج الثقافي الفكري الإبداعي ما يكشف المشكلة أو السبب الأول في عدم نجاح تواجد الفن التشكيلي في موقعه ضمن الفعاليات التي يرتادها العامة إلا أنها مساهمة لا يمكن اغفالها في تاريخ مسيرة هذا الفن.
تأتي أيضاً قطاعات أخرى لها مساهماتها في هذا المجال ومنها وزارة التربية والتعليم التي ينتمي إليها غالبية الفنانين التشكيليين أقامت لمعلميها التشكيليين معرضاً جماعياً كان فرصة لالتقاء الكثير منهم دون أي جديد يذكر أو اضافة في آلية العرض أو نوعية المشاركات والمستوى فهي تكرار للسابق أو صورة طبق الأصل اختلطت فيها القدرات وتمازجت في المعرض مختلف الأعمال بين محقق للخصوصية من الفنانين المعروفين وبين أسماء لمعلمين يحاولون تجربة ما تلقوه رغم ضعف المصدر.
لازلنا نستعرض المعارض والقطاعات كاشفين من خلالها كيفية التعامل مع هذا الفن وفنانيه عبر معارض هدف من خلالها التشجيع وتقديم أكبر عدد من المشاركين والتي تجد التقدير والاحترام من مختلف الفنانين المشاركين أو من لم يشارك ومن النقاد والمتابعين باعتبار أن هذه المعارض محرك نشط للساحة إلا أن ما نبحث عنه هو اضافة جديدة لهذا الأسلوب مع الابقاء على السابق من تلك المعارض وأن يكون الجديد في كيفية اقامتها مبني على دراسة مستفيضة مستقاة من تجارب من سبقونا عالمياً وعربياً وعبر خطة مرسومة تؤدي بنا إلى الارتقاء بالمعارض وبمستوى العروض ومن ثم وضع الفن التشكيلي في موقعه ومقامه الحقيقي كما يعرف عنه عالمياً وكما يجب أيضاً أن يأخذ موقعه الحقيقي في منظومة الثقافة والفكر والإبداع لا أن يبتذل ويصبح في النهاية مجرد اكمال عدد لأنشطة أخرى.
تلك المعارض منها ما يمنح فيه الجوائز وهي الغالبية ومنها ما يتم القيام به للمساهمة في مناسبات رسمية أما الأكثر سوءاً وما يمكن أن يوضع تحت المجهر فسوف نستعرضه في الحلقة القادمة بإذن الله.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved