بغدادُ.. أوجعه السُّرى.. متلبّساً |
ليل النّوى.. وأمضّه التغريبُ |
حمل الجراح بقلبه.. فتبرعمتْ |
حباً.. له بين العظام دبيب |
شابت بمقلتِه الدهورُ جميعُها |
لكنَّ حبّكِ.. لم يرُعْه مشيب |
يحيى فتاكِ.. إليك ألقى عشقَه |
رغم الجراح وما اعتراه لغوب |
لا زال طفلاً في السماوة يافعاً |
داراتها احتفلت به ودروب |
يهتزُّ من طربٍ لدى أعيادها |
ويروح بين حقولها ويؤوب |
هو نوْرسُ الأحلام بين نخيلها |
ولدى الصَّبَايا العاشقُ المحبوب |
يمضي الزمان بحلوه وبمرّه |
وعراقُهُ ما كان عنه يغيب |
ألقى بذور العشقِ فوقَ ترابه |
فإذا له بثرى العراقِ نسيب |
يلْقاهُ في كلِّ الدفاتر حاضراً |
يسعى.. وبين سطورها مكتوب |
وحقيبةُ الأسفار تحفظ رسمَه |
صوراً كأحلى ما تكون عَرُوب |
أنَّى أقام يرى العراقَ.. يبُثُّه |
هماً يكاد الصخرُ منه يذوب |
(القيصرُ) احتَنَكَ المدائنَ والقرى |
فالعدلُ في تشريعِهِ التخريب |
يا سيدي.. قاماتُ قومِك ما انحنَتْ |
أو نالَ من إيمانها.. المكروب |
إلا زنيماً أرضَعَتْهُ زنيمةٌ |
ورعاه خِبٌّ خاملٌ وربيب |
من أُشربوا الغسلين من أعدائهم |
ذلاً.. ألا إنّ الذليل يخيبُ |
ما خالط الإيمانُ دفءَ شغافِه |
كلاَّ ولا عن غيِّهم سيتوبُ |
باعوا المروءةَ واستباحوا عورةً |
للرافدين.. فبئس هذا الحوب |
يحيى.. غداً ليلُ العراق سينجلي |
ولكلِّ طاغٍ قاهرٌ وحسيب |
فإذا العراق بنخله وبناسه |
نايٌ بشِعرك مرسل وطروب |
وإذا حروفُك تستحمُّ بمائه |
وإذا الصَّبَا.. موّالك المشبوب |
بغدادُ.. قومي عانقيه فلم يزلْ |
لكِ في هواه ملاحم وحبيب |
بغدادُ.. يسكنه هواك وقلبُه |
بين الضلوع له إليكِ وجيب |
لا زال قامةَ نخلةٍ.. (بَصْرِيَّةٍ) |
ما اهتزَّ منها باسقٌ وعسيب |
تؤتي الثمار ولا تزال سخيَّةً |
نخل العراق الشَّهْدُ والمشروب |
يحيى.. ضممتُ نقوشَ أحرفك التي |
فيها العراق.. نجيبةٌ ونجيب |
وشممتُ طيبَ وروده وفياضه |
فإذا يضوع على ثراه الطِّيْب |
لا فُضَّ فوك ولا حروفك صوّحَتْ |
والشكرُ.. موصولٌ به الترحيب |