الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 18th July,2005 العدد : 115

الأثنين 12 ,جمادى الثانية 1426

آخر روائع الجفري.. عن آخر رائع استثنائي!
نزار قباني .. آخر سيوف الأمويين الذهبية!!

* الثقافية سعيد الدحية الزهراني:
(حتى تعرف نزار لا يكفي أن تقرأ له فقط، فما يكتبه بعض منه وليس كله، لا بد أن تجلس إلى نزار.. لا بد أن تجلس إلى نزار.. لا بد أن تجلس إلى نزار، لتعرف شكل البشر عندما يمارسون الحب من الأعماق، وكيف هم يظهرون على إنسانيتهم.) ص 12


د. فؤاد مصطفى عزب


يبدو لي أن أستاذنا عبد الله الجفري الرائع دائماً؛ قد انطلق من عبارة د. عزب وبدوافع فقد وحنين أخرى لإعداد هذه التحفة وتجسيد هذا النزف الشفاف (نزار قباني آخر سيوف الأمويين الذهبية) الصادر عن منشورات النور بيروت 2005.
يقول الجفري (إنه الشاعر نزار قباني: الذي افتتح بشعره ميلاد عصر كامل نسميه: عصر نزار قباني... وبدأ في غيابه: عصر آخر لا ننتمي إليه بالطبع: نحن هذا الجيل الكبير المتواصل من إطلالة الثلاثينات وإن جئت في الجيل الرديف.) ص 119 .
من هاتين الرؤيتين (د. عزب وأ. الجفري) وُلد الهاجس النبيل لدى كليهما في محاولة لإيجاد ملامح ما قُدِّرَ لهما معايشته والتفيؤ بظله (نزار قباني)، وبالتالي استئناس أجيال ما بعد عصر نزار بهيف رفيع من روحه ونَفَسه وياسمينه من خلالهما..!!
جاء رائع الجفري الأخير (نزار قباني.. آخر سيوف الأمويين الذهبية) في نحو 219 صفحة من القطع المتوسط.. نزفاً ولوعة فقد وحرقة غياب وإحساس متجسد للخسارة.
استهل الكتاب د. محمد يوسف نجم بكتابة تحت عنوان (تحيَّة إلى صديق) تناول فيها المؤلِّف أستاذنا الجفري وروح الكتاب (نزار).
ثم جاء نشيد د. فؤاد عزب عن صديقه نزار قباني وهو للشاعر السعودي أحمد صالح الصالح (مسافر):
دمشق... ضُمّي على الأضلاع أعظمه
واستمطري فوقه من مزنة ودقا
واستنبتي من تراب القبر زنبقة
وياسميناً يبثّ الطيب والعبقا
دمشق قولي: هنا قد كان لي وتر
إذا تغنَّى رأيت الشرق متسقاً!!
أما النزف الذي يليه فهو عن ذكريات عرفان نظام الدين:
(من داخلي.. بدأ البكاء
فأجْهَشت في القلب:
موسيقى الحزنْ
ونَمتْ على شفتيَّ
أزهارُ الشجن)
والصحفي الكبير عرفان نظام الدين هو صاحب كتاب (آخر كلمات نزار ذكريات مع شاعر العصر) قدَّمه أستاذنا الجفري.
ودون نظام في كتابه كلمات صدق وحب وتشريف تحت عنوان (الجفري وتوأم الروح) ثم عطَّر بها الجفري كتابه هذا.
يقول نظام الدين:
الجفري وتوأم الروح:
.... أما شبيه شاعرنا الراحل، ولكن في عنصري الماء والنار معاً، فهو الأخ الأديب السعودي المعروف عبد الله الجفري، وكان نزار يلقِّبه تارة بحبيب قلبي، وتارة أخرى بتوأم الروح، فهو حساس جداً ومزاجي وأنيق ويتمسك بالمثاليات والرومانسية ويبدع في الوجدانيات، كما أنه ناري في بعض الأحيان ومائي في أحيان أخرى.
أعقب ذلك تقديم أستاذنا الجفري لكتاب صديقه (نظام) .. حيث يقول فيه:
كلانا عرفان وأنا أحببنا نزار الشخص، والملايين أحبّت شعره، النقّاد العرب، والشعراء: كتبوا عن شعر نزار... مَن فهمه، وأحبَّه، وركب مركبه: أنصفه، وأضاء بكلماته مراحل التطور في شعر نزار.. ومن غار منه وحسده، وأراد أن يحفر في رمله: انتقده، وسفَّه شعره، وحسب أنه نال من قمة نزار الشامخة.
ويضيف: ولقد تساءلت: ماذا يكفي تاريخ نزار، وتميُّزه؟!
كلمات: تُنصفه، وتجليه، وتموسقه: سيمفو نية عشق، وتُطلقه: شاهد انتماء عربي، عروبي، و.... ياسمين غزل.
أما وَسْمُ الكتاب واسمه (آخر سيف ذهبي أموي) فمبتدؤه:
(لم يعد في العمر ما يكفي، لأبقى ساهراً
أُشعلُ الشَّمعَ بأعماق العيون الفاطميهْ
إنني آخر نافورة ماء.. تتهجَّى اللغة الأندلسية
وأنا آخر سيف ذهبي في الفتوح الأُمويَّة)
حيث يقول الجفري:
ماذا يكفي تاريخ (نزار قباني) وإبداعاته وتميّزه من كلمات تنصفه وتموسقه سيمفونية عشق، وتطلقه شاهد انتماء عربي، وياسمين غزل؟!
نزار: شاعر الدهشة، والجنون الحزين.. يعايش زحام عصره، ورخام بشَره... ولكنه كان يسهر لياليه بشعاع نجمة ثابتة في الشمال مغطاة بالضباب، مرتعشة بحبات المطر... كأنَّ الاندهاش لديه: صار سعادة نفسية.
وإلى: بلقيس... وزينب.. وفيهما:
(بلقيس:
كانت أجمل الملكات في تاريخ بابلْ
وكانت أطول النخلات في أرض العراقْ
كانت إذا تمشي
تُرافقها طواويس)!!
يقول الجفري: ونعرف أن الشاعر لم يتزوج بعد ذلك بغير بلقيس، ولم ينجب غير زينب بمثل هذا الارتباط الذي رمز إليه.
ليتنا إذن لا نخرج من أحضان بلقيس، ولا نتجاوز جيل زينب.. فقد تعبنا من الأسماء المستعارة.
أما النزف الذي بعنوان: بلاد العُرْب. وفيه:
(أحاول رَسْم بلاد
تُسمى مجازاً بلاد العرب
سريري بها ثابت
ورأسي بها ثابت
لكي أعرف الفرق بين البلاد وبين السفن)
فيقول الجفري: قال (نزار): في هجائيته لقومه العرب.. وهو يعلم أنه سيصدر قرار (صفعه) حتى من زملائه المثقفين والمبدعين:
(أنا منذ خمسين عاماً
أراقب حال العرب
وهم يرعدون، ولا يمطرون
وهم يدخلون الحروب، ولا يخرجون
وهم يعلكون جلود البلاغة علكاً
ولا يهضمون).
هذا النزف الذي جاء بعنوان: من هو... نزار؟ وفيه:
(... وحجزت تذكرتي وودّعْت
السنابل، والجداول، والشجرْ
وأخذت في جيبي: تصاويرَ الحقول
وأخذتُ إمضاء القمرْ
وأخذتُ وجه حبيبتي... وأخذت
رائحةَ المطَرْ
قلبي عليك وأنت يا صوتي... تنام
على حجَر)!!
فهو جدير بأكثر من أن ينام بين دفتي كتاب رائع كهذه التحفة الوفاء..؟!
ليت أستاذنا الجفري يموسقه ويغنيه ويبكيه بكل أشكال التعابير الإنسانية..!!
يقول الجفري:
نزار قباني: هو (الشاعر) الذي أتقن تعريف الشعر، وفسَّره، وتداخل فيه ومعه، وحلم به وحوَّله إلى طائر أسطوري.. طار على ظهره ومعه كل الكرة الأرضية.
وهو (الشاعر) الجواهرجي.. الذي حوَّل الكلمة إلى ألماس، وحبَّات من اللؤلؤ، وعقود من الأحجار الكريمة.. فتوَّجَه القارئ العربي: سلطاناً على مملكة الشعر!
فمن هو (نزار قباني)؟
ويأخذنا أستاذنا الجفري إلى حكاية التعارف، حيث كان أول التعارف.. فاكساً.. وفيه:
(يا ربّ.. إنّ لكل جرح ساحلاً
وأنا جراحاتي بغير سواحل
كل المنافي لا تُبدِّد وحشتي
ما دام منفاي الكبير: بداخلي).
أما ما يتعلَّق بالحبيبة.. وشعر نزار!! ففيه:
(علَّمتني لندن.. أن أرى حريتي دون حدود
ونصوص الشعر من غير حدود
علَّمتني: كيف أن امرأة أعشقها
ممكن أن تجعل العالم من غير حدود).
* *
وهنا أشار المؤلِّف إلى عدد من الفنانين الذين تغنّوا بالروائع النزارية فخدمتهم ونقلتهم قبل أن يخدموها أو ينقلوها، بدءاً بنجاة الصغيرة وفايزة أحمد وأم كلثوم ثم ماجدة الرومي وكاظم الساهر، مغني قصيدة الشاعر العصر (نزار قباني):
(زيديني عشقاً زيديني.. يا أحلى امرأة بين نساء الكون أحبيني).
وهكذا يتوالى النزف الصدق تحت عدد من الآهات العناوين.. ومنها:
عندما كتب (خبراً).. وفيه:
(نار الكتابة أحرقَتْ أعمارنا
فحياتُنا: الكبريتُ والأحطابُ
ما الشعر.. ما وجع الكتابة.. ما الرؤى؟
أولى ضحايانا.. هم: الكُتَّاب).
وفي ختام كتابه.. وفائه.. نزفه.. يورد أستاذنا الجفري نصاً بكائياً أصيلاً أبدعه الشاعر جوهرجي، حيث يقول الجفري: تفضل شاعر الأصالة محمد إسماعيل جوهرجي بهذه القصيدة التي كتبها رثاء في الشاعر العصر، مثلما هو رثاؤه للواقع العربي. وكتب لي في مقدمة هذه القصيدة يقول:
تهانيَّ الصادقة بما جادت به قريحتك في هذه الكلمات
العسجدية (الكتاب) عن: الشاعر العصر، وعصر
الشعر: أستاذ الجيل نزار قباني، رحمه الله رحمة
الأبرار.. وإليك، وإلى روحه (فيض من الحب).
واحتوى الكتاب كآخر قطرات النزف المكتوب عدداً من مكاتباتهما وصورهما ورسائلهما المليئة بالحب والصدق.
وبعد.. فهذه قراءة أولية لم تفِ الكتاب حقه ولن تغني القارئ عما يستحقه..!
الكتاب بالدرجة الأولى تجسيد للحب الصادق والوفاء الحقيقي.. هو روح حية لأحاديث الوجدان وهمساته.. هو ثراء وجدانيّ مميز.
** الكلمة.. روح..!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
المنتدى
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved