الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 18th September,2006 العدد : 171

الأثنين 25 ,شعبان 1427

حَوْلَ ذَلِكَ الأَنا التُّراثِيِّ
أ. د. مصطفى الشليح
تلتبسُ العلاقة بينَ الذات والتراثِ في المنظومةِ الثقافيةِ العربيةِ لاعتباراتٍ تاريخية لعلَّ بعضها موغلٌ في القدامة، ولعلَّ بعضَ الآخر مترتبٌ عن تفريع تلك العلاقة إلى علاقاتٍ حدَّ الزعم أنه قد يكونُ لكلِّ فريق تراثه، أو قد يكونُ له فهمٌ خاصٌ لتراثه إذا لم يكنْ لكل واحدٍ نسخة متفردة منْ ذلك التراث.
هذه العلاقة الملتبسة ناجمة عن قراءةٍ مثاليةٍ للتاريخ، أو لعلها قراءة استرجاعية تنظرُ إلى الراهن في مقدار تحادثه مع الكائن التراثيِّ، وفي حجم الانتباه إليه، ثم في نوعيةِ الإنصاتِ المخصوص به. أو لعلها قراءة السفر إلى الموهوم توقيَ مجالسةٍ عالمةٍ للمعلوم، وحذارَ انبثاق سؤال الذاتِ يبحثُ عن تاريخها وعلاقاته لفهم معقلن للعالم.
إن العلاقة علاقاتٌ لغياب نسق ثقافي يؤطرُ الواحدَ المتعددَ في ضوء المتعددِ الواحدِ، وفي إطار جدلية الخاص والعام إذا لم نقلْ جدلية المطلق والمقيد، ثم باستحداثِ قنواتٍ واصلةٍ بين الذات والترائيِّ التراثيِّ من خلال التشكلات السلوكية التي تقدم نسخا متوترة ومتواترة من سَفر التاريخ إلى الذات عوض سَفر من الذات إلى التاريخ.
ذلك النسقُ الثقافيّ أخفقت الجسْرنة التلفيقية التي تبناها الخطابُ المتأسلفُ في بلورته قيمة ثقافية مهيمنة تتناسل قيمًا أخرى موجهة للاختيارات ولاستراتيجيات التفاعل مع المعيش الحضاريِّ الذي يبسط مداره الكونيَّ على الثقافات الجهوية والإقليمية والقومية من خلال حوار الحضارات؛ وعبر استشفافِ الآخر الثقافيِّ لاسئناف التجاذب مع الأنا التراثيِّ، والذي يقترحُ أو لعله يقترحُ استدراكًا للزمن ذا انفتاح مستقبليّ لما يلتفت إليه الخطابُ المتأسلفُ العربيُّ بعد، وكأنّ التاريخ لما يسعفْ في بيان الفروق بين واجهتيْ القرنين العشرين والحادي والعشرين، من حيثُ الأولياتُ والأولوياتُ التي تؤطرُ العقلَ العربيَّ إذ يتبنى نسقا ثقافيا تكوينيا أدنى إلى البناء منه إلى الجسْرنةِ بين مختلفاتٍ لعلها لن تصير مؤتلفاتٍ.
من ثمة كانت العلاقة ملتبسة.
ومن ثمة انصبتِ الكتاباتُ، الباحثة في التراث وعنه، على البحث عن إجاباتٍ عن أسئلة لم تطرحها قبلما ترتكنُ إلى تدافع الثقافي والوجوديِّ لتركيب أسئلة الذات والتراث.
ومن ثمة انشعبت المواقف الناظرة إلى ما ليست هذه المقاربة منصرفة إلى تعداده، لأن الأمر على امتداد مائة عام من العزلة اتخذ لكل وقتٍ لبوسا واتخذه الوقت دروسا للذي اعتكف (المثقفون) العرب على تأمله، والذي تحول من علاقةٍ ملتبسةٍ إلى إشكاليةٍ مؤسسةٍ لما يتداوله الخطابُ العربيُّ المعاصرُ من بياناتٍ عن التراث تذهبُ من النقيض إلى النقيض، ولعلَّ في ذلك الذهاب ما يُذهب بموقع الذات من التراث.
إن التماسَ موقع الذات من تراثها خليقٌ بصوغ أسئلة لعلَّ أبرزها:
* ما الحدودُ الفارقةُ بين الذاتِ والتراثِ؟
* وهلْ يمكنُ اعتبارُه قاعدةً للشخصية الثقافية العربية؟
* وهلْ هو كذلك؟
* وأين نُموضعُ الثقافاتِ الإقليمية لكل قطرٍ عربيّ؟
* وما أثرُها في تشكيل حَساسيةٍ مرجعيةٍ ذاتِ خصوصيةٍ؟
* وما موقعُ التراثِ بين الجَبر والاختيار في سُلم المعرفةِ؟
لعلها أسئلةٌ محجوبة الطرح، أو لعلها طرحتْ باحتراس من قبل الباحثين في التشكلاتِ الكتابية وفي المياسم الإبداعية النابضة بها، أو لعلَّ النقد العربيَّ التمسها بصيغ كانت أقربَ إلى البديع منها إلى النقد حينما قرأ إشكالية الإبداع والاتباع في الأدب العربي، شعرا ونثرا، خاصة حينما عرض للمعاني أكانت عُقما أم متعاورةً، وحينما أفرد للسرقاتِ أبوابا في مقاربة تصادي النصوص وتناديها إذا لم تكن مقاربة في التناصِّ بشكل عام.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved