الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 19th April,2004 العدد : 55

الأثنين 29 ,صفر 1425

التاريخ المُغَيَّب ..وهيمنة الإلغاء
فوزية محمد الجلال
في دراستها الاستقرائية (مائة عام من الرواية النسائية) توصلت الباحثة والناقدة السورية الدكتورة بثينة شعبان إلى أن الرواية العربية قد أسست لها (امرأة).. وهي نتيجة تفتح الباب على مصراعيه للأسئلة والدهشة، وربما الاختلاف، كما تقصي رواية (زينب 1914م) لمحمد حسين هيكل، الذي توارى خلف (فلاح مصري) عن مقعدها الوثير الذي شغلته قرابة المائة عام، وجنت عبره مديح الريادة والسبق، لتتوج رواية (حسن العواقب 1899م) للروائية اللبنانية (زينب فواز 1846 1914) كأول رواية عربية.
وحول هذا التحول الذي يبدو حادا في تاريخ الرواية العربية، يقول الدكتور محيي الدين صبحي في معرض تقديمه لهذه الدراسة: (هذا الكتاب من النوع الذي يحدث تحولا أساسيا في نظرتنا إلى الرواية العربية، ومدى إسهام المرأة في نشوئها وارتقائها ومواكبتها للمنعطفات الكبرى في تاريخ الوجدان العربي، إن نظرتنا إلى الرواية العربية لن تبقى على حالها بعد قراءة الكتاب.. إن هذا الكتاب ليس موسوعة عن الرواية النسوية العربية فقط، وإنما تاريخ للوعي النسائي العربي بالفن والمجتمع؛ لهذا تحس وأنت تقرؤه بتفتح الوعي واتساعه وتطور الفن وتعقده، وتحس بالرواية العربية تنمو وتنفتح، وتتقدم علىكل المستويات..). وهو كما يبدو تصريح منهجي يخلو من أي عاطفة قد تفهم حول ريادة الرواية العربية. وبهذه النتيجة تكون الدراسة قد ساهمت في مغادرة (أروى بنت الخطوب 1950م) لوداد سكاكيني لمقعدها الريادي في تاريخ الرواية العربية النسائية، وتحولها إلى مجرد رقم ببليوغرافي في النتاج الأدبي النسائي. وإلى جانب (زينب فواز) أشارت الدراسة، في تتبع تاريخي، إلى عدد من الروائيات العربيات اللواتي شكلن التاريخ الفعلي المغيِّب للرواية النسائية وريادتها للرواية العربية،ومنهن: (لبيبة هاشم) وروايتاها: (قلب الرجل 1904م)، (شيرين ابنة الشرق 1907م). تلتها (فريدة عطايا) وروايتها (بين عرشين 1912م). و(حسناء سالونيك) ل(لبيبة صوايا)، وأكثر من ست روايات ل(عفيفة كرم) من أهمها (بديعة وفؤاد) و(غادة عمشيت)، أي أن لدينا كما تؤرخ الباحثة، أكثر من ثلاثة عشر عملا روائيا نسائيا صدرت جميعها قبل صدور رواية (زينب) لمحمد حسين هيكل في 1914م!. أما رواية (بديعة وفؤاد 1906م) لعفيفة كرم، فهي بحسب الدراسة أول رواية عربية تناقش علاقة الشرق بالغرب، وهي نتيجة أخرى أرغمت (عصفور من الشرق 1938م) لتوفيق الحكيم على التنحي، عن ريادة دامت حوالي سبعين عاما، حين عدها النقاد أول رواية عربية عنيت بقضية مناقشة العلاقة بين الشرق والغرب. ولم تكتف دراسة الدكتورة شعبان (بمسلسل الإقصاء والإحلال) هذا، بل إنها همشت، على مستوى البناء الفني (كل) الأعمال الرجالية التي صدرت قبل (حسن العواقب) واعتبرتها محاولات غير ناضجة، بل هي مزيج بين المقامة والرواية الحديثة.
وقد حمّلت الباحثة في هذا الطرح الجريء والمخالف للسائد، مسؤولية تجاهل الدور الريادي والإرث الإبداعي للمرأة وربما تغييبه لحركة النقد العربية، وقصورها في تتبع النتاج الأدبي النسائي بأجناسه المختلفة، ومن واقع هذه الدراسة، وبعيدا عن أولئك الذين يخشون صدمة التغيير ومواجهة الاختلاف، تثور الأسئلة:
هل من دراسة دراسات تتابع ما بدأته بثينة شعبان، وتتصدى للكشف عن المزيد من إرث الكتابة النسائية، ولاسيما في مجال الشعر الجاهلي، وفق شروط البحث وأخلاقياته؟
هل ستستفز نتائج هذه الدراسة النقاد، وربما السرديين للخوض بشفافية في أعماق التجربة الإبداعية النسائية المحلية بعيدا عن هيمنة الإلغاء والنرجسية؟
قد نحتاج أكثر إلى قيام عدد من الملتقيات حول نشأة الأدب النسائي المحلي، تحتضنها الجهات الراعية للأنشطة الثقافية، وليكن أحدها، القطاع الثقافي بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة الذي تحسب له المبادرة والريادة في عقد وتنظيم عشرات الملتقيات التي ناقشت الواقع الثقافي والإبداعي المحلي للمرأة والرجل معاً.


fjallal@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved