Culture Magazine Monday  18/06/2007 G Issue 203
فضاءات
الأثنين 3 ,جمادى الثانية 1428   العدد  203
 

هل رأيتني؟
كنت أمشي في الشارع لهناء حجازي
إبراهيم الناصر الحميدان

 

 

ليس أجمل من الثرثرة.. ألذ من مفاصلها.. من حركتها.. من مرورها عبر الشرايين إلى الفم صادرة من منابت القلب: نلتقطها، تحاول أن تهرب من الأعماق فيكبتها الفم يقمع مرورها، وتحاول أن تتسلل بعفوية خارجة من الجسد: تسامر القلب حتى لا يفصح عما يدور في أحشائه من خيالات صريحة تطرحها رؤى مشحونة بما تود أن تواري به أحلامها في كل موقف من خلال هذا الهم الثقيل الذي يمثل الحياة كهمزة منقطعة من الأصول من تدفق الأفكار اليومية التي تحاول أن تربط الشجون الباذخة في التفاصيل التي لا تستطيع أن تقمع الحركة التي لا تلبث أن تقف عندها مختصر الغد كجزء من الثرثرة التي لا تكف عنها في الأحاديث اليومية التي تتقاذفها في صراع عن الممتد لا يقف عند زاوية مشعة بالفرحة، وهي تسرد علينا ما يجيش في أحلامنا من أبعاد نفسية تتوزعها رؤى بين الخير والشر وتتقاسم الأيام ليلاً ونهاراً مرتفعة وهابطة كما الدنيا لغواً وثرثرة، نتعلم أسلوب الحديث الرائع الماتع ونتلفظه حكايات نرددها فيما بيننا ونحن نبتسم متحلقين للكلام الفارغ، ونحن نضحك وقد نبكي. تلك الكلمات الجاهلة تسقط من أيدينا بسرعة فنحاول أن نلمها من جديد حتى تغتسل بالصدق وتعود صافية سليمة صريحة من كل كذب سطا عليها وارتكب حصادها ذلك الكلام الفارغ الذي نسرده يومياً بلا ضابط.

إنه ثرثرة أخرى نقابل بها ثرثرة الآخر الذي لا يكف من الشكوى لأنه لا يحب الكلام الذي لا معنى له، ومن تلك الثرثرة التي لا ننتهي عنها أبداً نطرح تفاصيل نحن ليس بحاجة إليها ومع ذلك يقال إنها من خصائص كتابة القصة القصيرة التي تجيدها هناء فتهرب منها إلى الكلام الجاد عن حياتها الخاصة التي تميط اللثام عنها بصراحة منذ وجبات الطعام التي لا تجيد طبخها فتهرب من الحديث عنها ولا تتحدث عن الخادمة التي تطبخ لها جميع وجبات الطعام ما عدا ما تحضره من المطاعم السريعة الوجبات، وعن حياتها الزوجية التي تتحاشى أن تقف عندها كثيراً رغم أن كتابها الجديد الذي نحن بصدده يتحدث عن أكثر ما يمت بحياتها بصلة رغم المبالغة التي تتصف بها أحاديثها بعباراتها الجميلة البعيدة عن الواقع، لم تذكر الحب سوى لأمها في نهاية الكتاب الذي احتوى على مواضيع هي أساس كتابة القصة. الكتاب هو براءة المعرفة: ذاتي، شخصي من خلال الأحداث، فالأناقة التي يتصف بها أسلوبها الرائع يجعلني أطالبها بإعادة الصياغة وصولاً إلى عمل روائي صريح هي مهيأة له بل عمل سينائي ناجح، على أن تستبعد مقاطع منه من حياتها العامة لتضيفها كاملة إلى حياتها الخاصة، كيف أحبت ثم تزوجت وأنجبت وعاشت مع شخص مشهور ذات يوم وقد نساه الناس مؤخراً وسوف يبقى منسياً لحالته المرضية -شفاه الله- ، إنما هي ما ذنبها مع المرض ومع عدم الاستمتاع بالحياة وتفاصيلها حتى تعيش كما يجب وكما يحبها الناس ويتلقون بها شأنهم في متابعتها في الشارع وهي تسير بلا تأنق أو تجمل لأن جمالها يغري بتلك الصورة.

أكتب لك بصراحة؛ لأن عنوان الكتاب غير مناسب في مواضيعه وإن جاءت عباراته رائعة ومواضيعه بعيدة عن الخيال حتى تغري بالاقتراب منها كثيراً رغم أسلوبها الذي يقف حجر عثرة دون كلمة عشق صريحة بعد أن فقدت ما وضعته نصب عينيها من توجه.

والكتاب عموماً يميل إلى السخرية من الحياة التي وضعتها بشكل آخر، فإذا بها تختلف إلى العكس، فالحب قد ينقلب إلى ضحكة لا جدوى منها، وهذه المحاولة مني ليست نقداً وإنما عتاب لتحولها نحو المقالة بدلاً من القصة أو الرواية.

الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة