الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 18th April,2005 العدد : 102

الأثنين 9 ,ربيع الاول 1426

تيار الحداثة والنقد غير المبرر
د.سلطان سعد القحطاني
لقد أشرت من قبل إلى رد الفعل العنيف عند من كتبوا ضد التيار الحداثي وإلى آراء الدارسين لهذا النوع الأدبي الوافد الذي استطاع البعض من الموهوبين تطويع بعض مفرداته للبيئة العربية وأخفق الكثير وكانت بعض الدراسات متوازنة منصفة حيث لا يستطيع الإنسان اليوم أن يعزل نفسه عن المجتمع العالمي، وأن يسلك طريقاً توفيقيا بين الحضارتين العربية والغربية وأن يأخذ في الاعتبار ما بين الحضارتين من خصوصيات كاللغة والثقافة الخاصة لقد عرضت من قبل شاهدا لم يكن من الشعر ولا من الأدب الحديث في شيء فالشعر، سواء كان من العمودي أو من شعر التفعيلة، أو ما ظهر من شعر يسمى (الدوبيت) ليست أهميته بالدرجة الأولى في الشكل بقدر أهمية المعنى الجديد، وابتكار معان تعالج قضية أو وضعاً معيناً، شريطة ألا يكون موجها محكوما بفكرة مسبقة فالشاعر حمزة شحاتة، مقلد للنمط المصري (الفرعوني) ويوسف الخال مقلد للنمط الغربي (اليوناني) وكل من الشاعرين انسلخ عن ثقافته إلى ثقافة أجنبية طرقها الشعراء والكتاب من قبله، وقد أخذ بعض الدارسين ذلك على أنه إبداع فأين الإبداع؟؟
لكن بعض الشعراء الشباب وإن كتب بصيغ جديدة غير الصيغة الخليلية. فقد أبدع في الشكل والمضمون واستفاد من تجارب الآخرين، والمهم أنه أثبت هوية شعرية محلية عربية وظهرت أصوات شعرية أثبتت حضورها في المجال الأدبي، في السعودية على وجه الخصوص مثل: محمد الثبيتي، وعبدالله الصيخان، ومحمد جبر الحربي، وجاسم الصحيح، وغيرهم الكثير من الشعراء الشباب، وهم قادرون على الكتابة بالشعر المقفى، وقد أبدعوا فيه وفي المجال الإبداعي الحديث ظهر كتاب القصة القصيرة والرواية أكثر حداثة من الشعراء ولم ينتبه إلى ذلك الدارسون، مثل: عبدالعزيز مشري، ومحمد المنصور الشقحاء، وحسين علي حسين، ومحمد علوان، وخالد اليوسف، وعبدالحفيظ الشمري، ويوسف المحيميد، وخيرية السقاف، وغيرهم الكثير، وحققت الرواية كما كبيراً من الإنتاج، البعض منه إبداع، فقد عالج الكتاب في داخل العمل الكثير من العلوم الحديثة، مثل علم النفس والاجتماع والتاريخ، ووظفوا الأسطورة توظيفاً فنياً، واستفادوا من الموروث الشعبي في الصياغة والبناء الروائي وبجانب هذا الإبداع ظهر الكثير من التقليد الذي لم يتعد السرد التاريخي والمهم أن النثر والشعر قد تحررا من قيود البلاغة التقليدية، في سجعها ومحسناتها البديعية، وإن كان يلزمنا المحافظة عليها باعتبارها من التراث العربي الذي يربط الماضي بالحاضر، وأن نحافظ على مضمونها الأدبي وليس على شكلها المصنوع، وإنها من ثقافتنا وعنوان هويتنا، لكن الإبداع لايحتمل ثقلها في الكثير من الأحيان، وأيضاً لايحتمل عبث النثر الذي يدعي أصحابه الحداثة والتجديد، لكن يبقى السؤال بدون إجابة: هل حقق النقد توازناً مع نوع وكم الإبداع؟ بدون مقدمات، نجد النقد قد صار في واد والإبداع في واد آخر في الكثير من الأحيان، فقد ظهرت الخطب والأشرطة والكتب الضعيفة ضداً لهذا الكم من الإبداع والتقليد على حد سواء، وقد قدمت لبعض منها، وسأتناول البعض بالتحليل، ليس لجودة المادة ولكن للواجب العلمي الذي لايجوز السكوت عنه، وسواء كان أصحابه يعرفون مواقع الخطأ أو يتعمدونه، فإن الحقيقة تقول إن هذه المقالات تمثل رد فعل نفسي ضد التيار الجديد، مستخدماً سلاح الدين. وما كنت أظن داعية تقلد هذا اللقب العظيم يصم الآخرين بالكفر والخروج عن الملة، والله تعالى يقول في محكم كتابه: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(النحل: 125) لكن الداعية عوض القرني (هذا تعريف به، ظهر على الشاشة في لقاء مع تركي الدخيل، في برنامج إضاءات) في كتابه (الحداثة في ميزان الإسلام) لم يكن على مستوى اللقب الذي يحمله، فقد كفّر الكتاب والقاصين والروائيين والصحافيين والشعراء إلا من رحم ربي، ولم تكن دراسته علمية يعتمد عليها في تقويم دراسة مسيرة الأدب السعودي لما فيها من التجني والرجم المباشر لكل من ضمه كتابه المذكور، فالكل عنده قد كفر وخرج عن دائرة الإسلام، على أنه حداثي، ورمى بعض من سلك تيار الحداثة (إن وجد) بالكفر، ولا أدري ما هي المعايير التي بنى عليها هذه الفتاوى والآراء لكن يتضح من المقدمة أن ذلك كان رد فعل على تيار الحداثة ونجد تيار الحداثة الغربي قد طغى على كل شيء بسلبياته وإيجابياته، منذ بداية القرن العشرين، فإضافة إلى ما ذكرت في الصفحات الماضية نجده يسيطر على اللغة في المجال التجاري والثقافي، وإذا تجاوزنا عن الأسماء التجارية العالمية ذات المدلول المعروف في الصناعة، والماركات العالمية نجده قد تسرب إلى الإعلانات التجارية، بدون مقابل في اللغة العربية، أو بلا ثنائية لغوية، بل إنه قد تعدى ذلك إلى وضع الاسم بحروف عربية، بالرغم من صدور القرارات الحكومية، في بعض الدول العربية، التي تنص على أن يكون الاسم التجاري باللغة العربية ومنها المملكة العربية السعودية فنجد (ترافل ايجنسي) لوكالة السفر، وهو منقول حرفياً من الانجليزية (Travel Agency) ومثلها. (ترو فاليو) وهو منقول من الإنجليزية أيضا يعني السعر الحقيقي وأصله(True Value) وغيرها الكثير وعلى الأقل تكتب باللغتين العربية ولغة الشركة العالمية إذا كان ليس من الأمر بد فإذا كانت غيرة هذا التيار على اللغة، وهي مفتاح الدين، فلماذا لم نجد من يدافع عن هذه اللغة ويطور من أدواتها، أما في مجال التهم والقذف فنجد عوض القرني يشمر عن ساعديه ويصم من يشاء بما فيه وما لم يكن فيه فكيف سوغ لنفسه هذا التعدي المكشوف على الكتاب والكاتبات، دون أن يعرف معنى الحداثة أو يعرف من الكاتب أو الكاتبة، إلا بمجرد أنه يعمل في الصحيفة الفلانية، التي منعت مقالاته على حد تعبيره وسنكمل الحديث في الحلقة القادمة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved