الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 18th October,2004 العدد : 81

الأثنين 4 ,رمضان 1425

ملتقى (جماعة حوار)
سهام القحطاني
حينا.. يستوجب عليك أن تقول (بعض) الحقيقة لا (كلها) .. ولا مضرة في ذلكم.. عندما لا يخص الجزء المخفي من تلك الحقيقة إلا (أنا) فما لا يعجبني (كذوق خاص) من الاشكال او الاشخاص، او الافكار او الطرائق.. أظل محتفظة به بعيدا عن المعلن من تقرير الحقيقة.. لأن هناك أمورا قد يحسبها كثيرنا أنها تعين الحقيقة على النمو.. في حين ان قولها يساعد على امتصاص الكالسيوم من عظامها فتورثها الكساح..! وهذا لا يعني رفض الاختلاف وعدم التشابه او المغايرة مع الآخر.. فمكنوناتنا تظل غير قابلة للاشتراك وهذا لا يمس على الاعتبار (اللوغوسية) التي يجب ان نتحلى بها كناضجين.. انما يعني.. ان لكل منا فيما يتعلق بالنسبي موقفه الخاص الذي يجب.. ألا يضر مساوقة الغاية.. ولا يقرر على أنها خلاصة نهائية لتضمين محتواها.. فتتموضع أفكارنا المجبولة على اليقين بدائرة التمحور.. لتصبح ذواتنا الاجتماعية تكرارا للمسطحات المائية (هي.. إياها) .
لعل مدحي او قدحي (لجماعة حوار) في النادي الأدبي بجدة.. أمر يوقعني في حرج.. لعدم قدرتي على تفريغ حديثي من ذاتيتي.. وان سعيت جاهدة اثناء الكتابة لتفعيل التفريغ.. بل وهو المسوغ الرئيس لتأجيلي الكتابة عن هذه الجماعة طوال الموسم الثقافي المنصرم.. فهو يظل على المستويين.. شهادة مجروحة في صدقها أو كذبها.. كوني اولا عضواً في هذه الجماعة، وكوني ثانيا (أنني) أكثر الأعضاء تقاطعا وتشابكا ومشاغبة مع الآخرين في الجماعة.. وهو تقاطع يضيف على الاعتبار الشمولية لحواسنا الخمس.. فأمر صحي أن نتقاطع مع بعضنا البعض.. لان ذلك يدفع العمل الثقافي لواجهة الحضور (المحترم) .. لكن دون ان نتعمد ملامسة المناطق القابلة للنزيف.. فعندما يتحول القلم الى سكين للتشريح.. فهذا يعني أننا حولنا الثقافة الى مفهوم أكثر قربا الى (عصابة على بابا) .. وأبعد مراتبا من مفهوم كانط .. (الغايات العظمى للعقل البشري تشكل منظومة الثقافة) .. لكن قلما من يتوافر له هذا المنطق فيستجيب لعقلانيته.. ويتعاظم على هوى الذات.. وما أبرئ نفسي.. (إن النفس لامارة بالسوء) .. لاشك أن (جماعة حوار) .. منجز ثقفوي آخر وليس نهائيا للنادي الادبي بجدة.. بريادة استاذنا وشيخنا الجليل (عبدالفتاح أبو مدين) ، ورئاسة السيد الخلوق الدكتور (حسن النعمي) .. وقد استطاعت جماعة حوار حتى الآن إثبات عضويتها الفاعلة في (إثارة) غرائز المشهد الثقافي.. وهي إثارة أحسبها (حميدة) .. لانها تعمل أو.. هي تحاول ذلك بجد (الاضافة) قدر المستطاع.. لإنشاط التنفس الثقافي المتهالك.. ولعلني أظن أنها أقرب الى التوفيق في ذلك من الفشل.. وقد يقلدها الآخرون وهو أمر حسن من قبيل اتباع الاسوة الحسنة.. للخروج من عنق الصنبور الثقافي الذي ما نزال نشرب منه كدرا وطينا.. وكشيء لا محيص عنه لتكوين المنجز الثقافي.
لقد تجاوزت جماعة حوار (الشكل الطارئ) للظاهرة الثقافية.. أو (هكذا أعتقد) آخذة نحو التبلور في هيكلة المشروع الثقافي، .. والأمر ليس يسيرا.. فما زالت الجماعة (مسودة) مشروع.. رغم نجاحها اللافت في الموسم الثقافي السابق.. فتحولها الى مشروع ثقافي.. يحتاج الى جهود مكثفة.. حتى لا ينفرط عقدها مثل ماضي الجماعات الادبية.. فشتان بين صورتي (الحبل) و (الأفعى) .. وان بدا لكثيرنا انهما لا يختلفان..! فلحظة اليقظة ان لم تكن قادرة على الانجاز.. فهي تعني صحوة.. ما قبل الموت..
لعلني اظن ان اسباب نجاح جماعة حوار الموسم الثقافي الماضي يعود الى جملة من المسوغات، منها جدية وحساسية المحور الذي طرح، وهو الرواية النسوية في المملكة، اذ طالما غاب النتاج الادبي للمرأة السعودية عن أضواء المشهد الثقافي، وحتى وان وجد فوجوده عادة محجب باستحياء ككائن معاق، وهذا ما جعل شهية الجميع مفتوحة لاستقبال هذا المحور
والتفاعل معه، اضافة الى حماس الاخوة القائمين على الجماعة بقيادة (الجنتلمان) (د. حسن النعمي) وهو رجل تعلمنا منه ان قوام القيادة ليست (سلطة الفعل) .. بل (حسن الخلق) (ولكل إنسان نصيب من اسمه) ..
كما ان الجماعة تضم مثقفين من اتجاهات مختلفة، وهذا أوسع مساحة حرية الرأي في الجماعة وجعلنا نتنفس الهواء من الجهات الاربعة.. وهو بدوره اثرى عالم النقاش الذي كان يتفجر كل اسبوعين لدرجة (البركنة) .. لكن جلنا كان يؤمن بحق الآخر ان يقول ويرفض وحينا يشاكس.. فنخرج من باب النادي ونفوسنا شبه صافية.. وقليلنا يظل.. يكبت الحقد.. لينفث سمومه حين فرصة.. (ليبدو أن لا بد لتدمير العالم مني فيك) كما يقول اديث بياف وهؤلاء مجرد غثاء يشوه السطح اما العمق فيظل نقيا (او أحسبه هكذا) ، وإن بقيت الموضوعية هي محاجة العاقل.. فلا مشادة فيها.
فليس الهدف بالتأكيد هو طحن ما تبقى لنا من اطراف.. وقضم المقطع الاخير من ألسنتنا..!
لقد تميزت المشاركة النسوية بزي خاص في جماعة حوار.. فلا أبالغ ان قلت أنها كانت متميزة وجادة وذات رؤى عميقة فاقت كثير من السادة (الرجال) سواء اللائي قدمن اوراقا او اللائي كنّ يناقشن واثبتنّ حضورا خاصا ومبهرا مثل حليمة مظفر وايمان الصبحي وأمل القثامي.
فقد لاحظ الجميع ارتفاع السقفية الثقافية للمرأة في جماعة حوار التي تفوقت على كثير من الأفكار (البلهاء) التي كان يقدمها بعض المناقشين من (السادة الرجال) .. فيما يطرح من رؤى.. ولا أنكر فضل الجماعة.. في ترك مساحة واسعة للمرأة للتعبير عن رؤيتها.. دون مصادرة أو وصاية.. وتشجيع خاص من الدكتور حسن النعمي.
لقد استطاعت جماعة حوار خلال الموسم الثقافي ان تقدم الكثير من الايضاحات المتعلقة بالخطاب الروائي للمرأة، وكانت هناك اوراق عمل تميزت بالثراء المنهجي، الذي استفاد منه الجميع في تسليط الضوء على مكنونات الخطاب السردي للرواية النسوية في المملكة.. مثل ورقة الدكتور حسن النعمي والدكتورة لمياء باعشن والدكتورة أميرة كشغري والدكتورة إيمان التونسي والدكتورة فاطمة الياس والدكتور كامل صالح، وهناك أوراق تجاوزت حدود الشاطئ ( بالخروج عن النص.. والانحراف عن المسار) .. فسقطت فوق كوكب المريخ بدلا من كوكب الأرض وكأنه قد ضاق بها.. لتستبدل السقي بالغرق..! أو (هكذا أظن) .
تتبنى جماعة حوار هذا الموسم موضوع (مراجعات في خطاب التنوير النقدي والابداعي) ويهدف هذا المحور الى (الوقوف على أبعاد خطاب التنوير النقدي والابداعي في المملكة منذ بداية مشروع التحديث الادبي والفكري في اوائل القرن العشرين وحتى اللحظة، ساعية الى البحث في مدلولات التنوير في فضائه الاجتماعي والفكري من ناحية، وفي فاعليته بوصفه خطابا نخبويا من ناحية اخرى) .
لاشك ان موضوع التنوير موضوع مترامي الدلالات ممتد المفاهيم.. ويمثل صعوبة بالغة في عملية ضبطه التاريخي والثقافي.. وترتيب اوراقه تصاعديا او تنازليا.. فالوقوف عليه يلزم مهارة بحثية واستقرائية ورؤية دقيقة لاستنتاج الارتباطات العنقودية بين الجذر والفروع.. فالتنوير ليس خطابا فقط بل هو خطاب يستتبعه انجاز.. وعدمية الانجاز تخرج الخطاب من صفة التنوير لمسمى (خطاب الحكي) .. وجماعة حوار عليها خلال هذا الموسم ان تقدم لنا اجابة واضحة لفرضية هل (خطابنا الثقافي) خطاب تنويري أو مجرد خطاب حكوي؟؟ ونجاحها في الاجابة.. يعني انها ستسهم في وضع كثير من النقاط على الحروف الضائعة (اتمنى ان يحالفها النجاح) .


seham_h_a@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved