الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 17th November,2003 العدد : 37

الأثنين 22 ,رمضان 1424

خواطر مرسلة
من قديم أوراق الأديب الراحل عبدالله بن إبراهيم الجلهم رحمه الله أعدها للنشر أ.د. عبدالكريم الأسعد
مَآخِذُ تَعْليمِيَّة... تربويَّات

هل ألممتَ ياأخي الواعي بالحياة التعليمية في مجتمعنا العربيِّ القريب وهل كشفتْ لك الأيامُ عما استتر في أعماقِها من دقائق وجلائلَ ومعبَّرات.. وليتك تبحث وتُجدُّ في البحث والتنقيب، فإنك واجد دون عناء أنامِلَكَ الكاتبةَ وشفتيك الناطقة وسحائبَ خيالِك وفكرك تتهيأ للقول الصائب بالهمسِ وباللَّمسِ وبالإعلان الموثَّق عما يدور ويحور حول الكرة في ملعبها والذخائر في حصونها ومستودعاتها.. وَهَبْك ممن أشفق عليه الزمنُ فنأت به مطاياه النجيبةُ عن التعايش المزجي مع بني الزمن نفسِه، أو ممن امتدت به أيامُ العُمر فأدرك نماذج من حياة السابقين له بإحسان، أو اهتدى إلى قرارة اللاحقين العالمين بصدقٍ ويقين ، فكل ذلك سيعكس لك وللآخرين من أبناء جنسك بأن حياة الأمم هي لونٌ جديد من يقظةِ العلم وشموع المعرفة لا تتخيلهما النفس ولا ترتقب نزوعهما الألبابُ والأبصار.. وليست الغاية من هذا الحديث إحصاء الأرقام ولكنّ الغاية المأمولة إدراك النتائج والثمار ليزداد الباحثُ عن الصالح العام يقيناً وعلماً بحاضر أمته ويلمح قبساً من مستقبلها المرتقب.. ولا شك بأن الأمة تحيا على واقع ملموس من التعليم بمراحله ومناهجه المختلفة وأنها ما طبقت تعاليمه وأدركت مآخذه ومطالبه وأنارت سبيله ومنهجه فإنها بتوفيق الله ستنال مكانها من العلو والسمو وسترتفع عن مهابط الذل والتخلف والهوان.. غير أن هذه المشاعرالطارئة لا يتيح للقلم أن يصرف وجهَه عن المصائب أو يستسلم إلى التجاهل والنسيان لأنه ركن إلى أمة عشقت المجد وتوارثته وهفت نفسها إلى المكارم والتجديد والحضارة المصلحة فهي جديرة بأن تُوقد لها الشموعُ وأن تضاءُ لها المسالك والدروب.. وهي أمة بفضل الله قد تميزَّت بميزاتها الإسلامية التي لا تحوّم حولها الشبه ولا تستبد بها الضلالات والشكوك، لذلك كان على نهضتها ومسيرتها التعليمية أن تسير سيراً محكماً غُذّي بالفكر الثاقب وحُلّي بالخلق والاستقامة لتكون قدوةً للمقتدين وصراطاً سوياً للسالكين.. وإن لم يكن بهذا السمو فما جدوى أمة تتغنى بالصلاح والمجد ولكنها تقول مالا تفعل وتعلم مالا تعمل وتطلب المزيد من العلوم والمعارف وهي لا تفتح لها سمعاً ولا تضيء لها ناظراً ولا بصيرة، ونستعيذ لها بالله من هذا المصير ونسترجعه...!!
وبعد الاستعاذة والاسترجاع؛ ألم يرعك ياأخي المدرك مايتأبطه الدارسون هنا وهنالك وفي الغُدوّ والرَّواح من محمولات الكتب وأكداس الأسفار والمقررات؛ وهي كما تعلم بالتَّتبع والاستقراء لكثرتها وثقلها عسيرةُ الهضم على أفهام الدارسين ومعداتهم الطريّة الناشئة ولكنها وللأسى تقررّت من المقررين وذوي الطاعة والمسد بشيءٌ يُقال عنه ويُذكر لا لمنهج يُطاق ويُفهم ويُطبَّق.. ولذلك بات كثيرٌ من الدارسين والدارسات مع هذه الأحمال الثقيلة من المقررات والمنفّرات، باتوا «كالمنبتّ لا أرضاً قَطَعَ ولا ظهراً أبقى» وعاش أغلبُهم على غير هدى ولا بينةٍ من الأمر فيما يأملون ويرجون.. رغم أنهم تلك الأكداس من المقررات تحوي ما يربى في النفوس المقدرة ويبصرها بتاريخ الآخرين وكفاحهم ومنهجهم في الحياة الكريمة ولكنّ تلك الأحمال الثقيلة قد شدّت على أكتافهم وأفهامهم فأقعدتها وأوهنت نشاطها ومواهبها إلى أن يشاء الله ببعث جديد فهيم يخفف الوطأة ويرد الضيعة ويستبقى ما يبقى ويختزنه في العقول والمفاهيم لتُدار به الحياة ويسعدُ به الأحياء.. إن المسيرة التعليمية الآن بحاجةٍ عاجلة وملحة إلى منهج قويم يتميز بالمقررات والمعلومات التي يمكن هضمها واستيعابها والاستفادة منها بالتجربة والتطبيق العملي والاهتداء النفسيّ والعقلي فإن تحقق هذاالمطلبُ وأقسط فيه وحُكّم المخبرُ على سَفهِ المظهر فلابد أن يحمدَ القومُ السُّرى وأن تصل السفينة العائمةُ باليِّم المظلم إلى شاطئِ السلامةِ والأمانِ والتفوقِ العلميِّ والعملي الذي تصبو إليه كلُّ أمةٍ وترتجيه..


عبدالله البراهيم الجلهم
عنيزة 1378 ه

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved