الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 19th January,2004 العدد : 44

الأثنين 27 ,ذو القعدة 1424

فهد العريفي:
المدار المنتمي إلى هيكل الأكرمين
عبدالله الجفري

«1»
زار خواطري وفكري في هذه الأيام «العربية» الرطيئة: صوت هذا «الإنسان» كاتباً، واديباً، وشيخاً يصدر الحكمة والقول الحسن/ فهد العريفي!
«هاتفني الأخَوان/ عبدالحفيظ الشمري، ومحمد القشعمي عن استعداد «المجلة الثقافية» الصادرة عن صحيفة «الجزيرة» لاصدار ملف عن مسيرة هذا «الطائي» في كرم اخلاقه وسخاء نبله.. هو الذي صار يكتب اليوم في «اليمامة» مكتفياً بصوت فكره الاسبوعي.. يرسل بصره إلى اللامدى، كأنه يخترق الغد وهو يعلن عن تكثُّف الخوف في واقع امته!
«لقد اعطى «ابو عبدالعزيز» الأكثر من فكره لمناصرة «حرية» الرأي والإنسان، وتحمل بصبر الرجال/ الفرسان، وهو يلتقط أدق الملامح الإنسانية ويبلورها، ويطلقها كلمات تتكلم فوق الورق وتدافع عن إنسانية الإنسان.
* فما الذي كان يعنيه في أبعاد «كلماته» التي غالباً ما تتحول من همس إلى صراخ؟!
* هل يكون «التعب» بعد الركض.. هذا الذي يصل بالمرء أحياناً الى درجة اليأس، ويخلع اضلعه في الثبات على: المبادئ والقيم؟!
* ام تراه هو «الحزن» الشديد الذي اتكأ عليه اليوم، وتسلق حتى الذهن؟!
* ام هي «الاحداث» وحوادث الزمان.. وقد صاغت من حياته ومتغيراتها: حكيماً يتكيء لمواصلة «التأمل» المتبقي له؟!
ولعل الاستاذ الشيخ/ فهد العريفي، يكتب في اجندته عن هذه الحياة اليوم:
انني لم اعد انتظر ان اكسب شيئاً.. لكني حريص على ان لا اخسر شيئا!!
فمن يقدر اليوم ان يحافظ على هذه المعادلة الصعبة؟!!
«2»
ولا احسب ان توقيت هذا التكريم الذي تضيء به «المجلة الثقافية»: قصد به مواكبته لهذا الضنك الذي يلف مشاعر الأمة العربية، وفي عنف هذا الطغيان من الاقوياء.. لان «فهد العريفي»/ عربي على السنام، تؤلمه حتى العظم:« مأساة المهرج حينما يفرغ دمه كاملاً في عروق النكتة ولا يضحك احد»، كما صورت الشاعرة اللبنانية/ سوزان عليوان.. بل يضاف إلى هذا الالم: شكوى «ابو عبدالعزيز» اليوم من الجوانح التي قست، والوجدان الذي تشقق بالجفاف.. وكل «عربي»: يُسحق ما بين «الحلم» بعودة اليقظة إلى الأمة العربية، وما بين حكمة: صارت تبهرنا وتجلدنا في آن واحد.. فاذا بنا جميعاً نراوح في هذا المنتصف الذي يولد اسئلة ضرورية عن اشياء تتهتك وتنشرخ في قيمنا ومبادئنا، و .. فروسيتنا، فلا نقاوم ولا ننطلق!!
هذه هي «معاناة» هذا الاديب الكاتب المثقف، الحافلة جذوره «بالتاريخ» الذي كان مميزاً بالفروسية!
* وكنت اقول «لابي عبدالعزيز» تلك العبارة التي اقتنصتها من حوار فيلم قديم عنوانه: «معركة المنتقم» يستيقظ الإنسان ذات صباح، ليقول لنفسه: لن يدهشني شيء بعد الآن!!
فهل صارت هذه العبارة تنطبق على واقع هذا الكاتب الفارس؟!
وهل في واقعنا الثقافي «القائم»، وليس «الممكن»، ما يشحذ من جديد: قيمنا، ومبادئنا، ويهتم بقيم التواصل وينميها على أساس انها جزء من المصير المشترك لمن يعيشون داخل رقعة جغرافية واحدة؟!!
«3»
اقول لهذا الكاتب الفارس/ فهد العريفي:
صار «الآخر» في داخلنا الإنساني يتشكل احياناً كأنه الحنين، ثم احسبه يتبلور «تكوينا» من: الغربة، والوحدة، والانكفاء، والإحباط.. انطلاقاً من مصادر «طقوس».. و مرايا إنسانية.
وفي «الآخر» نفتش عن الحوار المجدي والموضوعي.. وقد ركض «فهد العريفي» بالحوار لتأكيد «الآخر» الذي يثري ولا يسلب، وكان «التواصل» ومازال: بوابة يشرعها «فهد العريفي» لتأكيد: الرأي الآخر، والبعد الآخر، والحرية المعاشة!!
وفي مشاركتي هذه لتكريم «الكاتب/ الفارس»: فهد العريفي.. استرجع حواراً قديماً، لعلني «احطت ابا عبدالعزيز به علماً»، وكان مع مثقف عربي ذات مساء على شفة النهر الخالد في مصر.. وكنا نتحدث عن «التواصل» الذي يعض عليه/ فهد العريفي بالنواجذ، فقال:
التواصل:« إشكالية» تطرح نفسها في وطننا العربي من محيطه الى خليجه.. ليس على صعيد منطقة جغرافية واخرى فحسب، وانما على صعيد المنطقة الواحدة.. فالتواصل: يعني الحوار.. يعني القبول بنسبة الاشياء بحثاً عن نقاط تقاطعاتها!!
ولعل الاستاذ/ الشيخ فهد العريفي يضمن هموم قضايا فكره وحواره: قضية التواصل.. خاصة بعد ان قال ذلك المثقف: ان من تسمونه المبدع الخليجي: احسبه لا يريد ان يسعى الى الاشياء بصورة عامة، بل هو يريد حضورها اليه، كما اعتاد في بقية جوانب حياته الاجتماعية!!
ولا اظن ان ذلك «الشقيق» كان يشتم، بقدر ما كان يطرح «رأياً آخر»، ونحن نضيق بالرأي الآخر ولا نطيق سماعه!!
«4»
* اما قبل.. فانني ادخل الى بهاء شخصية «فهد العريفي» بكلمات لا اجد حرجاً في تكرارها دائماً عنه في كل محفل، ومناسبة لتكريمه.. لانها كلمات التقدير الصادق، اما «التقييم».. فمن يقدر ان يلم شمولاً بأبعاد شخصية في ثراء «الانسان/ فهد العريفي»؟!
فاليه ابعث بنشيدي عنه:
سلاما ايها «الصفي» النقي: الصادق ايماناً بالوطن.. الشجي بوحاً للإنسان من الإنسان في اعماقك!
عذراً شيخنا الوقور المتلألىء بهذا الاعتصام ان تباعدت مراكب كلماتنا عن شواطئك الهاجعة في هذه المراوحة منا بين: الوصل والفصل.
عذراً اخانا الاكبر المنتصب في خاصرة النخل ان جئناك الآن لتحتمل عنا الشوق والوفاء.
يا ابا عبدالعزيز:
ايها العالي بغير تعالي.. وهذه العبارة «المازورة» اقتبستها من نشيد كلمة قالها ذات صباح:
استاذي، ومعلمي، وابي الروحي/ محمد حسين زيدان، يصف بها «مشعل السديري» قبل ان تتبعثر ذاكرته القديمة في خدوش الحاضر!!
اما عنك انت.. فقال «الزيدان» وهو يركزك علماً في قمة الكلمة:
«فهد العريفي: بنَّاء مواقف، وصانع معاني.. مواقفه: بيان إنسان، ومعانيه ابواب لحيران.. هو نخلة في ارض لا ترويه لكنه سخي بثمره لها»!!
فهد العريفي: تسكنه «شرفات» من اصداء تاريخ النبلاء.. ومعراج فكره: قفزة الى اثبات قاعدة التكامل بين المعنى والفعل.. بين الحقيقة والواقع.. بين بصيص الضوء والدعوة إلى المعرفة.
و الفضاء في مشوار عمر «فهد العريفي»: لم يكن يوماً: مسافة.. بل كان: عبوراً الى الوعي والاكتشاف بكلمة حق، وبموقف فارس!
بوصلته في الفكر: نحن والعالم.. لنعرف، لننهض، لنتمسك بملامحنا.
ايقاعه في الحس: وطن يعرف كل اماكنه، وان اشاحت عنه بعض مكامنه!
مجبول بالوطن، وفيه.. وله ضفاف من الخفق والنبض، كل خفقة ونبضة منهم تنتمي الى الوطن الاعز.
كثيرا ما كان يفرُّ من قلبه محتمياً بعقله الذي يتصدر: دمعته وفروسيته.
انه هذا «الإنسان»/ المغروس رمحاً مبلوراً من كلمة حق.. يقولها غالباً في اللحظة الفاصلة ما بين الغسق والقسق!
«5»
اما بعد.. فاليك سلامي الذي يتدفَّأ ابداً بأصالتك:
ايها المدار المنتمي الى قمر عربي، و: نخلة، ورملة، وتمرة،.. و.. هيل الاكرمين:
ما ادراك ايها الكبير بلون هذا الواقع العربي، والعرب فيه يتموهون ما بين: استرجاع صمتهم.. و .. انتشاره؟!
نشيد الحزن يتعالى من حفافي «نقطة» من ملايين النقاط في نهاية كل سطر صرنا نكتبه ويتحول الى حدق!
ما اقسى الكلمات التي تكاد تصبح: اعشاب صحراء تنفرد الشمس بها حتى المدى.
سلاماً؟ كلماتك.. حدود محبتك.. يمامتنا.. عشقنا الذي تخثَّر دمه.
سلاماً/ ضجرنا.. سكوننا الرمادي.. حتى العظم.
ومنَّا لك ايها الصفيُّ النقي هذا المسرى: لعله مساحة صحو..وهو بالتأكيد ابعاد محبة لك!
الثقافية
* كان حقُّ هذا المقال «الجميل» من كاتبنا «الأجمل» ان ينشر قبل «اسبوعين» مع «الملف» الاحتفائي «بأبي عبدالعزيز».. لكنه تاه في «خطوط» التقنية.. فحسبناه «نائياً».. وحسبنا «ناسين» او «متناسين»..!
فالى استاذنا الكبير عبدالله الجفري اعتذار من لا حول له.. اذ لم تستطع إمكانات الفاكس الارتقاء الى «قامتك» الممتدة وفاءً ونبلاً وعطاءً.
وربما شاءت هذه «المعزوفة الساحرة» أن تجيء متأخرة ..لتمثل النشيد.. الأحلى في خاتمة «ملف الحب» لرمزنا المشرق فهد العريفي..
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
المنتدى
كتب
وراقيات
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved