الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 19th April,2004 العدد : 55

الأثنين 29 ,صفر 1425

الشعر البصري.. وأزمة التلقي
عبد الرحمن بن حسن المحسني*
* نموذج (1)
* راء......
* (2)
* لعل المكان استدار...استداااااار
* (3)
*لا شيء ...... إلا الرماد
* ف
* ر ر
* ا ا
*غ فراغ غ
* (4)
* (حراج..حررررررااااااج)
* (5)
* بصمة
* ب
* .
* .
* بصمة ص...م ..بصمة
* .
* .
* .
* ة
* بصمة
*
*
* الأشكال التي تم اختيارها أعلاه تشكِّل بنية هندسية فنية، اعتمدها الشاعر سعد الحميدين في ديوانه (وللرماد نهاراته)، وهو معمار فني عمد إليه الشاعر، ويمكن أن نقف معه وقفات:
أولاً: إن هذا النمط الكتابي يلغي شفاهية التلقي الشعري، ويجعل مدار التلقي قائماً على الرؤية البصرية. وبغير هذه الآلية فإنه من الصعوبة الوصول إلى تكهن التجربة، ونحن نعلم أن شعرنا العربي كان قائماً في نشأته الأولى على الإنشاد والحفظ، وآلية التلقي كانت السمع. ولا نريد أن ندخل في جدلية المفاضلة بين الحاستين، والتي تكشف لنا عن البعد التكنيكي الواعي لاعتماد العربي الأول على حاسة السمع كمفتاح للولوج إلى تصورالمتقبل.
ثانياً: في ظل معطيات العصر والتمازج المعرفي ظهرت إفادة الإبداع من المخزونات الثقافية المتعددة، فرأينا الإبداع يفيد من المعمار الهندسي في بناء النصوص الشعرية، كما يفيد من الرسم التشكيلي والمسرح والفنون المعرفية المختلفة في سعي من الشاعر المعاصر لبناء نص يمثل العصر.
ثالثاً: يحاول الشاعر المعاصر ردم الهوة والمقاربة بين تجربته الفنية وبين المتلقي مستخدماً شتى طاقته في محاولة التقريب، بعد قطيعة من الغموض غلَّف التجربة الحديثة لتجيء قصيدة التفعيلة بروَّادها العرب لتخرج الشعر من غموض الذات ومن الترميز الفني إلى الواقعية؛ إلى المجتمع، فيصبح الشعر رسول المجتمع، ويصبح الشاعر صوت الجماعة لا الفرد. ونص الحميدين يحاول من خلال توقيعاته البصرية أن يضع للقارئ شفرة للوصول إلى استكناه نصوصه.
رابعاً: أكثر الحميدين من اعتماد الإيقاع البصري في ديوانه، ورأيته في أكثر من 23 موضعاً من ديوانه المتوسط الحجم، وقلما تجد صفحة إلا وفيها إيقاع بصري أو أكثر، يوفق في هذا تارة فيأتي إيقاعه البصري داعماً للمعنى الذي أراده؛ مثل ( لعل المكان استداااااار حررررررااااااج)، وتارة لا يجد القارئ تفسيراً لبعض إيقاعاته البصرية، وربما كان المعنى في تكوين الشاعر لنرتد معه إلى تراثية أولى أو إلى غموض حديث تجاوزه الإيقاع الذي كتب عليه الشاعر من مثل:
* ( راء.....)
ومثل قوله:
* وبكل أجناس العبارة
* *
* *
* *
* تلك آفاق الأولى جلبوا المجرة
وقد كرَّر هذا الشكل الإيقاعي في أكثر من أربعة مواضع. ومثل تكرار كلمة (نعم ) 27 مرة، وأتى بها على شكل هرمي ومقطوع، ولا أعتقد أن غير الشاعر سيعي أبعاد رؤية الشاعر، كما أنه لا يمكن أن نتصور الشاعر على خشبة إلقاء وأمامه جمهور يصفق لأن هذه البصرية الإيقاعية تشكل خروجاً بالنص من الشفهية الأولى إلى القرائية التي ربما عمد إليها الشاعر ليحرف تقبلية النص عن مساقها إلى مساق أراده الشاعر المعاصر بعد أن فقد الشعر جمهور الشعر، محاولاً التشبث بتصور ورؤية المتقبل والمصالحة البصرية معه.


*ناقد وأكاديمي سعودي

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved