الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 18th October,2004 العدد : 81

الأثنين 4 ,رمضان 1425

تكوين
محمد الدبيسي
إبراهيم الحسين
غير المعروف لدى (البعض).. هذا أحد كتاب القصيدة..؟
قصيدة.. تضعها فهوم النقاد في شرك ملتبس لبعض القارئين..
ولم تفلح مبادءات أبرارها المخلصين في إرساء دعاماتها..
في الذائقة (العامة) أو ذائقة (القطيع) كما يعبر أحد أنصارها
عندما كتب أدونيس أول دراسة معمقة عن خصائص قصيدة النثر في مجلة (شعر) عام 1960م!
** و(قصيدة النثر).. في وضعها ذلك.. ما يخرج كاتبها.. من نطاق الجماهيرية العامة.. في مزاد (المناقصات) على الأكثر جماهيرية.. والأعم قبولاً..!
في مشهد يستبق فيه النظامون أصوات الكسالى.. والمزايدين.. لينبعث من رميمة لفظ بلا معنى.. ومعنى بلا قيمة..!
** والحسين المتوج بجغرافيا الماء.. يؤبن يباس الروح.. ومشارق الرواء.. يحقن القصيدة بدمه الحار، لحظة احتدام التوتر بنافذة البوح.. ورحلة الهواجس للانكتاب..
لتلتمع في نصه.. شموس القطر (أيقونة) لا تشرح الحالة إجمالاً، وإن كانت تؤثث لنطاقاتها ملاذاً في مسارب العقل والروح..
فيجادل بيانها بالعرفان والبرهان معاً..!
ليصير النص.. موازاة رمزية تفصح عن موقف..!
وموقف.. تقدمه القصيدة كضرب
من الإدراك الجمالي للواقع..
ومسايرة للحظة تتأمل صدقيتها..
وتعبر عن مآزق موقفها من الذات
والكون.. وحقائق تستأنف زرع جيناتها.. في صفحة ذائقة.. لا تتلون..!
** قبل عقد من الزمن.. كتب الشاعر العراقي (نوري الجراح)
في جريدة الحياة.. مستبشراً بالمجموعة الأولى لإبراهيم الحسين (خرجت من الأرض الضيقة).. ومبشراً بصوت من الخليج.. يثقب الدانة ليشع ضوء الكلام..!
ويمس بجرأة.. وقار ذائقة لا تستطيب الحركة والتجريب..
فيما يأنس سكونها لنظام آبائي.. يورثه الأولون.. للآخرين..!
** ليستجيب (الحسين) عفواً لمفهوم تقدمي واعٍ بقصيدة النثر ورؤياها
النظرية كما حبرها
مبدعها الأول (أنسي الحاج) في مقدمة ديوانه (لن):
(في كل قصيدة نثر تلتقي معاً دفعة موضوعة هدامة وقوة تنظيم هندسي
لقد نشأت قصيدة النثر انتفاضاً على الصرامة والقيد..)
كانت المجموعة الأولى.. أشبه بالمغامرة في فضاء لا تستوعب إمكاناته صوتها..!
إلا أن (الحسين).. قارب خطواته تلك
بشجاعة باهرة.. بعد أن أوجد (محمد العلي) منارة هذه القصيدة.. في الذائقة البكر.. وأودعها
الأصول الأولى للنص الجديد..!
فكان المدرسة والنموذج المحتذى بوعيه والمثال الأدعى على المشاكلة.. والاقتداء..!
** من (هكذا) أجواء.. فارق (الحسين)
الأصوات.. وابتدع نصاً مغايراً في تلازم رؤاه حالة الشعر..
وتفرد لون دلالته.. ومستجيباً لاستحقاقات قصيدة
النثر في تطوير الإيقاع الشعري، والانفكاك من سلطة الشكل
ووحدة التجربة والجو العاطفي العام، بما يحقق فهم أدونيس المعرِّف لقصيدة النثر بأنها: (رؤيا.. والرؤيا قفزة خارج المفاهيم القائمة وتغيير في نظام الأشياء ونظام النظر إليها..)
** (خرجت من الأرض الضيقة) المجموعة الأقوى في استنادها على الرؤيا الشعرية.. المتشكلة من التأكيد على الكتابة كمعبر أولي للقلق.. والمفازة الغارقة في تيه الأشياء
والتواقة إلى كتابة يقين اللغة.. وجسد التعبير.. مسار يتوحد بالذات والكون.. وينشطر في استبصاره للعلاقات الداخلية الحميمة
التي لا تلتقطها النظرة الأولى والقراءات العابرة..!
وفي (خشب يتمسح بالمارة) تفقه تلك الرؤيا عوالمها القريبة
ووحدات أشيائها الخالصة من جفاء النثرية.. والمتناصة مع كيمياء اللغة ومكونات (إشاريتها)..
وإشراقات مجازها المكثف.. عبر
التأكيد على نوعية الكتابة.. واكتناف
دلالة (المفردة) وتشفير إيماضاتها في نسيج المكوّن الشعري..!
على نحو تبدو معه شعرية (الحسين) بهواً فلسفياً يعيد صياغة الأشياء المحطمة والمهمشة.. برؤية تستقي معانيها المجانفة لتعبيرات المظهر، والمستوحية لنبض حيوات لا نحسها.. وإن كنا نألفها ضمناً لحظة تجليها شعراً.. أو كشفاً عن عظمة الأشياء من جهة وضآلتها من جهة أخرى.. عندما يفترق العالم الواحد..
إلى سماءين، سماء الواقع وسماء الحلم..! وتتخلق عوالمه الخاصة
من أشياء الواقع، فهي مصدر بهجته وانهياراته وأحزانه في آن..!
** (الحسين) يصوغ منجزه الجمالي.. عبر نثرية تستوجد إيقاعاتها من تواتر حسه المتموج .. في أفق فانتازي أحياناً.. ونسيج واقعي أحياناً أخرى..؟
في إشراقات تتبدى معالمها في طقوس روحية تمخر عباب اللحظة الأشد فراغاً.. إلى امتلاء يحتشد بلغة صافية وإيقاع خفي لشعرية تتلبس الذات أدق تكويناتها..!
** وحينما قارب (عبدالله السفر) جمرة تلك الإشراقات.. ومس فوحها بأناة متقدة
في قراءته لمجموعة (الحسين) الجديدة المنشورة إلكترونياً (انزلاق كعوبهم) تماثلت تشكلات الشعرية
كفعل إبداعي تتقاطر نبراته وتنهمر فيوضه كشرخ مترف، تتابع ترجيعاته ولا تفرط في كثرة الكلام..
(بل تؤلف طاقاته في نهر فائر النكهة.. يكتنز بالوحشة، والنشيد، والغياب، والقطيعة، إنهاك الرحلة الطافحة بالتوتر والتقلب على سفود الغياب)..
هكذا كان (السفر)، يقرأ فورات النص
ويتلمس بوعيه القرائي طاقاتها ويضع قلمه على مضمرات جمالياتها الخلاقة..!


md1413@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved