الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 18th August,2003 العدد : 25

الأثنين 20 ,جمادى الآخر 1424

أثر خفيف
أحكام علي بن زايد (2)
علي العمري

يدرك ابن زايد حقيقة التحالف الأبدي الذي يراه الفقير دائماً بين الغني والباطل، بين القوة والمال، كما هو الذل دائماً مرتبط بالحاجة، وإن كان ثمة ما يحمي من الفقر الذي هو باب الشر فلن يكون عند ابن زايد كرجل قروي يحيا على الزراعة والرعي إلا البقر والزراعة والإبل والمرأة، تلك الأركان الأربعة التي تبني الملجأ الآمن في الحياة:
ما يجبر الفقر جابر/غير البقر والزراعة/والا الجمال ذي تسافر/ تقبل بكل البضاعة/ والا مَرَهْ من قبيلي/فيها الورع والقناعة/ تدبر الوقت كله/ كأنه معاها وداعة/ تجيعنا حين نشبع/ والشبع وقت المجاعة.
يعتمد الإنسان في المجتمعات الزراعية بشكل كبير على جهده العضلي في العمل إذ مشقة الحرث والزرع والحصاد، وكذا الرعي كلها أعمال تستدعي التكامل الجسدي والذهني والنفسي حتى يتمكن الذكر والأنثى معاً من قطف لقمة العيش، ولأن مسألة الرزق كما يراها ابن زايد ليست تأتي طواعية دون الكدح والمرارة وبالطبع ستكون علاقة الفلاح بالأرض علاقة امتزاج وعرق، نوع فريد من الحب المليء باللهفة والترقب، ارتباط دائم في كل الأحوال في الرخاء كما في الشدة.
إن ابن زايد ينفذ في كثير من أشعاره إلى نوع من الاستبطان الخبير مؤداه أن العلاقات الإنسانية في تحولاتها الدائمة لا تنجو من القانون «الصراع» الذي هو أساس الوجود الإنساني: ما ينفعك في عدوك/كثر المروّة والاحسان.
ولقد كان علي بن زايد فيما تركه من إشارات على معرفة بالنجوم والأفلاك وتحولاتها والتأثير الذي تحدثه على الزراعة وعلى سقوط الأمطار، وإن كان أغاريشيف يشير إلى أن ابن زايد كان يعتمد على التقويم السبئي الذي تلعب فيه النجوم والقمر دوراً رئيسياً في التنبؤ بالمواسم والفصول، مما يجعل العلاقة بين الأرض/الإنسان/ السماء علاقة جدل وحراك، لهفة، ترقب، يقظة، وأمل، هنا يكون الإنسان أقرب ما يكون إلى الاسطورة ككائن يتكامل في عالم محكوم بالإخفاق. كانت يقظة ابن زايد ترقب هذه العلاقة المتشابكة بين هذا الثالثوث: الارض/الإنسان/السماء، لتصل إلى أن التغير والتبدل بين الحاجة وضدها بين اليسر والعسر بين الخصب والجدب.. الخ أمر لا مفرَّ منه ليحيا الإنسان:
نصف السنة تسعة أشهر/ والنصف الآخر ثلاثة/ التسع والسبع والخمس/ تبانْ فيها العيافة/ لا سمن بيها ولا بُر/ ولا غنم للضيافة.
وإذا كانت العلاقة الدرامية تحدث بين البطل (الإنسان) وبين ا لقطبين (السماء والأرض) فإن ثمة كائنات أخرى تلعب أيضاً أدواراً مهمة في حياة الإنسان، إنه الحيوان، فالثور بالذات مع أنثاه يعتبر بالنسبة للإنسان في البيئة الفلاحية جزءاً لا يتجزأ من العائلة، إنه الكائن الثمين الذي يساوي في قيمته أعلى الفئات الاجتماعية قيمة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved